كـيـف تتـجنب الفـتـن؟
نعيش في زمن كثرت فيه الفتن، وأصبح المسلم يرى الفتن بكرة وعشياً، وعمَّ في هذا الزمان من البلايا والمحن والنوازل والخطوب الجسام الشيء الكثير، وكل ذلك بسبب ما آل إليه حال الإسلام والمسلمين من ضياع وتشتت لبعدهم عن منهج الإسلام، وتفشي المنكرات في بلاد المسلمين.
وقد وردت أحاديث عدة في شأن الفتن، منها ما رواه أبو هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمنا ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا»، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يتقارب الزمان، ويقبض العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج، وقالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل».
ومن رحمة الله عز وجل بنا أن بينَّ لنا السنة العلمية التي عمل به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون وأئمة السلف عندما يستجد شيء من الحوادث والفتن، وكيف تعاملوا معها حتى نقتفي أثرهم، ونسير على نهجهم، ومن سار خلف مهتدٍ ووفق الأدلة الشرعية فلن يندم أبداً. ومن تلك العواصم:
أولا: الاعتصام بالكتاب والسنة: فإنه لا نجاة للأمة من الفتن والشدائد التي حلت بها إلا بالاعتصام بالكتاب والسنة؛ الآية، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي» ويقول[: «إنها ستكون فتنة، قالوا: وما نصنع يا رسول الله، قال: ترجعون إلى أمركم الأول».
ثانياً: الالتفاف حــول العلـماء: وهو معين على عدم الزيغ والانحراف في وقت الفتن، وكيف لا؟ وهم أنصار شرع الله الذين يبينون للناس الحق من الباطل، والهدى من الضلال.
ثالثا: لــزوم الجمــاعة: يقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: 103)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : «عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «الجماعة رحمة والفرقة عذاب»، فالمخرج عند حدوث الفتن والحوادث لزوم جماعة المسلمين، والجماعة ليست بالكثرة، ولكن من كان على منهج أهل السنة والجماعة فهو الجماعة.
رابعاً: التسلح بالعلم الشرعي: يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «يتقارب الزمان، ويقبض العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل».، فالعلم الشرعي مطلب مهم في مواجهة الفتن حتى يكون المسلم على بصيرة من أمر دينه، وإذا فقد المسلم العلم الشرعي تخبط في هذه الفتن.
خامساً: التأني والرفق والحلم وعدم العجلة: فالتأني والرفق والحلم عند الفتن وتغير الأحوال محمود؛ لأنه يُمكِّن المسلم من رؤية الأشياء على حقيقتها، وأن يبصر الأمور على ما هي عليه.
سادساً: الثقة بنصر الله وأن المستقبل للإسلام: فمهما ادلهمت الظلمات، ومهما اشتدت الفتن وأحدقت بنا فإن المستقبل لهذا الدين: يقول الله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ}(يوسف: 110).
سابعاً: النظر في عواقب الأمور: ففي زمن الفتن ليس كل مقال يبدو لك حسناً تظهره، ولا كل فعل يبدو لك حسناً تفعله؛ لأن القول أو الفعل زمن الفتنة يترتب عليه أمور، يفهم بعضهم أشياء لا تبلغها عقولهم، ويبنون عليها اعتقادات أو أعمالاً أو أقوالاً لا تكون عاقبتها حميدة، وسلفنا الصالح أحبوا السلامة في الفتن فسكتوا عن أشياء كثيرة طلباً للسلامة في دينهم.
ثامنا: الصـــبر: نحتاج إلى الصبر كثيراً، ولاسيما عند الفتن. يقول صلى الله عليه وسلم «إن من ورائكم أيام الصبر، الصابر فيهن كالقابض على الجمر، للعامل فيها أجر خمسين، قالوا: يا رسول الله أجر خمسين منهم أو خمسين منّا؟ قال: خمسين منكم»، وكما في حديث سمرة بن جندب قال: «كان يأمرنا إذا فزعنا بالصبر والجماعة والسكينة».
تاسعاً:الحـذر من الإشــاعــات: لا شك أنه في وقت الفتن تنشط الدعاية، وتكثر الإِثارة، وهنا يأتي دور الإِشاعة.ومن المعلوم أن التثبت مطلب شرعي لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}(الحجرات: 6)، ويقول عليه الصلاة والسلام: «كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع».
عاشراً: البعد عن مواطن الفتن: فالبعد عن الفتن واجتنابها وعدم التعرض لها وعدم الخوض فيها مطلب شرعي في زمن الفتنة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به.
وأخيرًا: التعوذ بالله من الفتن: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله كثيراً من الفتن كما في حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم قال: «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن»، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله [ قال: أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فذكر الحديث. وفيه قوله تعالى «يا محمد إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني وتتوب علي، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون».
لاتوجد تعليقات