قواعد نبوية (9) الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ
قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. أسوة حسنة، أي قدوة في الحياة، نستفيد منه في الأخلاق وفي التعامل، في علاقتنا مع الله -تعالى- وفي عبادتنا في الطريق الموصلة إلى الجنة؛ لأن في طاعته الهداية والسعادة. {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
قاعدة اليوم (الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ)، فديننا دين أخلاق، دين تعامل؛ بحيث يكون الإنسان عنده حياء أولا من الله ثم حياء من الناس، هذا الحياء لا يأتي إلا بخير، وأصل هذه القاعدة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما رأى رجلا يعظ أخًا له في الحياء، ودعاه إلى ألا يستحيي، نهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: «دعه، فإن الحَياء لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ»؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - بيّن أن ديننا دين أخلاق، بل من مقاصد بعثته -صلى الله عليه وسلم - إتمام مكارم الأخلاق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ». ولما بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم - شعب الإيمان قال -صلى الله عليه وسلم -: «الإيمانُ بضعٌ وسبعون شعبةً، أعلاها قولُ لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ»من دين الله -تعالى- أن يكون الإنسان حييا
أن يكون عند الإنسان حياء من الله -تعالى- ثم حياء من الناس، من أن يقترف أمرا محرما أو أمرا مخلا بالآداب العامة، أو أمرا مخلا بالمروءة؛ فإن هذا من دين الله -تعالى- أن يكون الإنسان حييا، والله -تعالى- حيي ستير، فهي صفة من صفات الله -تعالى-، أن الله -تعالى- يستحيي من عبده. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللَّهَ حيِيٌّ كريمٌ يستحيي إذا رفعَ الرَّجلُ إليْهِ يديْهِ أن يردَّهما صفرًا خائبتينِ»، وهذا من فضل الله ومن كرم الله ومن إحسان الله أن الله لا يرد عبده أبدا، بل يعطيه خيرا في هذا الدعاء.الحياء شعبة من شعب الإيمان
إذًا الحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو خلق من أخلاق الإسلام، بل بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم - أن من أعظم أخلاق الإسلام الحياء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لكلِّ دينٍ خُلقٌ وخلقُ الإسلامِ الحياءُ، من لا حياءَ له لا دينَ له»، وكل دين له خلق يميزه، وديننا أعظم ما يتميز به: أن أفراده عندهم هذه الصفة، هي الحياء. الرجل لابد أن يستحيي، والمرأة أيضا لابد أن تستحيي، وكذلك الصغير والكبير ينبغي أن يكون عندهم حياء أولا من الله، من اقتراف المحرمات، فلا يراك الله -تعالى- حيث نهاك، أو أن يفقدك حيث أمرك. قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «استحيوا من اللهِ -تعالى- حقَّ الحياءِ، من اسْتحيا من اللهِ حقَّ الحياءِ فلْيحفظِ الرأسَ وما وعى ، ولْيحفظِ البطنَ وما حوى، ولْيذكرِ الموتَ والبِلا، ومن أراد الآخرةَ ترك زينةَ الحياةِ الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من اللهِ حق الحياءِ». من تذكر هذه الأمور وفعلها فإنه قد استحيا من الله حق الحياء.أمثلة عظيمة في حياء النبي - صلى الله عليه وسلم
النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب لنا أمثلة عظيمة في حيائه من الله -تعالى- وفي حيائه من الناس، قال عمران بن الحصين - رضي الله عنه -: «كان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - أشدَّ حياءً من عذراءَ في خِدْرِها وكان إذا كرِه شيئًا عرَفْناه في وجهِه»، العذراء في خدرها هي البنت الصغيرة التي لم يسبق لها الزواج؛ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد - أي أكثر - من العذراء في خدرها، يستحيي من الناس إذا طلب منه أحد شيئا أو أن يقترف أمرا محرما. مع الأسف اليوم بعض شبابنا افتقدوا هذه الصفة وهذه الخصلة الجميلة من أخلاق الإسلام؛ فعلينا أن نربي أولادنا، وأن يتصف شبابنا وبناتنا أيضا بهذه الصفة الجميلة وهذا الخلق العظيم من أخلاق الإسلام، أن يكون عندهم حياء من الكلام البذيء، أو فعل ما يستقبح من الأفعال والأمور التي يستنكرها الناس. تقول له: ما المانع أن تفعل هذا الأمر؟ يقول: والله انا أستحيي أن أفعل هذا الأمر أمام الناس. ومع الأسف الشديد تجد اليوم بعض الشباب لهم ملابس قد تكون مخلة بالآداب؛ والسبب أنه ما تعلم هذا الخلق الرفيع وهذا الخلق العظيم، خلق الحياء؛ لأنه هو خلق الإسلام، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكلِّ دينٍ خُلقٌ وخلقُ الإسلامِ الحياءُ». إننا في أشد الحاجة اليوم إلى أن نرجع إلى سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وإلى أخلاق ديننا؛ فهي من أعظم الأخلاق على الإطلاق، ويجب علينا أن نلتزمها التزمنا بها وجعلناها واقعا عمليا في حياتنا.
لاتوجد تعليقات