رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي 19 فبراير، 2024 0 تعليق

قواعد نبوية (13) المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِه

  • المسلم الحق الذي يسعى في رضوان الله تبارك وتعالى هو الذي يسلم المسلمون ويسلم الناس من لسانه ومن يده فلا يعتدي على أحد بقول ولا بفعل
  • الأخلاق لها ارتباط وثيق بالإيمان وأفضل الأخلاق أن تكف أذاك عن الناس
 

عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه»، هذا حديث عظيم يمثل قاعدة نبوية تجعل الإنسان مرتاحا سعيدا في علاقته مع غيره من الناس. فالمسلم الحق الذي يسعى في رضوان الله -تبارك وتعالى-، هو الذي يسلم المسلمون ويسلم الناس من لسانه ومن يده، فلا يعتدي على أحد بقول ولا بفعل، وهذا غاية ما علمنا إياه النبي - صلى الله عليه وسلم - في العلاقة مع الآخر، ومع الأسف أن بعض الناس اليوم أصبح فاكهة المجالس عنده أن يتكلم في الناس، ويجرح أعراضهم، ويطعن في الذمم، وفي الأنساب، وفي العلاقات، وفي غيرها من الأمور، يتكلم بالغيبة.

        تذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث النبوي الشريف الذي يمثل هذه القاعدة «المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ»؛ فاحذر أخي الكريم، وأختي الكريمة، أن نغتاب الناس أو نمشي بينهم بالنميمة، قال الله -تعالى-: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (الحجرات: 12).

فظاعة الغيبة

         تخيلوا من فظاعة الغيبة، أراد الله -تعالى- أن يبين لنا فظاعتها وشناعتها، وأنها جريمة كبرى في حق الناس، عندما يبدأ المغتاب بالطعن والانتقاص والاحتقان والازدراء والكلام فيما لا يرضي الطرف الآخر، فشبه المغتاب بآكل لحم أخيه الميت، وهو أمر غير مستساغ، وتأباه فطرة البشر.

لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ

        والنميمة كذلك، فعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أنَّهُ بَلَغَهُ أنَّ رَجُلًا يَنِمُّ الحَدِيثَ فقالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ»، وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ» والقتات هو الذي يقتات على لحوم الناس، وعلى أعراض الناس بالكلام والاستهزاء أو التنقص أو يثير القطيعة بين الناس، ينقل الحديث من هذا الطرف إلى الطرف الآخر ومن هذا الشخص إلى الشخص الآخر؛ لأجل أن يفسد العلاقات، وما أكثرهم اليوم إلا من رحم الله! الزملاء في العمل ما شاء الله من أروع ما يكون، علاقتهم محبة ومودة وإهداء وسلام، لكن لما يدخل بينهم هذا النمام يُفَرّق ما بينهم، وهذا موجود مع الأسف، ويشتد الأمر شناعة إذا كان بين الأرحام والأقارب، وبين أبناء العم والخال، وهذا لا شك فيه معصية لله -تعالى-، قال الله -عز وجل-: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}، هؤلاء هم الذين قطّعوا أرحامهم، وهؤلاء هم الذين أفسدوا العلاقات بين الناس وساهموا في الفرقة؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدخل الجنة، إذًا لابد أن يسلم الناس منك من هذه المعصية، من الغيبة وكذلك النميمة.  

ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ

         وبعض الناس -مع الأسف- والناس حاضرون دائما يلعن، ودائما على لسانه السب، ودائما على لسانه فاحش الكلام وبذيء القول، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البذيءِ»، هذا الذي يطعن ويلعن ليس بالمؤمن، حتى لو تعطلت السيارة لعنها. فعن جابر - رضي الله عنه - قال: «سِرْنَا مع رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ، وَهو يَطْلُبُ المَجْدِيَّ بنَ عَمْرٍو الجُهَنِيَّ، وَكانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ علَى نَاضِحٍ له، فأنَاخَهُ فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عليه بَعْضَ التَّلَدُّنِ، فَقالَ له: شَأْ، لَعَنَكَ اللَّهُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَن هذا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ؟ قالَ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: انْزِلْ عنْه، فلا تَصْحَبْنَا بمَلْعُونٍ، لا تَدْعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَمْوَالِكُمْ، لا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ» فلا يكن الإنسان لعانا، ولا فاحشا يتكلم بما فحش من القول، بعض الناس كلامه كلام بذيء، يزداد الأمر خطورة عندما تنتقل هذه الصفة إلى الأبناء والبنات، حين يسمعون الوالد أو الوالدة يسبان ويشتمان ويلعنان، لذلك هو أدب نبوي عظيم وقاعدة جليلة (المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِه).

أوَ إنا لمؤاخذون بما نتكلم؟

        لما سأل معاذ بن جبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: يا رسول الله، أوَ إنا لمؤاخذون بما نتكلم؟! قال - صلى الله عليه وسلم -: «يا معاذُ ثَكِلَتْكَ أمُّك، وهل يَكُبُّ الناسَ على مناخرِهم في جهنَّم إلا ما نطَقتْ به ألسنتُهم، فمن كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ فلْيقُلْ خيرًا، أو يسكتْ عن شرٍّ، قولوا خيرًا تَغنَموا، واسكتُوا عن شرٍّ تَسلَموا» فليسلم الناس من ألسنتنا ومن اعتدائنا لا باللسان ولا باليد، وهذا هو المسلم الحقيقي، وديننا دين أخلاق، والأخلاق لها ارتباط وثيق بالإيمان، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحاسنُهم أخلاقًا، وإنَّ المرءَ ليكونُ مؤمنًا وفي خُلُقِهِ شيئًا فيُنقصُ ذلكَ من إيمانِه»، وأفضل الأخلاق أن تكف أذاك عن الناس.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك