قواعد نبوية (12) القرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك
- القرآن حجة لمن قرأه وتدبره وعمل بما جاء فيه وحجة على من أعرض عنه ولم يعمل به فقد قال صلى الله عليه وسلم : والقرآن حجة لك أو عليك
- القرآن كلام الله تعالى وهو حبله المتين وصراطه المستقيم من تمسك به اهتدى ومن أعرض عنه ضَلَّ وهَوَى
اليوم نحن أحوج ما نكون إلى أن نرجع إلى سنة رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، ونتعلم سيرته وحديثه وسنته، ونعمل بما جاء فيها، قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}، ومن أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - العظيمة التي تعد قاعدة من القواعد المهمة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «والقرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك».
هذا القرآن الذي خاطبنا الله -تعالى- به، وأنزله على رسوله ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، إما أن يكون حجة للإنسان أو حجة عليه، حجة له إذا قرأه وتدبره وعمل بما جاء فيه، وهذه كلها من معاني الإقبال على كتاب الله -تعالى-، قال الله -عزوجل-: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}.القرآن عظيم
القرآن عظيم، والقرآن سعادة، والقرآن راحة، قال ربنا -جل وعلا-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، فيحتاج الإنسان إلى أن يتعلم هذه القاعدة، ويعلم أن القرآن -يوم القيامة- يكون شفيعا لنا عند الله -تعالى-، يأتي القرآن شفيعا لأصحابه الذين كانوا يقرؤونه، الذين كانوا يرتلونه ويحفظونه في الدنيا، «يُقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها».القرآن صاحب للإنسان
فالقرآن صاحب للإنسان في الدنيا، وصاحبه حتى إذا دخل الجنة، بأن يرتقي أعلى المراتب، والقرآن والصيام يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، مع أنه واجب علينا أن نقرأ القرآن، وأن نُقبل على كتاب الله -تعالى-، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بيّن لنا أجورا وفضائل وحسنات لمن قرأ القرآن، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما إنِّي لا أقولُ لكم: {الم} حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ، ثلاثونَ حسنةً»، بمعنى كل حرف بعشر حسنات، فألف لام ميم ثلاثون حسنة، الله أكبر على هذا الفضل العظيم، وهذا الأجر الكبير، إذا كانت هذه الأحرف بثلاثين حسنة، فما بالكم بمن كل يوم يختم جزءا من القرآن، وهو سهل يسير على من يسره الله -تعالى- عليه. قال الله -عز وجل-: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}.القرآن الكريم سهل يسير
الإنسان يُقبل على القرآن الكريم بسهولة ويسر، ويتعلم كلام الله -تعالى-، ويتعلم كيف يقرأ كلمات القرآن، يتعلم التجويد، وهذا سهل يسير، اليوم -الحمد لله- حلقات العلم ومراكز تعليم القرآن الكريم، لا تجد منطقة من المناطق في الكويت إلا وبها مركز من مراكز تعليم القرآن الكريم، والحمد لله اليوم مع تطور علم الحديث أصبحت الحلقات الإلكترونية، وأصبح التعليم عن بعد، وأصبحت الفصول الافتراضية، يستطيع الإنسان أن يتواصل مع معلمه ومحفظه، المرأة مع معلمتها ومحفظتها، تسمع عن طريق السماعة وعن طريق الهاتف والحلقة الإلكترونية، يستطيع أن يقرأ ويتلو ويصحح القراءة، المهم أن تقبل على كتاب السعادة، كتاب الفرح، كتاب الانشراح، كتاب البركة. {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}.سعادة زائفة
اليوم -مع الأسف- بعض الناس يلجأ إلى بعض الأسباب المادية، يبحثون عن السعادة وعن الراحة والطمأنينة، وما علموا أنها في كتاب الله -تبارك وتعالى-، السعادة والراحة في القرآن الكريم، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب قراءة القرآن ويحب الاستماع إليه، فكان يوما مارا في طريقه إلى بيته، فاستمع إلى قارئ للقرآن يقرأ داخل المسجد، فتوقف يستمع ويتلذذ بالاستماع إلى كتاب الله -تعالى-، فلما انتهى استماع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بيته، فلما أصبح قال لذلك الصحابي الذي عرفه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: لقد رأيتني البارحة وأنا أستمع إلى قراءتك، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داوود. هذا الصحابي هو عبدالله بن قيس أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه .النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب القرآن
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب قراءة القرآن، ويحب الاستماع للقرآن، ويحب أن يتعلم القرآن، ويحب أن يعلم القرآن؛ ففي رمضان كان ينزل عليه جبريل أمين السماء يعلمه كتاب الله -تعالى-، يقرؤه وهو يردد خلفه - صلى الله عليه وسلم -، إلا في العام الذي توفي فيه قرأ عليه القرآن وراجعه عليه مرتين.قاعدة نبوية عظيمة
إذًا هذه القاعدة النبوية العظيمة، وهذا الحديث الشريف، يجعل الإنسان يراجع نفسه، القرآن إما حجة لك أو عليك، ويوم القيامة يشتكيك القرآن ويشتكيك النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الله -تعالى-: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}، يشتكيكم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله -تعالى-، والسبب أن الإنسان هجر القرآن مع ما فيه من التثبيت والراحة والسعادة والطمأنينة والشفاء. يقول الله -تعالى-: {وَنُنـزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، هذا القرآن شفاء ورحمة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أصابه ألم أو بأس وضع يده على موضع الألم ثم قرأ عليه آيات من القرآن الكريم تكون فيها الشفاء.فضل القرآن الكريم
إن القرآن كلام الله -تعالى-، وهو حبله المتين، وصراطه المستقيم، من تمسك به اهتدى، ومن أعرض عنه ضَلَّ وهَوَى، أثنى الله عليه في مواضعَ كثيرة منه؛ ليبين فضله، ويوضح للناس مكانته ومنزلته، قال -تعالى-: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الزخرف:3 - 4)، وقال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: 41 - 42). فما من باطل إلا وفي القرآن ما يدمغه، ولا شبهة إلا وفيه بيان بطلانها، قال -تعالى-: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (الفرقان: 33)، وقال -تعالى-: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (الأنبياء: 18). سمَّاه الله نورًا، وجعله للناس شفاءً. قال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (الشورى: 52)، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} (يونس: 57). أعجب به الجن لما سمعوه، فآمنوا به واتبعوه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} (الجن: 1: 2)، وتكفل الله بحفظه وأعجز الخلق أن يأتوا بمثله، قال -تعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9)، وقال -تعالى-: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء: 88)، وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ). ولهذه الفضائل العظيمة لكتاب الله، أمر الله بتلاوته والعمل به وتدبره، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر: 29: 30).
لاتوجد تعليقات