قواعد لحل مشكلات أطفالنا التربوية
احذر استخدام طريقة المحقق والمهاجم، فهي لا تولد إلا الكذب أو العناد، بل اجعل علاقتك مع ابنك علاقة صديق، وليست علاقة رئيس ومرؤوس
لا تفتر عن الدعاء بأن يصلح الله لك ولدك، فما نبذله إلا أسباب يُبرئ العبد بها ذمته عند الله، والهداية على الله تعالى
- من الخطأ أن نترك أولادنا في الشارع أو تحت سيطرة القنوات أو المجلات الهدامة ليتربوا على ما فيها من حثالة أفهام الناس وزيف حضارتهم
يتعرض الإنسان الى ظروف كثيرة ومعقدة في تربية الابناء فينبغي أن يعرف الأب أن الأبناء عادة يخطئون وأنه هو المطالب بتصحيح تلك الأخطاء، كما يجب أن نمتدح مواقف الأبناء الإيجابية ونثني عليهم دون مبالغة، مما يمنحهم الأمان والاستقرار وبالتالي حل المشكلات التي تعتريهم، كما يجب أن نتجنب العقاب أثناء الغضب بل ننتظر حتى تهدأ الامور ثم نحاسبهم على أخطائهم، ويجب أن يُحذَّر الابن من الصحبة السيئة، وما قد يعرضه التلفزيون من برامج هدامة تضر بهم، وكذلك الأجهزة والألعاب الإلكترونية كما لا يجب أن ننسى الدعاء وأهميته وأن نطلب من الله التوفيق والسداد في تربيتهم.
الأصل في الابن الخطأ غالبًا
اعلم أن الأصل في فعل الابن الخطأ غالبًا، وأنك أنت المطالب بتصحيح سلوكه؛ فلا تضجر من أخطائه، بل اجعله يستفيد من أخطائه، والله -تعالى- في كتابه الكريم ربى الصحابة -رضي الله عنهم- من أخطاء بعضهم في غزوة أحد وفي حادثة الإفك، والنبي صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء صلاته جعله يتعلم من خطئه؛ فاحرص أن لا تتضجر من الخطأ كثيرًا بقدر ما تبحث عن الأسلوب الأمثل في علاجه: بالإقناع، بالتشجيع على ضده، بالتوجيه المباشر أو غير المباشر، أو بالعقاب المناسب.
- فهذا النبي صلى الله عليه وسلم يبين أن الانتباه لهذا الأمر مهم في حق النساء، فما بالكم بالأطفال، يقول صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاقُهَا» رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه .
امدح مواقفه الإيجابية
امدح كثيرًا على كل فعل صواب يفعله ابنك: بإكثارك من قول: جزاك الله خيرًا، أحسنت، ممتاز، الله يحبك، فإذا تركت الثناء فهم الابن أنه أخطأ، وإذا كررت الثناء تربى الابن على ما تريد.
- ومن ذلك: أن تذكّره بحسناته عند غلطه؛ وأنها سبب لمسامحتك له، فتقول: لأنك حفظت القرآن سامحتك؛ لأنك قلت يوم كذا كذا عفوت عنك، وهذه وسيلة أنفع بكثير من التصريح بالجرم.
• ومنه أيضًا: أن تستخدم أسلوب أنا: أنا أحب كذا، وأنا آخذ معي من يفعل كذا، فتذكر له بكثرة ما تحب أن يكون، ولا تستخدم أسلوب أنت: أنت فاشل، أنت سيء، أنت فوضوي، حتى لا تربيه على هذه المعاني السيئة.
أعط ابنك الأمان
استخدم طريقة الأمان لحل المشكلات: احذر من طريقة المحقق والصارخ والمهاجم، فهي لا تولد إلا الكذب أو العناد، بل اجعل علاقتك مع ابنك علاقة أفقية بوصفه صديقاً، وليست علاقة رأسية بوصفه رئيساً ومرؤوساً، علاقة تفهُم؛ تنزل فيها إلى مستواه الصغير، وتبسط له الأشياء، وتفهمها عنه؛ حتى تصحح له الخطأ.
• ومثالٌ لذلك : لا تسأله مباشرة: هل صليت العصر؟؛ لأنه غالبًا لو لم يصلِ سيكذب، لكن لو قلت وجرّب هذا: متى ستصلي؟ سيخرج الوقت، سيجيبك بأنه ما صلى وسيصلي قريبًا، فصدق ووعد، وسهُل الأمر في تقويمه بعد ذلك.
-ومن الأخطاء التي تقع في هذا: أن يُساء الظن بالصغير، ويرمى بأخبث النيات وأقبحها، التي لا تتناسب أبدًا مع براءة الصغار وأفعالهم العفوية؛ فالصغير يفعل ببراءة فلا تكبر الأمور.
اعرف سبب المشكلة
لحل أي مشكلة، عليك أولاً معرفة سببها ثم السعي لعلاجها من خلال السبب الذي ولّدها: يسهل جدًا حل المشكلات إذا عرفت أسبابها الحقيقية، فبمجرد معالجة السبب تنتهي في الغالب المشكلة؛ لذا احرص دائمًا على سؤاله بمودة: ما حملك على هذا؟، وابحث فيمن حوله وبفراسة للتأكد من صحة السبب، ثم لمعرفة كيف يعالج؟
- فمثلاً : لو كان ولدك يخاف من أسفل البيت؛ لذا يركض بسرعة إذا صعد الدرج، فلا تحاول أن تنسيه مخاوفه، وتقول له لا تخف أنا معك، بل علّمه أنها لا تسبب الخوف: فقل له: ليس ثمة شيء بالأسفل، وانزل معه، ليرى بنفسه أنه ليس ثمة شيء يدعو للخوف، ولو أنك اكتفيت بالأول لما زال يخاف كلما تكرر هذا الأمر.
- ومن الخطأ أن نحسن الظن كثيرًا بالأبناء لدرجة أننا لا نصحح أخطاءهم، ونزعم بتخلينا عن هذا الدور أنها ستصلح بنفسها، وهذا خطأ في معالجة الخطأ.
اعقد اتفاقا
اتفق مع أبنائك على ما يجوز لهم فعله وما لا يجوز: وذلك بوضع أنظمة منزلية، يضعها الوالدان بالاتفاق مع أبنائهم؛ فمن الظلم أن تعاقبهم قبل أن تخبرهم بما يستحق العقاب، فمثلاً:
• ضع نظاماًٍ لحل المنازعات بين الأولاد، فمثلا: في حالة اعتداء واحد على آخر عليه ألا يرد بالمثل، بل يوصل الموضوع إلى أحد والديه مصحوبًا بالسبب في الحادثة، وعلى الوالدين في هذه الحالة المبادرة بحل المشكلة بعد التحري والتثبت، وينبغي الإصلاح بينهم بعد ذلك، وينبههم على مغبة الاعتداء والظلم.
- مما يساعدك على هذا: وضع لوحة إرشادية (سبورة) في مكان بارز من البيت، توضع فيها هذه التعليمات؛ حتى تكون بمرأى الجميع، ويضاف إليها مثلاً: حكمة اليوم، وجدول الأعمال اليومية، والمسابقات، وإعلان الفائزين ونوع الهدايا والمكافآت.
لا تعاقب وأنت غاضب
لا تعاقب ابنك وأنت غاضب: بل عِدّْه أنك ستعاقبه بعد ذلك، ثم فكر جليًا: كيف تقنعه بخطئه، وكيف تعاقبه حتى يترك خطأه؛ فالهدوء وتدارس الأمر بعيدًا عن الغضب والطيش؛ يأتي بحلول جيدة ومؤثرة في التربية.
- فمثلاً: لو بدأ يلعن أخاه، فعِدْه بالعقاب، ثم فكر كيف ستقنعه أن هذا خطأ؛ لأن الله يبغض اللعانين؛ ولأن هذا أخوك؛ ولأن الناس يكرهونك بذلك، وهكذا، ثم قل له: لذلك قررت لأنك عصيت الله وآذيت أقرب الناس إليك، وسيسوء خلقك وسيكرهك الناس لهذا الأمر، أن تحرم من النزول للعب مع الجيران الذين لعلهم هم الذين علموك هذا اللعن لمدة كذا، فإن حسنت توبتك أذنت لك باللعب معهم.
- واعلم أيها الأب الكريم: أن الصراخ لا ينفع، وأن “لكل فعل، رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه”؛ لذا يجب أن نتفهم الابن، ونستمع إليه إلى أن يتم حديثه، ونعامله برفق قدر الإمكان.
اجعله يختار العقوبة
اجعله يختار بنفسه عقوبة الخطأ لو فعله مرة أخرى: فمثلاً: سامحتك هذه المرة؛ لأنك جاهل أو غير قاصد، لكن لو كررتها مرة أخرى فبماذا أعاقبك؟ اختر لنفسك، وهذه تربية عظيمة؛ حتى لا يشعر بالظلم إن عاقبته بما اختاره هو، وحتى تكون أعظم زاجرًا له من العودة للفعل الخطأ، وحتى يتعلم مبدأ المشاورة وتحمل مسؤوليات أفعاله، وحتى نربي أبناءنا على الاقتناع الذاتي حتى في العقوبة.
تنبه للعوائق
لا تنسَ التنبه للعوائق والمفسدات: فمهما أصلح المربي الخطأ، فلا بد عليه أن يراقب ويتابع ألا يقع مرة أخرى، وألا يتعلم المتربي من غيره خلاف ما يريد المربي، ومن تلك المفسدات: الصحبة السيئة، والتلفاز، وبرامج الأطفال، والألعاب الإلكترونية، والمثيرات الجنسية، والأفكار الغربية، والتشبه بأعداء الله، وتسلط الشياطين عليه، وما قد يراه من فعل كثير من الناس للمحرمات، وما يفسده من فضول الطعام، والكلام، والمنام، ومخالطة الأنام.
- ومن المناسب هنا إيجاد البدائل لهذه الشرور؛ فحبذا سعيت إلى تمديد شبكة من المكبرات والسماعات تتصل بإذاعة القرآن الكريم، وتصل إلى كل مكانٍ في البيت؛ ولاسيما، أماكن تواجد الأسرة بكثرة؛ مثل المطبخ وغرفة الجلوس، وعن ثوبانرضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أفضل دينار ينفقه الرجل دينار على عياله»، رواه مسلم.
• واحرص أيها الأب على تنبيههم إلى إتلاف المحرمات التي يرونها، ويقعون فيها؛ كطمس الصور المحرمة التي تأتي على المستهلكات اليومية؛ فهذه وسيلة كبيرة الأثر في خلق الكراهية في نفوسهم تجاه هذه المنكرات وتحذيرهم منها.
- ومن أخطائنا المشهورة في ذلك: أن نترك الأولاد في الشارع أو تحت القنوات أو مع المجلات الهدامة ليتربوا على ما فيها من حثالة أفهام الناس وزيف حضارتهم، والله المستعان.
عليك بالدعاء
لا تفتر عن الدعاء لابنك، ولا تدعُ عليه قط: فمع بذل كل ما تستطيع مما قرأت أو مما تعرف، لا تفتر عن دعاء الله بأن يصلح لك ولدك؛ فما هذه إلا أسباب يُبرئ العبد بها ذمته عند الله، والهداية على الله -تعالى-، ألم تسمع ماذا قال الله لنوحٍ -عليه السلام-: {قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(هود: 46، 47).• فأكثر من دعائك: رب هبِ لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا، وما أجمل أن ترفع أحيانًا صوتك بالدعاء حتى يسمعك أبناؤك!
لاتوجد تعليقات