رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سامح محمد بسيوني 11 يوليو، 2019 0 تعليق

قواعد في المنهج السلفي (1) التمسك بفهم الصحابة للكتاب والسنة والعمل بهما

بيان قواعد المنهج السلفي المبارك أمر واجب لبيان طريقة السلف في فهم الأدلة وطرائق الاستدلال بها، بنهج لا يلتبس معه الأمر على من يريد الاقتداء بالسلف والسير على طريقتهم والتعرف على مسائل العقيدة وأصول الدين طبقا للمنهج الصافي النقي الصحيح، ولاسيما بعد ازدياد النزاع حول مسائل العقيدة بين الفرق الكلامية المختلفة مع اجتماعهم على الطعن في المنهج السلفي وادعاء الكثير من أصحاب المذاهب المبتدعة  أنهم على الحق.

ونعني بقواعد المنهج السلفي، الأسس التي وضعت لفهم النصوص الشرعية والاستدلال بها، ومن التتبع والاستقراء لطريقة السلف في الاستدلال سنجد أن هناك ثلاث قواعد مميزة للمنهج السلفي في الفهم والاستدلال عن غيره من المناهج وهي:

(1) التمسك بفهم الصحابة -رضوان الله عليهم.

(2) تقديم النقل على العقل «أو» ضبط العلاقة بين العقل والنقل،

(3) رفض التأويل الكلامي.

معلم واضح

وسنجد أيضا معلما واضحا لهذا المنهج متعلق بتلك القواعد الثلاث المميزة وهو: كثرة الاستدلال بالآيات والأحاديث.

ولعلنا نشرع -بعون الله تعالى- في بيان ملامح هذه القواعد الفارقة وهذا المعلم الواضح باختصار لعلنا نضبط بها المفاهيم المغلوطة، ونصحح بها الموازين المختلة.

القاعدة الأولى

     التمسك بفهم الصحابة للكتاب والسنة وعملهم بهما، يقوم المنهج السلفي على التمسك بالكتاب والسنة وفق فهم الصحابة -رضي الله عنهم-، ومن أخذ عنهم من التابعين وتابعي التابعين ومن تابعهم بإحسان، فيقدمون فهمهم على كل فهم للكتاب والسنة – كما بينا سابقا- وذلك في جوانب العقيدة وتفسير القرآن وفهم معانيه وفى الجوانب العملية خاصة فيما أجمعوا عليه.

في جانب العقيدة

     فالصحابة -رضوان الله عليهم- لم يعرف عنهم الاختلاف في أمور العقيدة ولاسيما في التي ينبني عليها العمل، بخلاف بعض المسائل العقدية النظرية التي لا ينبني عليها عمل في الدنيا وحدث فيها اختلاف كـ«رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - لربه – أيهما خلق أولا العرش أم القلم؟».

لذلك فمن خالف ما أجمع عليه الصحابة في الاعتقاد صار من أهل البدع والأهواء؛ لأن ما ورد من إجماع الصحابة في المسائل الاعتقادية مبنى على فهمهم للآيات القرآنية والأحاديث وتطبيقهم لذلك الفهم عمليا.

فهمهم للقرآن

     التمسك بفهمهم في تفسير القرآنوفهم معانيه: يعد الخلاف بين الصحابة في تفسير القرآن قليلا جداً، وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، وهو بين التابعين أكثر منه بين الصحابة، فمن التابعين من جمع التفسير عن الصحابة، وربما تكلم في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال إلا أن الخلاف بين التابعين - يعد على الحقيقة بالرغم من هذا- قليلا بالنسبة إلى من بعدهم.

تقديم فهم الصحابة

     لذا ففهم الصحابة للآيات القرآنية يقدم على من سواهم ممن خالفهم في ذلك؛ لأنه -كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله-: «يجب أن يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين لأصحابه معاني القرآن، كما بين لهم ألفاظه، فقوله -تعالى-: {لتبين للناس ما نزل إليهم} يتناول هذا وهذا، وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: «حدثنا الذين كانوا يقرؤون القرآن كعثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل. قالوا: فتعلمنا القرآن والعمل معاً جميعاً»، ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة. وقال أنس: «كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد في أعيننا». وأقام ابن عمر على حفظ البقرة ثماني سنين، وذلك أن الله قال: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، وقال: {أفلا يتدبرون القرآن} وتدبر الكلام دون فهم معانيه لا يمكن، وأيضاً فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحونه، فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم»؟!

مراتب تفسير القرآن

لذا فالأصل عن أهل السنة أن تفسير القرآن على مراتب:

1- تفسير القرآن بالقرآن.

2- تفسير القرآن بالسنة.

3- ما ورد عن الصحابة في تفسير آيات القرآن ثم ما ورد عمن بعدهم ومن أخذ عنهم من كبار التابعين.

فهمهم للأحكام الفقهية

     التمسك بفهمهم في الجوانب العملية (الأحكام الفقهية): يعد ما أجمع عليه الصحابة من الأحكام الفقهية حجة ملزمه؛ فهم من شاهدوا التطبيق العملي للنبي - صلى الله عليه وسلم - في أعماله وتوجيهاته بل ومارسوا ذلك التطبيق العملي أمام النبي - صلى الله عليه وسلم .

     وأما ما اختلف الصحابة فيه من الأحكام وتعددت فيه آراؤهم، فيجب ألا يتم الخروج عن مجموع أرائهم على أن يقدم من أقوالهم أقواها اتصالاً بالكتاب والسنة؛ فالأئمة الأربعة -رحمهم الله- أصحاب المذاهب كانوا يتبعون أقوال الصحابة ولا يخرجون عنها ويصرحون بذلك، كما قال الإمام أبو حنيفة: - صلى الله عليه وسلم - إذا لم أجد في كتاب الله -تعالى- ولا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه -رضي الله عنهم-, ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم رضي الله عنه .

وأما ما انفرد به الصحابي - رضي الله عنه - من قول أو فعل ولم ينقل عن غيره خلاف له فهو مما قد يعد إجماعا سكوتيا.

     فإن كان ما انفرد به الصحابي - رضي الله عنه - مخالفا لبقية الصحابة فينظر إلى معارضة ما انفرد به في القول أو الفعل للأدلة الصحيحة، ويحمل الأمر في حال مخالفته للأدلة على خطأ في الفهم منه - رضي الله عنه - أو عدم معرفته بناسخ لما انفرد به، فيرد خطؤه إن تبين ويعذر في ذلك؛ لأن الصحابة على سعة علمهم وتقواهم ليسوا معصومين أفرادا وإن كان إجماعهم معصوما.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك