رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.أماني زكريا الرمادي 29 أكتوبر، 2019 0 تعليق

قواعد شرعية وتربوية لحماية الأبناء في زمن الا نفتاح الإعلامي (5)

 

ما زلنا نتحدث عن الآليات التي يمكن من خلالها حماية أبنائنا من خطر الانفتاح الإعلامي، وقد تحدثنا في العدد الماضي عن حماية الأولاد في مرحلة من سبع إلى عشر سنوات، واليوم نتحدث عن مرحلة المراهقة الوسطى (بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة).

     إن من أهم سمات هذه المرحلة شعور المراهق بالاستقلال وفرض شخصيته الخاصة، وبسبب حاجتهم الماسة لإثبات أنفسهم؛ يصبح المراهقون أكثر تصادما ونزاعا ضمن العائلة، فيرفضون الانصياع لأفكار الأهل وقيمهم وقوانينهم ويصرون على فعل ما يحلو لهم. وقد يجرب الكثير من المراهقين الأمور الممنوعة أو غير المحبذة عند الأهل، كالتدخين وشرب الكحول والسهر خارج المنزل لساعات متأخرة، ومصادقة الأشخاص المشبوهين، متحدِّين للأهل ولفرض رأيهم الخاص، ويصبح المراهق أكثر مجازفة ومخاطرة، ويعتمد على الأصدقاء للحصول على النصيحة والدعم، وليس على الأهل، وعلى الأهل في هذه المرحلة إظهار تفهم شديد لأطفالهم لكي لا يخسروا ثقتهم، وفي الوقت نفسه يضعون قوانين واضحة لتصرفاتهم وتعاملاتهم، مع الآخرين ومع العائلة.

النّموّ الفكريّ

     ويستمرّ النّموّ الفكريّ للمراهق في هذه المرحلة، ويصبح أكثر قدرة على التفكير بموضوعية والتخطيط للمستقبل، كما بإمكان المراهق أن يضع نفسه مكان الآخر، فيصبح لديه القدرة على أن يتعاطف مع الآخرين، وفي هذه المرحلة ينبغي أن نصاحب أبناءنا ونتعاطف معهم ونتفهم ما يمرون به من تغيرات.

سمات هذه المرحلة

     كما ينبغي الإفادة من سمات هذه المرحلة في توجيههم لتفجير الطاقات الكامنة لديهم والإفادة من مواهبهم، من خلال توفير الإمكانات اللازمة لذلك، وربطهم بالأشخاص البارزين في مجالات اهتماماتهم، مثل الدكتور أحمد زويل في الفيزياء، ومجدي يعقوب في الطب، والدكتور فاروق الباز في علوم الفضاء، وتشجيعهم على البحث عن معلومات عن نشأتهم ومراحل تطورهم العلمي والمهني وأهم إنجازاتهم، وغير ذلك.

مد جسور التواصل مع الأبناء

     إن حِدَّة المزاج والثورة والعصبية أمر طبيعي، نعم؛ فالأحداث والحوادث اليومية تجثم على صدورنا، ولا تترك لنا مساحة نتنفس فيها المشاعر النبيلة ويتنسمها أبناؤنا، لكننا رغم كل شيء علينا أن نسمح لنداء الحب الغريزي والعواطف الفطرية لينطلق فيروى عطش أبنائنا له، ولعل من أدوات هذا التواصل ما يلي:

الحوار مع الأبناء

     لابد من تناول وجبة واحدة يوميًا على الأقل مع أبنائنا، وإدارة حوار معهم عن طبيعة عملنا وتفاصيله، وعما ننتجه، أو الخدمات التي نقدمها للمجتمع، ومن خلال هذا الحوار نسرد لهم الإيجابيات التي نحبها في العمل، وغيرها من الأمور السلبية التي لا نحبها، وكيف نتعامل معها، ونحاول تغييرها إن استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وعن مدى أهمية هذا العمل لنا بوصفنا أفراد أسرة خصوصا، وللمجتمع عموما، وعن أهمية إنجاز المطلوب في الوقت المحدد وعواقب مخالفة ذلك، وحسن التعامل مع الناس، على ألا يكون ذلك في إطار مواعظ وتوجيه مباشر، بل عن طريق حوار ممتع عفوي.

التواصل بيننا وبينهم

اختلاق مواقف للتواصل بيننا وبين أبنائنا مثل اصطحابهم للتسوق لا بغرض الشراء فحسب، بل لإثارة بعض الموضوعات التي يهتمون بها.

الاستماع الجيد

الاستماع الجيد دون فرض رأى أو استدراج أو مقاطعة لإسداء نصيحة؛ حتى تزداد الثقة بيننا وبين أولادنا، وهو ما يؤدي إلى مزيد من الحوارات في موضوعات متعددة، أبادر في طرحها أحياناً،ويثيرونها أحياناً أخرى.

لغة العيون

عادةً ما نغفل تأثير لغة العيون في الحوار مع أولادنا، وتأثير الإشارة والإيماءة والابتسامة؛ كل هذا له وقع السحر عليهم، فقُبلة مشجعة قد يكون لها أثر واضح، وتسفيه قاسٍ للطفل قد يتركه مشلول الفكر ساعات طويلة.

روح المرح والتفاؤل

     إضفاء روح المرح والتفاؤل دائماً ولاسيما عند اجتماع الأسرة أثناء تناول الطعام مثلاً أو في وقت السمر، ومفتاح هذه الروح هو البشاشة والابتسامة الحانية مع ما نتكبده من عناء في حياتنا اليومية، ويظن الكثير منا أن الجدية والحزم يستلزمان العبوس والكآبة، وطبعاً ليس لهذا الظن أو الاعتقاد أساس من الصحة.

أسرة منتجة

إذا نشأ أبناؤنا في أسرة منتجة وتقدر قيمة الإنتاج فإنهم سيتأثرون بهذا السلوك ويشبون عليه، ومن ثم لابد من تدريب الطفل منذ الصغر على حب العمل والإنتاج.

طلب العلم

     وإذا أشرنا إلى قيمة الإنتاج فإن طلب العلم وسيلة لتحقيق هذا الإنتاج، فلا فضل في علم بلا عمل، وذلك من أجل عمارة الأرض، وإذا لم ينشأ الطفل في أسرة مطلعة تطلب العلم للعمل به فلا ننتظر منه سوى تحقيق أقل درجة من درجات النجاح، ليس في عملية الاستذكار فحسب، بل في الحياة بأسرها.

ردود أفعال أبنائنا

     كثيرًا ما نشكو من ردود أفعال أولادنا في مواقف الغضب؛ والسبب في ذلك هو أفعال الآباء أنفسهم؛ حيث استفزاز الابن بالسب والصراخ؛ لأنه لم يرد على النداء المتكرر مثلاً، أو بسبب معاكسته لأخيه الأصغر، أو ما إلى ذلك من المناوشات اليومية، فإذا ما سمع هذا السب والصراخ فإنه يثور، بل يتطور الأمر للتعبير عن غضبه بالعنف تجاه الأشياء والأشخاص على حدٍ سواء، و لكي نتجنب مثل هذه الردود علينا مراجعة وسائل التهذيب؛ فإذا كنت ممن يصرخون أو يعنفون أبناءهم فَدَرِبْ نفسك على الحلم وكظم الغيظ، والصبر على تصحيح الأخطاء وتعديل سلوك الأولاد مع عدم تعجل النتائج.

إغلاق الوحدة العسكرية

     لا يكاد يُرى -أي الابن- حتى يتلقفه الأب آمراً أو ناهياً أو مؤنباً أو معاقباً، فالصلة بينهما كالصلة بين الشرطي والمشتبه فيه... فالأوامر الكثيرة والنواهي يضيق الإبن بها ذرعاً، ومن ثم فهو لا ينفذ إلا القليل، ومما يساعد على التغلب على هذه المشكلة وضع نظام يكون واضحاً للجميع، يشمل مواعيد لتناول الطعام ومواعيد الاستذكار... وغير ذلك بحث يتسم النظام بالمرونة. كما يجب ألا نقارن بين أبنائنا وأبناء الآخرين، فإن ذلك يورث البغضاء والحسد.

تحمل المسؤولية

     التدريب على تحمل المسؤولية، فمثلاً إذا قام الطفل بزرع نوع معين من النباتات مثلما يفعل كثير من أطفالنا في مرحلة رياض الأطفال أو في السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية، واعتنى بها ورعاها كل يوم حتى لا تذبل، فإن ذلك يساعده على تحمل المسؤولية، وتحمل المسؤولية تعني اتخاذه لبعض القرارات، فإذا قرر مثلاً أن ينهض من النوم متأخراً فليدرك أن هذا القرار سيترتب عليه عدم استمتاعه بتناول وجبة الإفطار مع أسرته، كما أن سيارة المدرسة ستفوته، وهو ما يؤدى إلى استذكاره الدروس بنفسه دون مساعدة من أحد ليتحمل عاقبة اختياره وأفعاله.

الإحساس بالذات

     الطفل الذي يتمتع بقدر وافٍ من الإحساس بالذات واحترامها هو ذلك الطفل الذي نما في أحضان والديه الدافئة، ويدرك تماماً حب أبويه له، لكن ليس معنى ذلك التغاضي عن أخطاء الأبناء، بل من واجب الآباء أن يوضحوا لأبنائهم أن الحب ليس معناه أن نتجاهل الأخطاء.

مواعيد الحرية

تحديد مواعيد الحرية، فلا يصح، أن يكون الذهاب إلى المدرسة مثلاً موضع اختيار أو تفاوض، ولكن يمكن أن يكون لديه حرية الاختيار فيما يجب أن يتناول في وجبة الإفطار.

التفكير السليم

     مساعدة الأبناء على طريقة التفكير السليم عن طريق إثارة أسئلة تعلمه بطريقة غير مباشرة، فإذا سألك ابنك سؤالاً فيمكنك إجابته قائلاً: هذا سؤال جيد، هيا بنا نجد له إجابة، وتساعده كيف يبحث عن الإجابة؛ فلا تعطه السمكة، ولكن علمه كيف يصطاد، ولا تتهرب من الإجابات بحجة أنه لن يفهم ما تقول، فإذا كنت لا تعرف الإجابة عما يسأل؛ فعليك بمصارحته دون خجل، وتعده بالإجابة عندما تعرفها، وتفي بهذا الوعد في أقرب وقت، أما إذا سألته أنت سؤالاً فأعطه فرصة كافية للإجابة، وحاول ألا تكون إجابة هذه الأسئلة بنعم أو لا.

أسرة مطلعة

     ومن العادات الطيبة أن ينشأ الطفل في أسرة مطلعة اعتادت على القراءة في مجالات مختلفة، و لكي تنمو هذه العادات نموا طيبا؛ فيمكن تدريب الطفل على القراءة قبل النوم، وإذا كان دون سن القراءة فيقرأ له أبواه، ويكون ذلك بالتناوب، تدريبه على اختيار الكتب، وتكوين مكتبة متنوعة، وتبادل الكتب مع الأصدقاء، والاشتراك في إحدى المكتبات.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك