قواعد شرعية وتربوية لحماية الأبناء في زمن الا نفتاح الإعلامي(7)
ما زلنا نتحدث عن الآليات التي يمكن من خلالها حماية أبنائنا من خطر الانفتاح الإعلامي، وقد تحدثنا في العدد الماضي عن موضوع في غاية الخطورة والحساسية وهو أبناؤنا والأفلام غير الأخلاقية، واليوم نتحدث عن الإنترنت وخطورته على أبنائنا.
الإنترنت، وما أدراكم أيها الآباء ما الإنترنت؟! وما يفعله بالنشء؟!؛ فعلى الرغم من فوائده الرائعة للعلم، والعلماء، والبحث العلمي، والتواصل عبر العالم، إلا أن أخطاره على النشء أكبر بكثير؛ مما يحتم الانتباه جيدًا لاستخدام الأبناء لهذه الشبكة التي أصبحت متاحة لهم من خلال الهواتف المحمولة؛ مما جعل الرقابة على استخدامها معدومة تقريبًا؛ لذلك ينبغي أن نشجع الأبناء على التنقية والاستبعاد والاستغناء عما يجلب لهم الضرر، بل وابتكار ما يناسبهم لعلهم يكونون قدوة، أو مبادرين إلى إيجاد حلول لمشكلاتهم ومشكلات أقرانهم ممن يبحثون عن الخير والصلاح، ليس لأنفسهم فقط، وإنما لأوطانهم، ولخدمة الإنسانية جمعاء.
درء المفسدة
الحكمة ضالة المؤمن؛ فأينما وجدها فهو أحق بها، ولكن دون أن يناله ضرر بسببها؛ لأن هناك قاعدة فقهية تقول: «درء المفسدة، مُقدَّم على جلب المنفعة»؛ فإن لم توجد المنفعة إلا في مكان فاسد؛ فليستغن عن هذه الفائدة؛ وليتذكر أن «مَن ترك شيئا لله، عوضه الله خيراً منه» إسناده صحيح، ومن الحكمة أن نناقش معهم أضرار قضاء الساعات الطوال عبر مواقع هذه الشبكة، بكونهم شبابا ناضجا وليسوا أطفالا.
مترامية الأطراف
فالإنترنت شبكة مترامية الأطراف، يدخل إليها كل من هب ودب من أنحاء العالم أجمع؛ لذا ينبغي أن نعلمهم أن الداخل إليها- وإن كان بالغاً- يكون تماماً كالطفل الذي تركناه في ميدان عام بمفرده؛ فالأبناء حينما يتصلون عبر الإنترنت، يتجولون وسط عالَم يتكون من 729 مليون من الأشخاص الغرباء؛ فكما أتاح الإنترنت لأبنائك الاتصال بالعالم، كذلك أعطى الفرصة لتلك الملايين للاتصال بابنك، وإذا كنت تثق مائة بالمائة في أخلاق ابنك؛ فإن نسبة كبيرة من هؤلاء الناس المتصلين عبر الإنترنت لا تستطيع أن تثق في أخلاقهم، أو نواياهم، أو عاداتهم، أو معتقداتهم.
مواقع غير لائقة
ومن ثم؛ فإنه من المهم أن نلاحظ أن الوصول إلى مواقع غير لائقة سهل للغاية، بل إن هذه المواقع تطارد المتصلين بالإنترنت، إن لم نتخذ احتياطات الحماية الكافية، ومن ثم فعلينا أن نحرص على مراجعة ما يراه ويفعله أبناؤنا ويسمعونه ويقرؤونه من خلال هذه الشبكة.
حماية الأطفال
وقد اختار الاتحاد الدولي للاتصالات العام الماضي موضوع (حماية الأطفال في الفضاء السيبراني) ليكون عنواناً لليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات؛ وليذكرنا بأن التغييرات التي طرأت على مجال الاتصالات، لم تقف على توفير المنافع فقط، بل تتطلب منا أيضا اليقظة والحيطة لضمان استخدام وسائل التقنية الحديثة في الجوانب المفيدة فقط.
الأنظمة والقوانين
وقد شرَّعت كثير من دول العالم المتقدم من الأنظمة والقوانين، ما يكفل حماية المجتمع من ثورة المعلومات والاتصالات، من خلال قوانين خاصة بمكافحة الجريمة الإلكترونية، بل زادت في أخذ الحيطة من خلال قوانين خاصة بحماية الأطفال على شبكة الإنترنت، وهذا نابع من الاهتمام الخاص بهم، وحفظاً لهم من عبث العابثين، وتجاوز المغرضين، واستهتار الشباب والمراهقين، ودفعاً لشرور المجرمين، ولاسيما إذا علمنا أن الطفل في غمرة تنقله بين المواقع واندماجه في عالم الألعاب الإلكترونية، يمكن أن يفصح عن هويته وشخصيته الحقيقية، أو عن أي بيانات يمكن أن تسهل الوصول إليه، دون أن يستوعب العواقب المترتبة على ذلك؛ مما يوقعه في كثير من الأخطار، ويعرضه للعديد من الانتهاكات.
القانون الأمريكي
من هذه الأنظمة القانون الأمريكي الخاص بحماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA)، الذي يعد أول قانون اتحادي في الولايات المتحدة الأمريكية، يهتم بحماية خصوصية الأطفال دون الثالثة عشر عامًا على الإنترنت، ويركز على قضايا جمع المعلومات الشخصية من الأطفال، التي يمكن أن تسمح للطرف المقابل على شبكة الإنترنت بالتعرف، أو التحقق، أو الاتصال بالطفل، مما يوجب ضرورة أن يكون لولي أمر الطفل معرفة كاملة بما يُجمع من معلومات عن طفله، وأخذ موافقة صريحة قابلة للتحقق من ولي الأمر؛ وذلك لضمان عدم الوقوع فيما من شأنه انتهاك أمن الأطفال وخصوصيتهم، كما أن هناك قانونا أخر يستهدف مراقبة بث المواد للأطفال علي الإنترنت ومعالجتها وتنظيمها، ويطلق عليه (COPA)، ويعمل على حماية الأطفال من خلال استخدام برمجيات يطلق عليها اسم الشاشات العازلة، وقد ألزمت الحكومة الأمريكية المكتبات المدرسية والعامة كافة باستخدامه على الأجهزة المخصصة للأطفال، بل وهددت الجهات التي ترفض استخدامه بقطع الإعانات المالية والميزانية التي تخصص لها من قبل الحكومة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل استطاعت هذه القوانين حماية الأطفال؟
في واقع الأمر لقد حدَّت هذه القوانين والأنظمة من تعرض كثير من الأطفال للأذى، إلا أنها لم تستطع ضمان حماية الأطفال ضمانا كاملا ونهائيا؛ فالرقابة الذاتية، ورعاية الأهل عاملان أساسيان لهذه الحماية.
مخاطر استخدام شبكة الإنترنت
يقول (Louis J. Freeh) لويس فريح -الرئيس السابق لمكتب التحقيقات بوزارة الدفاع الأمريكية-: إن أطفالنا هم أثمن ممتلكاتنا، إنهم يمثلون المستقبل المشرق لبلادنا، وعليهم تنعقد آمالنا وأحلامنا لغدٍ مُشرق، كما أنهم أيضاً أكثر أعضاء المجتمع ضعفاً؛ لذا فإن واجب حمايتهم من التعرض للجرائم، أو التورط فيها لابد أن يكون من الأولويات القومية لبلادنا، -ومع الأسف-؛ فإن التقدم في مجال الكمبيوتر والاتصالات الذي سمح لأطفالنا بالوصول إلى مصادر جديدة للمعرفة، قد جعلهم عُرضة للاستغلال والأذى والاعتداء، وتحسبًا لهذه الأخطار ينصح بالانتباه إلى علامات الخطر التالية التي ينبغي للآباء والمربين أن ينتبهوا إليها.
الوعي الكامل
1- تأكد من أنك على وعي بما يحدث على الإنترنت، لست مضطراً لأن تكون على علم أولاً بأول بما يحدث في عالم التكنولوجيا الحديثة، ولكن إن أردت أن تتحكم في استخدام طفلك لشبكة الإنترنت؛ فإن ذلك سيساعدك على أن تكون على دراية بما يحدث؛ فمن الضروري أن يكون لديك فكرة عن التكنولوجيا وعما يمكن أن تفعل، ومن الممكن أن يكون الإنترنت بالفعل مألوفاً بالنسبة لك.
تحدث مع طفلك
2- تحدث مع طفلك عما يحدث عبر شبكة الإنترنت؛ فكما تحرص على تعليم أبنائك تعليمات الأمان عند عبور الطريق أو كيفية التعامل مع الغرباء في الشارع، كذلك ينبغي أن تجعلهم على وعي بالمخاطر التي يمكن أن تسببها لهم شبكة الإنترنت، وأن تطلعهم على المواقع التي توضح مخاطر الإنترنت، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: (www chatdanger.com).
المراقبة والتوجيه
3- لا تتوقف عن المراقبة والتوجيه، بل ينبغي أن تضع شاشة الإنترنت في المنزل في مكان يمكنك أن تراه بسهولة، كحجرة المعيشة، أو المطبخ، على سبيل المثال، ولو أردت أن تقوم بإبعاد أطفالك عن محتوى ما ترى فيه ضرراً عليهم، حاول أن توجههم إلى أي محتوى تعليمي أو ترفيهي.
تحمل المسؤولية
4- شجِّع طفلك على تحمُّل المسؤولية، مهما فعلتَ؛ فإن استخدام طفلك للإنترنت دائماً سيكون صعب التحكم فيه تحكما كاملا، حتى لو أمكنك التحكم في استخدامه للإنترنت داخل المنزل، ليس بالضرورة أن تكون قادراً على التحكم في استخدامه في أي مكان آخر.
مسح الصور
5- قم بمسح أي صور شخصية خاصة من أجهزة الحاسب، ولاسيما صور الفتيات وأفراد الأسرة، وحفظها في وسائط تخزين خارجية.
متابعة الرسائل
6- تابع ما يصل للطفل من رسائل على البريد الإلكتروني باستمرار، وعدم ترك الحرية للطفل بالاطلاع على بريده لوحده، ومنعه من الاشتراك في المجموعات البريدية.
الحديث مع الأطفال
7- استمر في الحديث مع أطفالك؛ فمن المهم أن تستمر في الحديث معهم حتى تجعلهم يشعرون بالاطمئنان حينما تواجههم مشكلة؛ فلا يترددون في عرضها عليك، واجعل سؤالك لهم عما قاموا بفعله على شبكة الإنترنت جزءاً من روتينك اليومي، وافعل ذلك بطريقة لا تُظهرك متطفلاً، بل مهتماً بما يفعلونه، ولا تنفعل من أخطائهم؛ فهم لا يزالون صغاراً، بل سامحهم وتفهم موقفهم، واستمر في الحوار معهم وعلى العمل معاً على حل أيه مشكلة.
لاتوجد تعليقات