رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 13 أبريل، 2015 0 تعليق

قناديل على الدرب – ماذا بعد التقاعد؟

     التقاعد هو مرحلة واقعية في حياة كل موظف؛ حيث لا بد وأن يأتي يوم ويتقاعد فيه هذا الموظف، ويترك عمله لأشخاص آخرين؛ لتكتمل دورة الحياة، فلو دام الكرسي لغيرك ما وصل إليك. فالتقاعد مرحلة طبيعية من مراحل التطور العمري في الحياة، ويجب على كل موظف أن يعي ذلك، وأن يستعد لأن يكون موظفًا سابقًا.

     أعلم جيدًا أن ما تعوّد عليه المرء طيلة عشرين أو ثلاثين عامًا أو أكثر من الصعب فجأة تغييره، فبعد الاستيقاظ مبكرًا، والذهاب إلى العمل، ومقابلة الزملاء يتبدل الحال ما بين عشية وضحاها، وهؤلاء قد يصدمون بالتقاعد ويكون تأثيره عليهم سلبياً. وهؤلاء ببساطة قد يصابون بالكآبة، ولاسيما عندما يفقدون الكثير من المميزات التي كانوا يحصلون عليها بحكم طبيعة عملهم مثل مميزات مالية، في مثل هذه الحالة قد يصيب الإحباط والكآبة أفراد الأسرة فضلا عن الموظف المحال إلى التقاعد. وهذا حال الكثير من إخواننا حال وصولهم للسن القانونية للتقاعد.

     هذا هو الجانب المظلم في مسألة التقاعد، ولكن بنظرة أخرى دعونا ننظر إلى الجانب المضيء، ننظر إلى النصف الممتلئ من الكوب، فالإسلام لم يحدد سننًا للتقاعد عن العمل، بل يبقى المسلم يعمل حتى آخر لحظة من عمره، قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر:99)، واليقين هو الموت، فالعبادة مستمرة ولو كنت على فراش الموت. والنبي صلى الله عليه وسلم  ظل يعمل ويواصل رسالته السامية إلى البشرية والدعوة الى الله، وقتال المشركين، وظل يعمل بوصفه قائدا سياسيا وعسكريا ومرشدا اجتماعيا للأمة حتى لحق بالرفيق الأعلى، ولم يتوقف لحظة عن العمل، قال تعالى: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (التوبة:105).

     أخي المتقاعد.. أليس لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم  أسوة حسنة؟! لذلك قال لي أحد المتقاعدين من عملهم: سأتقاعد من الدعوة، وأستريح وأترك المجال لغيري.. فتعجبت لكلامه! وأنَّبتُه، واتصلت على الشيخ سعد الحصين – رحمه الله- فقال: لو فعلها النبي صلى الله عليه وسلم  لتقاعدنا.

      إذاً فالحياة لم تتوقف بمجرد وصولك إلى سن التقاعد، فلم لا تقول: إنها قد بدأت بالفعل، بدأت حياة جديدة تقربك من الله سبحانه وتعالى، حياة مليئة بالطاعة والعبادات، حياة تقربك من أهلك وأولادك وأحفادك، فالوقت ما زال أمامك، اجعله في طاعة الله عز وجل.

وإليك بعض النصائح التي تساعدك في الوصول إلى تلك الغاية، مثل:

1- حافظ على أداء الصلاة في الصف الأول.

2- اجعل لك وردًا من القرآن كل يوم.

3- صل أرحامك.

4- تبرع بوقتك ومجهودك وخبرتك الطويلة في أحد أعمال الخير، واجعله رصيدًا لك في الآخرة، أو صدقة جارية تنفعك بعدما تقابل ربًا كريمًا لا تضيع ودائعه.

     أعود وأكرر بأن التقاعد ليس نهاية الحياة، بل هو بداية مرحلة مختلفة من الحياة، يجب أن يستغلها المتقاعد بأن يعيش هذه المرحلة بأفضل ما يكون في ظل عبادات ومعاملات تحسن خاتمته، وتدخله جنةً فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

والله الموفق والمستعان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك