رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 18 مارس، 2014 0 تعليق

قناديل على الدرب – قبل أن تطالب بحقك .. (1)

     تتنوع المظالم بتنوع آثارها، فقد تكون المظالم عامة، وقد تكون خاصة، والعامة كتلك التي تمس شرائح عديدة من المجتمع، ويظهر أثرها عليهم جميعًا، أما الخاصة التي تكون في حق الفرد بعينه، وقد تكون المظالم متعلقة بالدين وتلك أعظمها وأجلها كالتضييق في العبادة، وقد تكون المظالم مالية كفرض الضرائب أو زيادتها، وإعطاء فئة من الناس وحرمان الأخرى، وقد تكون المظالم سياسية كتنصيب غير الأكفاء في مواقع مهمة وحساسة إما لقرابة أو محسوبية، ومنع الأكفاء من الولاية التي يستحقونها، ومزج السلطة بالمال، وغيرها من المظالم التي قد تنتج من الولاة.

ويعذر المرء في كل تلك المظالم إذا ارتفع صوته بالمطالبة برفع هذا الظلم الواقع عليه، كما جاء في الحديث الشريف:  «دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً». رواه البخاري.

ولكن قد يكون هذا العذر مقبولاً بعد أداء أمور عدة منها:

1. أداء حق الله تعالى: فمن خرج متظاهرًا أو وقف معتصمًا ينادي برفع الظلم، ويطالب بآداء الحقوق التي له، فهل أدى أولاً ما عليه من حقوق وواجبات تجاه العباد ورب العباد؟ فإن لم يفعل كان من المطففين الذين مقتهم الله تعالى بقوله:{وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ}(المطففين:1)، وأعظم تلك الحقوق الواجب أداؤها توحيد الله وإفراده بالعبادة، وإخلاص العمل له، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والمطالبة بإقامة شرعه ودينه الذي لا صلاح ولا إصلاح ولا تغير إلا وفق دينه وشريعته.

2- الدعاء: به تستجلب النعم، وتُدفع النقم، وتُؤدى الحقوق، والمتأمل لحال سلفنا الصالح يجد أنهم لم يملوا أبدًا طَرق هذا الباب، رغم طول الزمن واشتداد البلاء، فكانوا يدعون بالصلاح والفلاح لولاة أمورهم برغم ظلمهم وجورهم عليهم، وخير مثال لذلك الإمام أحمد -رحمه الله- كان ممن ظُلم ظلمًا شديدًا, ومع ذلك كان لسانه لا يمل ولا يكل بالدعاء للولاة، وكان مما قاله: وإني لأدعو له -إمام المسلمين- بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار والتأييد وأرى ذلك واجبًا عليّ.

3- النصيحة: يجب أن ننصح ولاة أمورنا بما قد وقع منهم من مظالم ولاسيما أن كثيرًا من المظالم إنما تأتي منهم أو من قبل ولاتهم، سواء علموا بذلك أم لم يعلموا، ولابد من تلك النصيحة أن تلازم السر والكتمان، وليس محلها الشوارع والطرقات والميادين العامة ومواقع التواصل الاجتماعي، ولابد من مراعاة الآداب والأخلاق الحميدة في القول والنصح، ولاسيما لولاة الأمور الذين لهم حظ من الجاه والسلطان، ويكون ذلك باختيار الألفاظ واللين وعدم الغلظة معهم، فإن المواطن البسيط الذي لا يملك مالاً ولا جاهًا لا يقبل أن يُساء إليه بشطر كلمة، فكيف بمن لهم السلطة والمكانة بين الناس؟!

وللحديث بقية.

والله الموفق والمستعان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك