رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 12 يناير، 2015 0 تعليق

قناديل على الدرب – سعد الحصين.. في ذمة الله

     سعد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز الناصري التميمي، رجل وهب نفسه لخدمة الدين، وإحياء علومه، والذب عن سنة النبي الكريم، ولد بالمملكة العربية السعودية بأرض يقال لها: شقراء عام 1353هـ،1935م، تخرج في كلية الشريعة بمكة، وحصل على الدبلوم العالي في الأدب العربي بالقاهرة، ثم أكمل دراسة الماجستير وحصل عليها من جامعة جنوب كاليفورنيا في فلسفة التربية.

     وضع الشيخ نصب عينه مشكلات التعليم التي عاصرها، فحمل على عاتقه محاولة إصلاح التعليم وتطويره بالمملكة، بعد أن أيقن أن مفتاح التقدم والتطور والرقي هو العلم، فكانت له آراء عدة وتوجهات أو فلسفات تعليمية – إن صح التعبير – تساعد على إصلاح منظومة التعليم منها: تحميل الطالب المسؤولية عن تعلمه، وذلك بعد بلوغه مرحلة الرجولة وتخطيه عالم الطفولة، اقتداءً بتحميل الله -تعالى- له سائر التكاليف الدينية والشرعية، قال تعالى في سورة النور: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ  كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ  وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (} (النور:59).

     ووفق هذه النظرية التربوية فالطالب له الحق في دراسة ما يشاء من العلوم المختلفة، صباحًا أو مساءً، وله الحق كذلك في اختيار معلمه، أيضًا رأى الشيخ الحصين أنه لابد من التقليل من إبراز التنافس بين طفلين لم يساو الله بينهما في القوة العقلية والجسمية.

     وبعد سنوات عدة جاهد الشيخ فيها في محاولة لتطوير التعليم العام أو العصري وإصلاحه، طلب منه الشيخ ابن باز – رحمه الله- بالتحول لخدمة التعليم الشرعي، فاختار خدمة الدعوة والدعاة في بلاد الشام، ومكث بها طيلة اثنتين وعشرين سنة، حتى قارب السبعين من عمره، فأفنى عمره في التركيز على توحيد العبودية لله وحده، وإفراده بالدعاء، وكل عبادة دون من سواه، وحارب الابتداع، كالدعاء عند الأضرحة والمشاهد والقبور. أيضا اهتم الشيخ الحصين بتدبر القرآن وفهم معانيه، وحث على العمل به قبل حفظه وتجويده وقدوته في ذلك الصحابة الكرام الذين كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا معانيهن والعمل بهن.

     أما زهده في الدنيا والبعد عن مترفاتها وملذاتها فحدث ولا حرج، قال الشيخ سعد كما جاء على موقعه على الإنترنت: «فلم أشتر سيّارة ولا أثاثاً للزّينة ولم أقْتَنِ جهاز النّداء (بيجر) في زمنه، ولا الجوّال بعده، ولا أكلت وجبة العشاء منذ نصف قرن ولا وجبة الفطور منذ (30) سنة إلا نادراً ولا شربت القهوة ولا المشروبات الغازيّة أبداً، ولا دخَلْتُ على حلاّق ولا خيّاط ولا شربتُ الشّاي منذ (40) سنة، ولا تزوّجت غير واحدة قبل (52) سنة».

     وله كتب ومؤلفات عدة منها على سبيل المثال لا الحصر: (حقيقة الدّعوة إلى الله، وما اختصّت به جزيرة العرب)، (ألا لله الدّين الخالص «أركان الإسلام والإيمان بأدلّتها»)، (فكر سيّد قطب رحمه الله بين رأيين)، فضلا عن مقالاته التي جمعت أحيانا في كتب ورسائل.

     هذا وفي صبيحة يوم الخميس الموافق 25/12/2014م طالعتنا الصحف والمواقع الإلكترونية بخبر وفاة الشيخ المصلح سعد بن عبد الرحمن الحصين بعد معاناة مع المرض، وقد أوصى - رحمه الله - بعدم إقامة مجلس عزاء، وصلى عليه المسلمون صلاة الجنازة عقب صلاة الجمعة بالمسجد الحرام. وكانت تربطني بالشيخ الفقيد علاقة قوية يسودها الحب والتقدير والاحترام، ويجول بخاطري الآن آخر محادثة تليفونية دارت بيني وبينه، أقتص لكم منها التالي:

قلت له: أطال الله في عمرك.

قال: بل حسن الخاتمة.

قلت: أطال الله عمرك وأحسن خاتمتك.

قال: بل أحسن الله خاتمتي وكفى.

قلت: هل في دعاء إطالة العمر في الطاعة شيء؟

قال: عمري تجاوز الثمانين، وأسال الله أن يحسن خاتمتي.

رحمه الله وغفر له،وعفا عنه وتقبله عنده مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، اللهم آمين. اللهم لك الحمد على قضائك وقدرك اللهم اجبر مصابنا يا رحمن يا رحيم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك