رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 24 فبراير، 2014 0 تعليق

قناديل على الدرب – الخروج على الحاكم بالقول

     لا شك أن الأقوال تسبق الأفعال، وأن بداية الشرور تبدأ من مقولة حاقدة شريرة، فمن أمسك لسانه أمسك بنانه، ومعظم الأفكار الهدامة إنما تبدأ بالقول ثم الفعل، فالفتنة تبدأ بكلمة، ثم تصير نارًا مؤججة. قال صلى الله عليه وسلم  : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (رواه البخاري). فقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم  اللسان على اليد؛ لأنه أسبق ضررًا وأشد فتكًا؛ فإنه يقع في الماضي والحاضر والكل والبعض، أما الفعل فإنه يقع في الزمن الحاضر ولا يمكن أن يقع فيما مضى.

     دعونا نرجع بالذاكرة إلى الماضي قليلاً إلى بداية ما يسمونه (بالربيع العربي) ومحاولة بعضهم أن يستغل الوضع السياسي آنذاك في إشعال الفتنة في الكويت، فكانت اعتصامات ساحة الإرادة وخطبها الرنانة التي ما زال يحاكَم أصحابها إلى الآن, تلك الخطب التي كانت تُلهب حماس الموجودين وتزيد من شرور الناس وتؤلبهم على ولاة أمورهم.

     مظهر آخر من مظاهر الخروج اللفظي على الحاكم هو الدعاء عليه، وهو أشد أنواع الخروج القولي؛ لأنه ينبت الشر ويمنع الخير ويكثِر الشحناء، لذلك يرى أئمة أهل السنة والجماعة أن الدعاء لولي الأمر عبادة، وأن الدعاء عليه بدعة وضلالة. لهذا قال أحد الأئمة: «لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام؛ لأنه إذا صلح الإمام أمِنَ البلاد والعباد».

     ومن مظاهر الخروج القولي أيضًا قول بعضهم بأن ولاة الأمر قد بلغوا من الكبر عتيًا، وأنهم لا يصلحون لأن يتولوا زمام الأمور، ولا يستطيعون متابعة أحوال الرعية، وقد قيل هذا لعثمان بن عفان رضي الله عنه  أثناء خلافته، فإنهم قالوا: إنه قد كبر سنه ولا يحسن تولي الأمور, وأنه لا بد وأن يغير.. واستمر هذا القول إلى زمننا هذا ولاسيما في بلداننا العربية؛ حيث كثر الحاقدون من الغرب على أمتنا الإسلامية، فاستحدثوا ما يسمى بمبدأ تداول السلطة، والتعددية الحزبية، وكل هذا هدفه زعزعة الاستقرار في بلداننا العربية.

     في الحقيقة كلها أقوال وأفكار ونظريات مسمومة تستهدف الشر، وإشعال الفتن، وخطورة الكلمة وإن كانت في نظر قائلها سهلة يسيرة، لكنها قد تقع من قلوب الناس موقعًا لا تحمد عقباه. فالناس تختلف عقولهم وإدراكاتهم، وأهواؤهم، وأمزجتهم، وقلوبهم فكل يفسر حسب ما في نفسه.

والله الموفق والمستعان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك