رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 15 سبتمبر، 2015 0 تعليق

قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية- حركة التبليغ والدعوة(1)

     جماعة التبليغ والدعوة إحدى الجماعات الإسلامية التي ظهرت على الساحة خلال القرن الماضي، انتشرت الجماعة سريعًا في الهند ثم في باكستان وبنغلاديش، وانتقلت إلى العالم الإسلامي والعالم العربي؛ حيث صار لها أتباع في سوريا والأردن وفلسطين ولبنان ومصر والسودان والعراق والسعودية والمغرب وقطر، وبعد ذلك انتشرت دعوتها في معظم بلدان العالم. مؤسس تلك الجماعة هو: محمد إلياس بن محمد إسماعيل الكاندهولي الديوبندي الجشتي، ولد سنة 1303هـ في قرية كاندهلة من قرى سهارفور بالهند، أما الجشتي فنسبة إلى الطريقة الصوفية المسماه (الجشتية) وترجع سلسلتها في الهند إلى خواجة معين الدين الجشتي.

     ويرجع أصل جماعة التبليغ لرؤيا لمؤسسها محمد إلياس قال فيها: «انكشفتْ عليًّ هذه الطريقة للتبليغ، وأُلقى في روعي في المنام تفسير الآية: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} (آل عمران:110) إنك أخرجت للناس مثل الأنبياء». ثم يبدأ تفسيره للآية السابقة قائلاً: «وفي تعبير هذا المعنى بـــ{أخرجت} إشارة إلى أن العمل لا يكون في مكان واحد بل يحتاج فيه إلى رحلات إلى البلاد. والمراد من {كنتم خير أمة} العرب، والمراد من الناس: غيرهم من الأعاجم. (ملفوظات إلياس صـــ57). وتلك الرؤيا يتناقلها أقطاب حركة التبليغ، ويتبجحون بها، ويعتقدون أنها كرامة لشيخهم الأول. وفي خطاب عام أرسله محمد إلياس إلى أعضاء جماعته قال فيه: «إذا لم يرد الله أن يقوم أحد بعمل؛ فلا يمكن – حتى الأنبياء- أن يبذلوا جهودهم فيقوموا بشيء، وإذا أراد الله شيئًا يقوم أمثالكم الضعفاء بالعمل الذي لم يستطع الأنبياء» (مكاتيب إلياس صــ 107-108).

     إن المتأمل لهذا الكلام سيجده مزاعم ادعاها محمد إلياس وهي من سبل التصوف التي يصطادون بها عوام الناس، وعند التحقيق والتدقيق ستجدها لا أصل لها، ولا تقوم على أساس، فتفسيره لقول الله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} فيه غلط بيّن فهو تفسير بالرأي والهوى وما تتطلع إليه نفسه من نشر التبليغ، وقد ورد الوعيد الشديد عن السلف الصالح لمن فسر القرآن برأيه، وأنه مخالف لسبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين، وأنه مخطئ ولو أصاب؛ لأن تفسير الآية السابقة كما ذكره ابن كثير فقال: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} روى البخاري عن أبي هريرة قال: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام؛ وهكذا قال ابن عباس، وعطية العوفي، وعكرمة، وعطاء، والربيع بن أنس. والمعنى: أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس؛ ولهذا قال: {تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} (تفسير القرآن العظيم: 1/399-404).

     يتبين لنا أن المراد من قوله تعالى (أخرجت) أُظهرت، وليس التنقل والترحال، والمراد بالناس البشرية كلها عربهم وعجمهم، وليس كما يزعم مؤسس تلك الجماعة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك