رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 1 ديسمبر، 2014 0 تعليق

قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية – الخــوارج (2)

      اتصفت هذه الفرقة الضالة منذ نشأتها بأنها أشد الفرق تعصبًا وتشددًا لآرائها، لدرجة أنهم أباحوا محاربة المسلمين الذين يخالفونهم الرأي بل وقتلهم، فكانوا يدعون البراءة والرفض للخليفة الثالث عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحكام من بني أمية؛ بسبب تفضيلهم الدنيا على إيقاف الاحتقان والدماء بين المسلمين.

     واشتد خطب أولئك الخوارج في عهد علي بن أبي طالب، فوضع لهم منهجًا قويمًا في التعامل مع تلك الطائفة، وتمثل هذا المنهج في قوله لهم: «ألا إن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئًا ما كانت أيديكم في أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا». رواه البيهقي وابن أبي شيبة. وقد روى لنا المؤرخون- إن صحت الروايات -  أنه دارت بينه وبينهم حوارات ومناظرات عدة على أمل أن يرجعوا عما هم عليه من ضلال وبهتان، فطلب منهم علي  بيان أسباب خروجهم عليه، فأجابوه بأشياء عدة منها:

1- لماذا لم يبح لهم في معركة الجمل أخذ النساء والذرية كما أباح لهم أخذ المال؟

2- لماذا محي لفظة أمير المؤمنين، وأطاع معاوية في ذلك عندما كتب كتاب (الهدنة في صفين)، وأصر معه على عدم كتابة (علي أمير المؤمنين)؟

وقد أجابهم عن كل تلك الشبه ودحضها جميعاً؛ حيث أجابهم عن الشبهة الأولى التي تدل على جهلهم بما يلي:

أباح لهم المال بدل المال الذي أخذه طلحة والزبير من بيت مال البصرة، ثم هو مال قليل.

النساء والذرية لم يشتركوا في القتال وهم أيضاً مسلمون بحكم دار الإسلام ولم تكن منهم ردة تبيح استرقاقهم.

     فقال لهم: لو أبحت لكم استرقاق النساء والذرية فأيكم يأخذ عائشة سهمه؟! فخجل القوم من هذا، ورجع معه كثير منهم كما قيل. أما الشبهة الثانية - والله أعلم بصحة هذه الرواية التي يتناقلها المؤرخون -  ذلك أن معاوية ما كان يطالب بالخلافة حتى يحق له أن يطلب محو كلمة (أمير المؤمنين). ومعاوية كذلك كان يعرف أسبقية علي وفضله، وإنما النزاع حول أمر آخر غير الخلافة، اللهم إلا أن يكون هذا الفعل من صنيع المفاوضين دون علم معاوية بذلك.

وذهب إليهم ابن عباس يحاورهم في الأمر، ويحثهم للرجوع إلى وحدة الصف والجماعة، ففي (البداية والنهاية) لابن كثير، ذكر أن ابن عباس ناظر الخوارج ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف .وقد بالغ صاحب (إبانة المناهج) فذكر أن الذين رجعوا مع ابن عباس عشرون ألفا وبقي أربعة آلاف. 

     وحسب بعض الروايات فقد اختلف العائدون منهم مرة أخرى مع علي في مسألة قبول التحكيم من عدمه، فخرج أولئك النفر من الكوفة متواعدين على اللقاء بالنهروان؛ حيث كانت الموقعة الكبرى بين الفريقين بزعامة عبد الله بن وهب الراسبي، ولم يبدأ علي بالقتال بل هم من بدؤوا به، فقُضي على كثير منهم في ذلك اليوم.

إذاً فالخوارج قوم عهدوا الخلاف والفرقة منذ بوادر نشأتهم، وكلما حاول الحاكم أو الإمام في أي زمن من الأزمنة المتلاحقة أن يقربهم ويدخلهم في صف الجماعة، رفضوا ذلك بل يرمونه بالكفر والزندقة وكل من تبعه، وهذا حال الخوارج في كل زمان ومكان.

والله الموفق والمستعان.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك