رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 11 مايو، 2015 0 تعليق

قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية- الصــوفيـة(10)

 الذكرلايكون إلا بالكلام التام المفيد

     المحور الثالث من التربية الصوفية هو الذكر، ويقوم على ترديد كلمة أو جملة ما بطريقة مستمرة دون انقطاع. قال الشعراني: «وقال سيدي يوسف العجمي –رحمه الله-: وما ذكروه من آداب الذكر محله الذكر الواعي المختار، أما المسلوب الاختيار فهم مع ما يرد عليه من الأسرار، فقد يجري على لسانه: «الله الله الله»، أو «هو هو هو»، أو «لا لا لا»، أو «آه آه آه»، أو «عا عا عا عا»، أو «آ آ آ آ»، أو «هـ هـ هـ»، أو «ها ها ها»، أو صوت بغير حرف أو تخبيط، وأدبه عند التسليم للوارد» (الأنوار المقدسية: 1/39).

وقال ابن عربي: «فأغلق بابك دون الناس، وكذلك باب بيتك بينك وبين أهلك، واشتغل بذكر الله بأي نوع شئته من الأذكار، وأعلاها الاسم، وهو قولك: الله الله الله» (رسالة الأنوار صـ6)

     هكذا يذكر الصوفية رب العالمين بتكرار كلمة أو حرف، دون أدنى معنى أو غاية لتلك الكلمة أو ذاك الحرف، واحتجوا بذلك ببعض الآيات القرآنية، كقوله تعالى:{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}(المزمل:8)، وقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (الأعلى:1) فلا يدل على جواز الذكر بالاسم المفرد؛ لأن تسبيح الله وذكره لا يكون إلا بالكلام التام المفيد، والاسم المفرد لا يحقق ذلك.

وبعضهم يستدل على ذكر الله -عز وجل- بتلك الطريقة بقوله صلى الله عليه وسلم : «لا تقوم الساعة على أحد يقول الله» (أخرجه مسلم)، وهذا جهل؛ فمعنى الحديث: لا إله إلا الله، يؤيده رواية: (لا تقوم الساعة على أحد يقول لا إله إلا الله) (أخرجه أحمد).

     وكان لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- رد على هذا قائلاً: «المقصود هنا: أن المشروع  في ذكر الله – سبحانه – هو ذكره بجملة تامة ... وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهرًا أو مضمرًا؛ فلا أصل له، فضلاً عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين، بل هو وسيلة إلى أنواع البدع والضلالات، وذريعة إلى تصورات وأحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد» (العبودية ص 158:169).

     ويكفي في هذه البدعة قول رسول الله صلى الله عليه وسلام : «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الشكر الحمد لله» (أخرجه ابن ماجه وهو حسن)؛ لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بقولها، وكان يقولها في دبر كل صلاة، وكان يقولها إذا قام من الليل، فضلاً عن أن الذكر من أفضل العبادات ودائما ما نسمع القائل: اجعل لسانك رطبا بذكر الله، فكيف يكون الذكر؟ بكلمة واحدة أو حرف؟ أم بجملة أم جمل مفيدة فيها الشكر والثناء عليه -عز وجل- على نعمه وفضله علينا؟

بذلك يتبين أن حقيقة الذكر الصوفي ليست مرتبطة بذكر الله -سبحانه وتعالى- وأما التزامهم الاسم المفرد؛ فهو لإلباس التصوف لباس الإسلام وعلى الرغم من ذكر الله بالاسم المفرد بدعة وضلالة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك