رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 21 أبريل، 2014 0 تعليق

قناديل على الدرب – الإعلام … والفتن

     يعد الإعلام من أهم أدوات التغيير والإصلاح، سواء كان إعلامًا مرئيًا أم مسموعًا أم مقروءًا، وأولهم هو أهمهم وأخطرهم؛ لما له من تأثير فعال على العقول والأفكار. ويختلف الإعلام حاليًا عما كان في السابق، فمنذ عقود عدة، كانت الصحف لها نصيب الأسد في الدور الإعلامي، كانت أداة واسعة الانتشار؛ لأنها كانت الطريق الوحيد للتعبير عن الآراء والميول والتوجهات سواء كانت سياسية أم اجتماعية أم غيرها، لذلك قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:

لكـــــل زمــــــان مــــضى آيـــة                            وآية هذا الزمان الصحف

     ولكن هذا مقبول في عصر شاعر النيل، أما الآن فقد تغير الحال وأصبحت الصحف قزمًا في عالم الإعلام الحديث العابر للقارات، والغازي للثقافات، أصبح الهواء مفتوحًا تارة وتارة أخرى مشفرًا، يباع ويشترى كالسلع الاستهلاكية، تعددت القنوات الفضائية، وتحكم أصحاب المال والسلطة، فيما يُبث للناس، فكل من له رأي أو توجه أو فِكر من أصحاب المال أنشأ قناة فضائية تبث ما يراه ويعتقده هو فقط، ليس ذلك فحسب بل ويطعن في الآخرين، وكأنه هو عين الصواب وسواه دائما على ضلال مبين. بضعة آلاف من الدنانير تشتري التردد الفضائي، وتؤجر استديو إذاعيًا خاصًا، وبضعة إعلاميين، وقل ما تشاء.

     يقول عزت بيجوفيتش الرئيس السابق للبوسنة والهرسك: «لقد أثبت علم نفس الجماهير -كما أكدت الخبرة- أنه من الممكن التأثير على الناس من خلال التكرار الملح لإقناعهم بخرافات لا علاقة لها بالواقع، وتنظر سيكولوجية وسائل الإعلام الجماهيرية إلى التلفزيون على الأخص بِعدِّه وسيلة ليس لإخضاع الجانب الواعي في الإنسان فحسب بل الجوانب الغريزية والعاطفية؛ بحيث تخلق فيه الشعور بأن الآراء المفروضة عليه هي آراؤه الخاصة».

     ثم كانت الطفرة الكبرى في وسائل الإعلام ألا وهي الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، وهو عالم مليء بالأسرار، جعل العالم بأسره قرية صغيرة متشابكة مترامية الأطراف، بواسطته ينتشر الخبر كلمح البصر، وعليه أنشئت مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك، وتويتر، ويوتيوب، وإنستجرام، وواتس أب)، وكل منهم عالم بمفرده، هذه المواقع فتحت الباب على مصراعيه للجمي، من أراد أن يبدي رأيه أو يبث شائعة، أو يدعو لاعتصام أو مظاهرة أو وقفة احتجاجية، فقط يكتب ما يريد، وبضغطة واحدة على هاتفه يصل ما قد كتبه للجميع، ولا ندري أصحيح ما كتبه أم لا؟! فانتشرت الشائعات وكثرت المهاترات.

هذا ما قد وصلنا إليه الآن عالم مفتوح، وهواء مليء بالشائعات والفتن إلا ما رحم ربي، تدخل عقولنا وتعشش في بيوتنا، يراها الصغار قبل الكبار، فلنتق الله فيما نقوله ونكتبه، وفيما نراه ونسمعه، ويجب أن نعلم أن بوادر الفتن تأتي من كلمة خبيثة تنتشر كالنار في الهشيم.

والله الموفق والمستعان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك