رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: شعبان مصطفى قزامل 11 مايو، 2011 0 تعليق

قناة (العالم) تلوث الفضاء العربي بأنفاس الطائفيّة!

 

صنفت الجمعية العربية للصحافة وحرية الإعلام (أرابرس) قناة العالم الإيرانية على أنها معادية للعرب نتيجة للحملة العدائية التي تقودها ضد العرب واستمرارها في التحريض الطائفي ضد البحرين والسعودية وبعض الدول العربية، والعمل على شق الوحدة العربية، والتدخل السافر في الشؤون المحلية للدول العربية، من دون الالتزام بأبسط المعايير المهنية المتعارف عليها والأبجديات الأخلاقية لمهنة الإعلام، وغض الطرف عن الشؤون الإيرانية وما يحدث في داخل إيران·

 

      وقالت الجمعية التي تتخذ من لندن مقراً في بيان لها على موقعها الإلكتروني: إنها شكلت فريقاً مختصاً طوال الفترة الماضية مهمته رصد ومتابعة ما تبثه القناة ضد مختلف الدول العربية، وأنه ثبت لديها بما لا يدع مجالاً للشك أن سياسة القناة موجهة ضد العرب ووحدتهم·

      وقناة العالم هي قناة فضائية إيرانية إخبارية ناطقة باللغة العربية تأسست عام 2002م وتزامن بثها مع بداية الحرب على العراق في مارس 2003م، وتتبع عملياً مؤسسة التلفزيون والراديو والسينما الإيرانية المرتبطة بعلاقة مباشرة مع مرشد الثورة وليس الحكومة، إلا أن العلاقة المباشرة مع المحطة تتم من خلال وزارة الخارجية الإيرانية كون الدولة هي المشرف الفعلي عليها ومقرها الرئيس في طهران ولديها مكتب إقليمي في بيروت·

      وبعد سنوات قليلة من بث (قناة العالم) على قمري (نايل سات) و(عرب سات) توقف البث بسبب تخطيها المحظور وبثها لبرامج وأخبار تتعارض مع الأخلاقيات الدينية والسياسية، وإساءاتها المتعمدة فيما تذيعه من مغالطات وسموم ونعرات بين الشعوب العربية ذات الأكثرية الإسلامية؛ لخلخلة الوحدة والتحريض على المذهبية ومحاولة إثارة الطائفية·

      ولا يقتصر الاهتمام الإيراني بالتوجه الإعلامي إلى العالم العربي على قناة العالم، بل يشمل أيضاً عدداً من القنوات الأخرى مثل قناة المنار، وقناة الكوثر، وقناة “Press TV”، وتلفزيون “NBN”، وقناة الفرات في العراق فضلاً عن إذاعة راديو طهران وغيرها، التي دخلت مباشرة لتغطية أي فراغ أو ثغرة قد تغفل عنها القنوات الأخرى، ومحاصرة المشاهد العربي من خلال أكثر من قناة·

كذب مفضوح

      ودأبت قناة العالم الإيرانية وهي المحرك الإعلامي للسياسة الإيرانية في المنطقة – كما يقول الكاتب خالد أبو صالح- على التحريض المستمر والفجّ على بلاد الحرمين الشريفين داخلياً وإقليمياً ودولياً، وحشدت لذلك كل إمكاناتها الفنية والتقنية والبشرية، وسخرت آلتها الإعلامية للنيل من أمن هذا البلد الآمن وسلامته ·· واتسم طرح هذه القناة بالطائفية في أعلى صورها فلم تتبن إلا الرأي الموافق للسياسة الإيرانية وإن كان بيِّن البطلان، ولم تستمع إلا لمن يوافقها في الأهداف، ولم تستضف إلا أناساً عرفوا بالعداء الشديد للمذهب السني الذي عليه غالبية شعب المملكة العربية السعودية·· وقد اتفق هؤلاء جميعاً على الكيد والنيل من أمن البلاد واستقرارها وإن اختلفوا في الوسائل والرؤى والإستراتيجيات·· كما نهجت هذه القناة في الآونة الأخيرة نهجاً مفضوحاً مليئاً بالتضليل والكذب والتخلي عن أبسط قواعد المهنية الإعلامية، واتضح ذلك جلياً في تغطيتها البائسة لما أطلقت عليه المظاهرات والاحتجاجات في السعودية، وترويجها أخباراً مكذوبة من خلال شاشتها وموقعها الذي تبث عليه مقاطع فيديو مفبركة ومشاهد قتل وتعذيب وقمع لمتظاهرين في أحداث وقعت في مناطق أخرى بعيدة عن منطقة الخليج وتدعي أنها وقعت في المنطقة·

      وتشترك قناة العالم في الغاية مع دعاة الضلال والفتنة الذين ساءهم أن يروا المملكة هانئة مطمئنة وأن يشاهدوا أهلها متحابين متعاضدين ملتفين حول قادتهم وولاة أمرهم، ودعاة الضلال والفتنة هؤلاء شرذمة قليلة متقلبون يعانون اضطرابات نفسية، تصور لهم أنهم دعاة إصلاح وتغيير، بينما واقع الحال يكشف أنهم مسكونون بهواجس الاضطهاد وحب الظهور، ويفضح سعيهم بين الناس لتفريق شملهم وشق صفهم من خلال وسائلهم الإعلامية وقنواتهم الفضائية·

 قناة مسيّسة

      وقد علق الأستاذ الإعلامي محمد الفهيد على بيان «أرابرس» بقوله: تصنيف قناة العالم الإيرانية على أنها تستهدف زعزعة الوحدة العربية أمر حتمي، فهي كغيرها من القنوات المسيسة والطائفية الخطيرة لديها فكر وخط سياسي يحمل أهدافاً هدامة ضد الكيان العربي، ودأبت القناة منذ أن بدأت أحداث البحرين على الهجوم على الحكومة البحرينية وتأجيج مشاعر المعارضة وبث التحريض في نفوس الشباب لإحداث الفوضى. وأضاف الفهيد أن استغلال الخلاف الطائفي هو أهم الوسائل التي تستخدمها القناة في تحقيق أجندتها الرامية لإحداث الصراع والقتل باسم (الدين)! هذه الحيلة التي انطلت سابقاً على الكثيرين في العراق، نرى البعض يقع ضحية لها في دول الإقليم، فلا يحكّم البعض عقله ويعلم في النهاية أنه محسوب على دولة وليس على مذهب معين، وأن التدخلات الخارجية إنما تهدف لإحداث الانقسامات الداخلية المبنية على (الطائفية المقيتة)!

      وأشار الفهيد إلى أن قناة العالم لا تهتم بالشأن الإيراني وما يحدث في داخل إيران من انقسامات وتوترات؛ لأن هدفها في الأساس قائم على تدمير الكيان العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص·· وضرب الفهيد مثالاً يوضح حقيقة تعامل القناة مع الأحداث، فحين تعاملت إيران وقوات (الباسيج) مع المظاهرات الإيرانية الأخيرة، لم تقم القناة بتغطية تلك المظاهرات التي راح ضحيتها المئات بمهنية وحياد·

نموذج للغباء

      ويرى الكاتب الصحافي أحمد التيهاني في قناة (العالم) الإيرانية نموذجاً للغباء الإعلامي، قائلاً: إن القائمين عليها غير قادرين على فهم العلاقة بين القيادة والشعب في السعودية، ويحاولون (تصدير الثورة) بالكذب المكشوف والمغالطة والرؤى المتطرّفة والإساءة إلى المذاهب الإسلاميّة وإثارة الفتنة، حتى إن من يشاهدها يُذهلُ·· ويعجب، ويعلق الكاتب على نهج القناة الإعلامي بقوله: «هذه القناة أنموذجٌ حي لعدم الفهم، بل عدم احترام عقول البسطاء، فضلاً عن العارفين، لتكون (العالم) مرآةً عاكسةً للرعونة السياسيّة، والإصرار على التفكير بعقولٍ ترى في الغاية وهي ـ(تصدير الثورة) ما يبرّر الغباء الإعلامي، والكذب المكشوف·· لا تكتفي (العالم) بالحوارات المُغالطة، والرؤى المتطرّفة، والإساءة إلى المذاهب الإسلاميّة، وإثارة الفتنة، وفتح الأبواب أمام حفنة من ذوي الأهداف الخاصّة، وإنّما تتجاوز ذلك إلى صناعة تقارير وهميّة، وتلفيق أخبار لا وجود لها إلا في عقول صانعيها، وكأنّنا لا نرى واقعَنا، ولا ندرك ما يدورُ على أرضنا».

سفير النوايا السيئة

      أما د· فايز بن عبدالله الشهري عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية فقد وصف قناة العالم بالنسبة للسعوديّين  بأنها بمثابة سفير النوايا الإيرانيّة السيئة، وقال: منذ إطلاقها عرفناها فارسيّة أعجميّة الهوى والهويّة وهذا حقها، ولكن لأنّها عربيّة اللسان فمن حقنا السؤال عن سر تخصّصها ومن وراءها في تلويث الفضاء العربي بأنفاس الطائفيّة وغبار التشويش السياسي والمذهبي الوضيع للإضرار بعلاقات أبناء الدين الواحد في البلد الواحد·· ولمصلحة من؟ ماذا لو قامت قناة العالم بمناقشة جدوى صرف أموال الشعب الإيراني في إثارة الفوضى في قلب العالم الإسلامي وترك ما بين 44 و55 % من العائلات الإيرانيّة ترزح تحت خط الفقر· وكيف لا تلتفت قناة (العالم) لأحوال أكثر من 90 ألف إيراني مصابين بالإيدز، أو تناقش بموضوعيّة أسباب احتلال إيران لأعلى نسبة مدمني مخدرات في العالم، ناهيك عن مناقشة حقوق القوميّات والمذاهب في إيران خاصّة أن القوميّة الفارسيّة لا تشكّل سوى نصف السكان تقريباً·

سقطة مهنية

      وقد أشار إلى هذه السقطة المهنية فضيلة الشيخ محمد بن سعود الجذلاني القاضي السابق في ديوان المظالم والمحامي حالياً بقوله: إن هذه القناة في حربها الإعلامية على بلادنا اتخذت منهجاً يفضح نواياها الحقيقية بحيث لا يغتر بها أي أحد من المشاهدين العرب والمسلمين أو غيرهم من العقلاء؛ لكونها تجردت عن أبسط معايير المهنية في نقل الخبر واتبعت أسلوب السب والشتم الذي لا يمتهنه سوى العاجزين التافهين من البشر؛ حيث لم تجد من الحقائق والوقائع ما يشفي غليلها ويحقق غاياتها الحاقدة، فكانت هذه القناة بحق صورة عن الشيطان الذي قال الله عنه: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} (الإسراء: 64)، فما أشبه عمل هذه القناة ومنهجها بعمل الشيطان ومنهجه، حيث أيست أن تجد أخباراً فضائحيةً حقيقية عن بلادنا الغالية فاتخذت أسلوب التحريش وبثِّ الأكاذيب والإرجاف بين الصفوف، حتى بلغ بها الجهل والحمق أن تبث أخباراً مكذوبةً عن المملكة مصحوبةً بصورٍ لأحداثٍ أمنيةٍ جرت في دولٍ أخرى مثل العراق دون حياءٍ أو قليلٍ من الاحترام لعقل المشاهد الذي يسمع خبراً عن السعودية ويرى صوراً لأناس ليس فيهم من يلبس الزي الوطني السعودي ورجال شرطةٍ بلباسٍ يختلف تماماً عن لباس الشرطة في المملكة بطريقةٍ متناهيةٍ في الاستخفاف بالعقول·

تجاهل الحقائق

      ويوضح الشيخ محمد الجذلاني أن هذه القناة الإيرانية حين خصصت جزءاً يومياً من برامجها للهجوم على المملكة والنيل من ثوابتها ومن قادتها والتحريض عليهم، تجاهلت كثيراً من الحقائق التي قامت عليها بلادنا الغالية -حرسها الله- ولا يعلم القائمون على هذه القناة درجة الوعي والحب الذي يكنه مواطنو هذه البلاد الصادقون لدولتهم ولولاة أمرهم وأن الرابطة بين ولاة أمرنا ورعيتهم تقوم على أسسٍ عظيمةٍ لا تهزها الريح ولا إرجاف المرجفين وشتائم العاجزين من الحاقدين، وأهم هذه الأسس أساس الدين الصحيح والعقيدة السليمة والإيمان الحق بالله عزَّ وجلَّ وبشريعته التي بعث بها نبيه[، هذه الشريعة التي اتبعها ولاة الأمر وأقاموا الدولة على أساسٍ متينٍ منها، وحكموا بها بين الناس في سائر شؤون الحياة، كما اتبعها أيضاً الرعية بالتزامهم بما أوجبه الله عليهم بالنصوص الصحيحة الصريحة الثابتة من الكتاب والسنة التي أوجبت طاعة ولي الأمر المسلم، وعظَّمت أمر جماعة المسلمين التي بايعت لولي أمرها وجعلت الخروج على الإمام والجماعة من كبائر الذنوب ومن موجبات دخول النار إلا أن يرى المسلمون كفراً بواحاً عندهم عليه من الله برهان·

      ويضيف الشيخ: إن هذه الحملة التافهة المنظمة على المملكة فضلاً عن كونها كشفت مدى ما يكنه لنا هؤلاء القائمون على قناة العالم الإيرانية من كراهيةٍ وبغضاء وحسدٍ وحقد في ديننا وفي عروبتنا وفيما منَّ الله به علينا من فضائل ونعم لا تُحصى، فإنها تعطي لنا درساً حيّاً مباشراً بأن الحاقدين من حولنا كثير وأن من يتمنون زوال نعمتنا وانشقاق صفنا وتشتتِ أمرنا وزعزعة أمننا كثيرون· وهذه الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها تلفت نظرنا إلى أهمية وعظيم النعمة التي نعيش فيها وأن الواجب علينا أن نعضّ عليها بالنواجذ ونشكر الله عليها وألا تكون هذه النعمة الجليلة محلاً للعبث أو المساومة، وأهم هذه النعم ثلاث: «نعمة الدين والإسلام الصحيح على مذهب أهل السنّة والجماعة، ونعمة الأمن في الوطن، ونعمة اجتماع الكلمة ووحدة الصف»، ويكفي لمعرفة عظمة هذه النعم أن نلتفت حولنا لنرى الدول المجاورة، منها ما فقدت فيها نعمة الأمن والاستقرار السياسي ما بين حروبٍ طاحنة ودماءٍ مسفوكة وأعراضٍ منتهكة، بل حتى ما يزعمه دعاة الديمقراطية ومطالبتهم بتطبيقها في نظام الحكم لم نجد هذه الديمقراطية أنقذت بعض الدول التي عملت بالانتخابات ثم انتهى بهم المطاف إلى حربٍ داخليةٍ وصراعاتٍ يومية وسفك دماء، بل حتى وصل الحال إلى اغتصاباتٍ للمعارضين في السجون، فهل يريد عاقلٌ محبٌ لوطنه بل محبٌ لنفسه ولأهله أن يؤول بنا الحال إلى شبيهٍ بتلك الدول؟!

تحذير الدعاة

      هذا وقد حذَّر عدد من الدعاة من مشاهدة قنوات الفتنة والضلال ومنها قناة العالم الإيرانية؛ لما لها من آثار تدميرية على الفرد والمجتمع؛ إذ يقول الشيخ عبدالرزاق ابن عبدالمحسن البدر عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة: إن أعداء دين الله تمكنوا من خلال القنوات الفضائية والبث المباشر من الوصول إلى العقول والأفكار ومن الدخول إلى المساكن والبيوت يحملون نتنهم وسمومهم ويبثون كفرهم وإلحادهم ومجونهم وينشرون رذائلهم وحقاراتهم وفجورهم في مشاهد زور وخنا وفجور تقتنص القلوب الضعيفة وتصطاد النفوس الغافلة فتفسد عقائدها وتحرف أخلاقها وتوقعها في الافتتان، ولا أشد من الفتنة التي تغزو الناس في عقر دورهم ووسط بيوتهم محمومة مسمومة محملة بالشر والفساد·

      ويضيف الشيخ البدر أن من يتأمل الأضرار والأخطار التي يجنيها من يشاهد ما يبثه هؤلاء يجدها كثيرة لا تُحصى، عديدة لا تُستقصى، أضرارا عقائدية وأضرار اجتماعية وأضرارا أخلاقية وأضرارا فكرية ونفسية، فمن الأضرار العقائدية خلخلة عقائد المسلمين والتشكيك فيها ليعيش المسلم في حيرة واضطراب وشك وارتياب وإضعاف عقيدة الولاء والبراء والحب والبغض؛ ليعيش المسلم منصرفاً عن حب الله وحب دينه وحب المسلمين، إلى حب زعماء الباطل ورموز الفساد ودعاة المجون، إضافة إلى ما فيها من دعوة صريحة إلى تقليد الكفار في عقائدهم وعاداتهم وتقاليدهم وغير ذلك·

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك