قمة المياه الواحدة
- الماء عنصر أساسي في الفقه الإسلامي؛ فهو مادة الوضوء للصلاة، ومادة الطهارة بمختلف أنواعها. فضلا عن وجود صلاة خاصة للماء وهي صلاة الاستسقاء لطلب نزول المطر؛ لذا حث الإسلام على حفظ الماء؛ كونه مادة الحياة؛ فحياة الأرض وما عليها مرتبطة بالماء ارتباطا وثيقا، قال - تعالى-: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء: 30)، وقوله -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ} (الأنعام: 99). وقال -تعالى-: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} (البقرة: 164).
- وقد نهى الإسلام عن الإسراف عموما؛ فيدخل في ذلك الإسراف في الماء، كقوله -تعالى-: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأنعام:141)، وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ بالمُدِّ، ويَغْتَسِلُ بالصَّاعِ، إلى خَمْسَةِ أمْدادٍ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم، أو ظلم وأساء».
- ومما جاءت به السنة النبوية حفظا للماء: النهي عن تلويثه بأي طريقة تضر الإنسان وبقية الكائنات، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار».
- وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على التصدق وبذل الماء؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «سبع يجري للعبد أجرهن من بعد موته، وهو في قبره» وذكر منها: «كرى نهرا، أو حفر بئرا» وقال أيضًا - صلى الله عليه وسلم -: «أفضلُ الصدَقةِ سَقْيُ الماءِ».
- ولتوفير المياه الصالحة للشرب حث النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة على شراء بئر رومة؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «من يشتري بئر رومة، ويجعل دلوه مع دلاء المسلمين، وله بها عين في الجنة؟» -وفي رواية: «وله بها خير منها في الجنة؟» فاشتراها الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وأوقفها للمسلمين.
- وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من منع الماء فقال: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» وذكر منهم «رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ»
- فهكذا قَدَّر الإسلام أهميَّة الماء؛ بحيث تُوضع القواعد والتشريعات لاستثماره وتنميته؛ فالإسلام يؤكد أهمية الماء وضرورة الحفاظ عليه لمصلحة الإنسان والمجتمع والبيئة.
- وقد دعت المملكة العربية السعودية لتأسيس منظمةٍ عالميةٍ للمياه، مقرها الرياض، تستهدف تطوير جهود الدول والمنظمات وتكاملها لمعالجة التحديات من خلال تبادل التجارب التقنية وتعزيزها، والابتكار والبحوث والتطوير، وتمكين إنشاء المشاريع النوعية ذات الأولوية وتيسير تمويلها، سعياً لضمان استدامة موارد المياه، وتعزيزاً لفرص وصول الجميع إليها.
- وقد أدى هذا إلى عقد (قمة المياه الواحدة) في الرياض (الثلاثاء 3/12/2024)؛ لمواجهة أزمة المياه العالمية، كما تستهدف القمة أن تكون حاضنة للحلول الملموسة؛ لمواجهة تحديات المياه؛ استعداداً لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه في العام 2026م.
- وقد افتتح القمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ابن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، قائلا: «يواجه العالم اليوم تحديات متزايدة في قطاع المياه، ومن ذلك ارتفاع معدلات الجفاف، وهي تؤدي إلى أزمات متعددة، تتمثل في نقص المياه الصالحة للاستخدام، وتفاقم مشكلات التصحر وما يتبع ذلك من تهديد حياة الإنسان والمجتمعات؛ مما يستوجب العمل المشترك، لوضع خطط لضمان استدامة مصادر المياه».
- وقال أيضا: «ومن هذا المنطلق عملت المملكة على إدراج موضوعات المياه -للمرة الأولى- ضمن خارطة عمل مجموعة العشرين خلال مدة رئاستها في عام 2020م، فضلا عن تقديمها تمويلات، تجاوزت مبلغ ستة مليارات دولار أمريكي؛ لدعم أكثر من (200) مشروع إنمائي في قطاع المياه، في أكثر من (60) دولة نامية حول العالم، وتستعد المملكة لاستضافة المنتدى العالمي للمياه، في الدورة (الحادية عشرة) عام 2027م، بالتعاون مع المجلس العالمي للمياه».
- وهذه خطوة مباركة تخدم الإنسانية ودول العالم أجمع وهي تناسب الدور الرائد والمكانة العالمية للمملكة.
9/12/2024م
لاتوجد تعليقات