رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: أمين الأنصاري 20 أكتوبر، 2014 0 تعليق

قل مع الكون: لا إله إلا الله (4) أصول في أسماء الله وصفاته

طلب مِنَّي أثناء وجودي في (مكة المكرمة) الشيخ: عبد الرحمن السُديسي أن أجمع مادة علمية تتحدث عن بعض أسماء الله وصفاته بطريقة ميسرة على المسلمين وسهلة القراءة والفهم، فاستعنت بالله تعالى وبدأت في تجميع المادة، وكان أكثر ما لفت انتباهي فيما أكرمني الله به من أدلة هو عبودية الكائنات لله سبحانه وحبها له وطاعتها لأمره، ومن المثير أيضًا أنك تجدها تفقه في أحكام الإيمان وتغار على الله، وتوالي وتعادي من أجله -سبحانه- وبعضها يدعو إلى الله والإيمان به، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } (الإسراء: 44)، فالكون كله يعرف الله، يحبه ويخشاه، يعبده ويوحده، يسبحه ويقدسه، وسميتها: «قل مع الكون: لا إله إلا الله».

أصول في أسماء الله وصفاته

(1) أسماء الله كلها حُسنى وصفاته كلها عُلا: قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (الأعراف: 180).

(2) ليس فيها نقص ولا شرٌّ أبدًا: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «والشرُّ ليس إليك».

(3) لا يشبهه شيء من خلقه: قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: 11)، وقال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ ۗ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (النحل: 17).

(4) لا يُعرف الله إلا بالوحي من القرآن والسنة: قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8)ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۖ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} (الحج: 8-9).

     فالقول على الله -تعالى- بغير الحق من الكتاب والسنة الصحيحة جريمة عظيمة، قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } (الإسراء: 36)، وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} (الأنعام: 21).

(5) لا يحيط بالله -سبحانه- علمُ الخلق كيفًا وكَمًّا:

     قال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (طه: 110)، وقد فاق جمال الله وحسن أسمائه وعلوُ صفاته إحصاء النبي صلى الله عليه وسلم له فلم يجد إلا أن يناجيه بقوله  «لا أحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك».

(6) إحصاء الأسماء الحُسنى: لقد تكلم عددٌ من العلماء في إحصاء الأسماء الحسنى لقوله صلى الله عليه وسلم : «من أحصاها دخل الجنة» فكان خلاصة ما قاله هؤلاء العلماء ما يأتي:

- أن يتعلمها ويعرف معانيها.

- ويراعي حقوقها بالإيمان والقول والعمل.

- ويعدها حتى يستوفيها حفظًا ويدعو ربه بها.

(7) دعاء الله بأسمائه الحسنى: قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (الأعراف: 180).

ودعاء الله سبحانه بأسمائه وصفاته ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: دعاء المسألة والطلب:

وهذا هو أشهر تلك الأنواع وهو طلب الحاجات من الله سبحانه وسؤاله قضاء الخيرات ودفع المضرات. كسؤاله المغفرة والرحمة والرزق.

مثال:

1- تسأله المغفرة؛ لأنه الغفور كقول النبي صلى الله عليه وسلم : «رب اغفر لي وتب علىَّ إنك أنت التواب الغفور».

2- وتسأله الهبة؛ لأنه الوهاب. كقوله تعالى: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (} (آل عمران: 8).

3- وتسأله العَفو؛ لأنه العَفُوُّ كقول النبي صلى الله عليه وسلم  في دعاء ليلة القدر قال: «قولي: اللهم إنك عَفوٌّ تحب العَفوَ فاعفُ عني».

4- نسأله الشفاء؛ لأنه الشافي، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أذهب الباس رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك».

الثاني- دعاء الحمد والثناء:

قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أفضل الدعاء الحمد لله».

وهو الدعاء الذي يظهر العبد فيه محبته لله سبحانه وبحمده على نعمه وآلائه وحمده والثناء عليه بما هو أهله من أسمائه الحسنى وصفاته العُلا.

     مثال: دعاء أهل الجنة وهم في أتم نعمة وأكمل رحمة وقد امتلأت قلوبهم بحب ربهم وهو قولهم: «الحمد لله رب العالمين» قال تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (يونس: 10).

- مثال آخر: كقول النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء».

وكقول النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك.....» .

الثالث- دعاء العبادة والإيمان:

وهو التوجه لله وحده سبحانه بالعبادة والتوكل والخشية والرجاء والحب والتذلل...

كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} (الجن: 20).

قال ابن كثير - رحمه الله-: «إنما أدعو ربي» أي: إنما أعبد ربي وحده لا شريك له وأستجير به وأتوكل عليه ولا أشرك به أحدًا.

النهي عن التسمي بأسماء الله الحسنى

- الرأي في المسألة: قال ابن كثير: «والحاصل أن من أسماء الله ما يسمَّى به غيره، ومنها ما لا يُسمى به غيره، كاسم (الله)، و(الخالق) و(الرازق)، و (الرحمن)، ونحو ذلك».

- مثال: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «إن أخنع اسم عند الله رجلٌ تَسَمَّى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله». وفي رواية «أغيظ رجل على يوم القيامة».

تغيير مثل هذه الأسماء

عن هانىء بن يزيد: أنه كان يُكنى أبا الحكم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الله هو الحَكَم، وإليه الحُكم، فلم تكنى أبا الحكم؟» فقال: إن قَوْمِي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين فقال  «ما أحسن هذا. فمالك من الولد؟» قلت: شُرَيْح، ومسلم، وعبد الله قال: «فمن أكبرهم؟» قلت: شريح. قال: «فأنت أبو شريح».

أمم ضلَّت في أسماء الله وصفاته سبحانه

قال تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأعراف: 180).

     لما عجز الشيطان أن يُنسي بني آدم وجود الله سبحانه احتال عليهم وبدَّل دينهم وفطرتهم فأنساهم أسماءه الحُسنى وصفاته العلا وصفات كماله وجلاله؛ فعرفوا بذلك إلهًا غير الله وربًا غير خالقهم، فعرفوا إلهًا له صفات ناقصة يوصف بالعجز والنقص والتعب والتجسد في صورة البشر.. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ومن هؤلاء:

اليهود يصفون الله بالفقر

قال تعالى: {لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} (آل عمران: 181) عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.

    ويصفون سبحانه بالبخل أيضًا: قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} (المائدة:64)، قال ابن كثير رحمه الله: يخبر تعالى عن اليهود عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة بأنهم وصفوه تعالى عن قولهم علوًا كبيرًا بأنه بخيل كما وصفوه بأنه فقير.

الأشاعرة أخبث من اليهود:

     فقد قال اليهود: «يد الله مغلولة» فأثبتوا اليدَ لله، أما الفرق الضالة من الأشاعرة والمعطلة والجهمية وغيرها فقد قالوا: (ليس له يد) بل ونفوا صفات الله كالوجه، والعين وغيرها وما لم يستطيعوا نفيه أوَّلوه تأويلًا فاسدًا أو عطَّلوه فجمعهم الإلحاد في أسماء الله وصفاته وتفرَّقت بهم طرائقه.

اليهود والنصارى يقولون «أن لله ولد»:

قال تعالى: {وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} (التوبة: 30).

فردَّ الله سبحانه عليهم في نفس الآية بقوله: {ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (التوبة: 30).

النصارى لا يُفرِّقون بين الله والبشر:

وهذا ما قاله النصارى، قال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} (المائدة: 72).

الردُّ عليهم: وهذا ما قاله المسيح عليه السلام:  قال تعالى: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} (المائدة: 72).

ويقولون إن الله ثالث ثلاثة: هذا ما قالوه: قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} (المائدة: 73).

وهذا ردُّ الله عليهم: قال تعالى: {ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (المائدة: 73-74).

ويقولون إن الله يتعب!!

هذا ما قالوه. قال قتادة: قالت اليهود – عليهم لعائن الله- خلق الله السموات والأرض في ستة أيام ثم احتاج للراحة في اليوم السابع وهو يوم السبت ويسمونه يوم الراحة.

وهذا ردُّ الله عليهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} (ق: 38).

قال ابن كثير: «وما مسنا من لغوب» أي من إعياء ولا تعب ولا نصب.

ويظنون أن الله ينام:

     فإن النصارى يظنون أن الله ينام في كل عام مرة عند رأس السنة الميلادية في منتصف الليل (الساعة الثانية عشر ليلًا) ومن أجل ذلك يطفئون الأنوار ثم يفعلون ما بدالهم من الحرام لظنهم أن الله لا يراهم في هذا الوقت.

وهذا ردُّ الله عليهم. قال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ  لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (البقرة: 255).

وهذا ردُّ الرسول  قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام».

الجهمية ينفون عن الله صفاته – سبحانه-

     وهذه الطائفة تنفي صفات الله سبحانه فهم يزعمون أن الله لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم وليس له وجه ولا يد، ولا عين، وأن الله لا يُرى يوم القيامة، وأنه ليس في السماء، ولا فوق عرشه، وأن القرآن كلام الله مخلوق، وينكرون صريح القرآن والسنة، فرد الله عليهم، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه: 5)، وقوله - عزَّ وجلَّ -: { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا} (النساء: 164)، وكقوله سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ { 22 } إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة: 22-23).

قال الثوري: من قال القرآن مخلوق فهو كافر.

     وقال محمد بن يوسف: من قال إن الله ليس على عرشه فهو كافر، ومن زعم أن الله لم يكلم موسى فهو كافر.  وقال سعيد بن عامر: الجهمية أشر قولًا من اليهود والنصارى قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان أن الله - تبارك وتعالى – على العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء.

وبنفيهم تلك الصفات عن الله -سبحانه- فقد اقترفوا إثمين عظيمين:

الأول- بنفيهم صفات الله سبحانه؛ فقد خالفوا الحق، وكذبوا صريح القرآن وصحيح السنة.

الثاني- حينما نفوا صفات الله -سبحانه- فقد عبدوا إلهًا أشبه ما يكون بالعدم أو الصنم.

قال البخاري - رحمه الله -: قال بعض أهل العلم: «إن الجهمية هم المشبهة؛ لأنهم شبهوا ربهم بالصَنم والأَصَمِّ والأبكم الذي لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يخلق».

وقال الجهمية: «وكذلك لا يتكلم ولا يبصر نفسه».

وقال ابن المبارك: «كل قوم يعرفون ما يعبدون إلا الجهمية».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك