رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: أمين الأنصاري 7 ديسمبر، 2014 0 تعليق

قل مع الكون: لا إله إلا الله (11) «فاعلم أنه لا إله إلا الله»

«فاعلم أنه لا إله إلا الله»

لا معبود بحق إلا الله

إلــهٌ واحد:

1 – فالعبادة حق لله وحده:

عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال له: «هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا» ثم قال: «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق العباد على الله ألا يعذبهم»(1).

2 – والحب كله لله وحده(2):

فإن الإله هو المحبوب الأعظم بالقلب والجنان والمعبود الأحد الحق بالبدن واللسان.

والله أحق بقول القائل:

أحب حبيبًا لا أعاب بحبه

                             وأحببتم مَنْ في سواه عيوب

قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} (البقرة: 165).

- والحب يكون في الله وحده، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار»(3).

3 – والخوف من الله وحده:

فالنفع والضر بيد الله وحده، والعطاء والمنع بيده وحده، والثواب والعقاب بيده وحده؛ ولذلك الخوف من فوات الخير أو حصول الضر لابد وأن يكون من الله وحده سبحانه؛ لأن غيره لا ينفع ولا يضر.

وقال تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ  وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} (الأحزاب: 39).

وقال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (التوبة: 18).

4 – الدعاء لله وحده:

     فلا يُلَبِّي نداءَ المحتاجين غيرُه، ولا يجيب دعاءَ المُضطرِّين سواه، فكل من دُعي من دون الله لا يملك شيئًا لمن دعاه، ولا يسمعه ولو سمعه ما استجاب له، قال الله تعالى: {اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴿13﴾إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (فاطر: 13-14). وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا  } (الجن: 20).

وقال إبراهيم  عليه السلام لقومه:  {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} (مريم: 48).    

5 – المساجد لله وحده:

فالمساجد بيوت الله، رُفعت لذكر الله وعبادته، فكيف يُدْعَى فيها غيره أو يُرجى فيها سواه سبحانه؟

قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (الجن: 18).

6 – الصلاة والنحر لله وحده:

فقد خلق الله الإنسان وخلق له الأنعام ولا بد لنعم الله من شكر، فمن شكر الإنسان لله أن تكون العبادة والصلاة لله وحده، وأما الشكر على الأنعام فبذبحها لله وحده وباسم الله وحده، وكما أمر الله وحده سبحانه.

قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر: 2).

هكذا يفعل الأحناف

فقد كان زيد بن عمرو بن نفيل من الأحناف على ملة إبراهيم -عليه السلام- فقال للمشركين: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذُكر اسم الله عليه، ويقول: «الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله إنكارًا لذلك وإعظامًا له»(4). 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لعن الله من ذبح لغير الله». رواه مسلم.

7 – الاستعاذة بالله وحده:

قال الله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ} (الناس: 1-3). وقال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (الجن: 6).

8 – الاستغاثة بالله وحده:

قال بعض أصحاب النبي صلىالله عليه وسلم  قوموا بنا نستغيث برسول الله  صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنه لا يُسْتَغاث بي، وإنما يستغاث بالله»(5).

9 – الاستعانة بالله وحده:

قال النبي  صلى الله عليه وسلم : «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»(6). وقال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة: 5). 

10 – التوسل إلى الله وحده:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ   } (المائدة: 35).

عن ابن عباس -رضي الله عنه -: الوسيلة: أي القربة(7).

وعن قتادة: «وابتغوا إليه الوسيلة» أي تقرّبوا إليه بطاعته والعمل بما فيه(8).

وقال ابن كثير: والوسيلة هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود(9).

والتوسل إلى الله يكون بإحدى ثلاث:

أولًا – التوسل إلى الله -تعالى- بأسمائه وصفاته؛ إذ هي أعظم أسباب إجابة الدعاء:

مثال: كقول النبي  صلى الله عليه وسلم : «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله...» (10).

مثال آخر: وقوله  صلىالله عليه وسلم في دعاء ليلة القدر: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»(11).

ثانيًا- التوسل إلى الله بالعمل الصالح:

وهو مشروع؛ لأنه من طاعة الله -سبحانه- ويُتقرَّب إليه به.

مثال: التوسل بالإيمان:

كقول المؤمنين: {رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} (المؤمنون: 109).

وكقولهم: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ } (آل عمران: 193).

مثال آخر: التوسل بالإخلاص في العمل الصالح:

وهو ظاهر في حديث الثلاثة الذين دخلوا الكهف فأغلقته الصخرة، فقالوا: «لا ينجكيم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله -تعالى- بصالح أعمالكم».

فتوسل الأول ببره لوالديه، والثاني بتركه للحرام، والثالث بحفظه للأمانة وأداء الحقوق لأصحابه.

وكان كل منهم يقول: «اللهم إن كُنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون». متفق عليه.

ثالثًا – التوسل إلى الله بطلب الدعاء من صالح حيّ:

مثال: طلب الصحابة - رضي الله عنهم - من النبي  صلى الله عليه وسلم الدعاء أثناء حياته، فمن ذلك:

روى البخاري من حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، قال عُكاشة بن محصن: «ادع الله أن يجعلني منهم، قال اللهم اجعله منهم». وفي رواية: فقال: «أنت منهم». وكذلك المرأة التي كانت تُصرع فتتكشَّف قالت: «ادع الله ألا أتكشف » فدعا لها. متفق عليه

مثال آخر: عن عمر - رضي الله عنه – أن النبي صلىالله عليه وسلم قال: «إن خير التابعين رجلٌ يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم». رواه مسلم.

 الهوامش:

1- رواه البخاري (10/5967).

2- قال ابن القيم – رحمه الله -: وحبُّ الله لا بد له من أربعة شروط:

1 – أن يكون من جنس حب العبادة المقرون بالذُلِّ والخضوع والخوف والطاعة.

2 – أن يُصرف هذا الجنس من الحي كله لله وحده، ولا يصرف منه مثقال ذرَّة لغيره.

3 – ألا يحب شيئًا غيره إلا من أجله.

4 – أن يكره ما يباعد عن الله والإيمان كما يكره أبغض الأشياء لديه وهو النار.

3- رواه البخاري ومسلم.

4- رواه البخاري (3826).

5- الطبراني في «المعجم الكبير» كما في مجمع الزوائد (10/159) وقال: رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث، وأخرجه أحمد في المسند (5/317)، قال ابن تيمية في «الاستغاثة» (152): هو صالح للاعتضاد، ودلَّ على معناه الكتاب والسُّنة.

6- رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

7- تفسير ابن كثير (2/5).

8- تفسير ابن كثير (2/5).

9- تفسير ابن كثير (2/5).

10- أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (570)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (48)، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

11- رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وانظر صحيح جامع الترمذي (2789).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك