قطاع العلاقات العامة والإعلام بجمعية إحياء التراث الإسلامي أقام ندوة: نبذ العنف وتعزيز التسامح بين الشباب
أقام قطاع العلاقات العامة والإعلام بجمعية إحياء التراث الإسلامي الثلاثاء الماضي 7/12/2021 ندوة بعنوان: (نبذ العنف وتعزيز التسامح بين الشباب)، استضاف فيها كلا من مدير إدارة الكلمة الطيبة د.خالد سلطان السلطان الذي تحدث عن (علاج ظاهرة العنف وتعزيز قيم التسامح)، والشيخ فيصل جاسم العثمان، الذي تحدث عن (دور الأسرة في تحصين الأبناء ضد العنف)، ورئيس القطاع م. سالم أحمد الناشي، الذي تحدث عن (أثر وسائل الإعلام في حماية المجتمع من الظواهر السلبية وخاصة العنف لدى الشباب)، وكان عريف الندوة د.يعقوب عبدالرزاق اللوغاني، وتأتي هذه الندوة ضمن حملة التوعية الإعلامية (نبذ العنف والتعامل بالحسنى بين الشباب) التي تقوم بها الجمعية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية وموافقتها على إقامة الحملة برقم (خ4/7/2021) في الفترة من: 2/11/ إلى 31/12/2021، وتحقيقًا لرؤية الجمعية ورسالتها في بيان سماحة الإسلام ووسطيته، وسعيًا لحماية المجتمع من مختلف الانحرافات الفكرية والسلوكية التي تهدد أمنه وأمانه.
د. السلطان متحدثاًَ وبجانبه الناشي واللوغاني
ضيوف الندوة
حضر الندوة عدد من أعضاء مجلس إدارة جمعية إحياء التراث ورؤساء القطاعات ورؤساء الهيئات الإدارية واللجان القارية، ونخبة من مديري المدارس بمنطقة قرطبة ومدير المعهد الديني، وعدد من الشخصيات العامة.
علاج ظاهرة العنف وتعزيز قيم الرفق والتسامح
في بداية الندوة تحدث د. خالد سلطان السلطان مبينًا أنَّ هذه الندوة ترصد ظاهرة دخيلة على مجتمعنا الإسلامي وتعالجها، وصارت تتفشى بين أفراده كأنها وباء أو عدوى تنخر في أوصال مجتمعنا، وتدفع بشبابنا إلى مستنقع من الفوضى والمشاحنة يصل إلى التهلكة في بعض الأحيان.
د. خالد السلطان
تحرير المصطلح
وأضاف د. السلطان إننا حين نتكلم اليوم عن ظاهرة العنف التي انتشرت في الشوارع والمدارس، وأماكن العمل، والأسواق، وكيفية نبذها وإحلال التسامح بين أفراد المجتمع وفق إطار الشرع الحكيم، لابد علينا أولاً أن نحرر المصطلح، ونكشف عن ماهيته ليتسنى لنا معالجته والوقوف على دوافع وجوده في المجتمع.
تعريف العنف في اللغة
تعريف العنف في اللغة: الشدة والمشقة، وهو ضد الرفق، وكل ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشر مثله، التعنيف: التوبيخ والتقريع واللوم، كذلك يعرف العنف في اصطلاح العلماء على أنه: كل تصرفٍ يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، وقد يكون هذا الأذى جسميًّا، أو نفسيًّا؛ كالسخرية والاستهزاء، وفرض الآراء بالقوة، وإسماع الكلمات البذيئة، وجميعها أشكال مختلفة لظاهرة العنف، والعنفُ سلوك شيطاني عدواني يمزقُ الأواصر الاجتماعية، وينذر بفناء الإنسانية.
خطورة العنف وسوء عاقبته
ولخطورة العنف وسوء عاقبته، وضع الإسلام منهجًا كاملا من التشريع الوقائي اتقاءً لخطره ودفعا لضرره، فنهى أولًا: عن كل ما يؤدى إليه من فساد في الأرض وتعدٍّ على النفس والمال والعرض، فقال -تعالى-: {ولا تفسدوا في الأرض}، وقال: {ولا تقتلوا أنفسكم}، وقال كذلك: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}، وأمر باستخدام ليِن القول في التعامل مع معضلات العنف والفجور حتى مع الطغاة الجبابرة؛ فقال لهارون وموسى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} لأن سحر الكلمة الطيبة يأخذ بمجامع اللب، ويدخل إلى شغاف القلب؛ فاختارها الله لمواجهة أعتى العتاة لتكون مثلا يحتذى في الرفق والأناة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام بينكم كحرمة يومكم هذا إلى يوم تلقونه». رواه البخاري في خلق أفعال العباد. ثم أمر ثانيًا باحتوائه وعلاج دائه بالتسامح، والدفع بالتي هي أحسن حتى استئصاله والقضاء على أسبابه.
التسامح ضرورة حياة
ثم أكد د. السلطان أن التسامح ضرورة حياة، وطوق نجاة، أمام العنف وما ينطوي عليه من مخاطر وآفات، تدخل في جميع المجالات من علاقات ومعاملات، بين الأفراد والجماعات وعلى مستوى الحضارات فلا تستقيم أمور الحياة من دون تجاوز الزلات والخلافات من أجل عيشٍ مشتركٍ هادئٍ هانئٍ بعيدا عن الأحقاد والصراع الذي لا يبقى ولا يذر، لهذا أمر الله -جل وعلا- بالعفو والصفح في مقابل إساءة المسيء أيا كان شكلها قولا وفعلا فقال: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}، (البقرة: 109) وقال -تعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَة كَأَنَّهُ وَلِيّ حَمِيم}، (فصلت: 34) , وفى صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا» كل هذا لئلا تكون فتنة ويعيش الناس في وئام وأمان.
أسباب العنف
ثم عدد د. السلطان أسباب العنف وانتشاره في المجتمعات قائلاً:
أولاً: عوامل ذاتية
العوامل الذاتية: هي العوامل التي يكون مصدرها في الفرد ذاته، ومن أهم العوامل الذاتية المؤدية إلى العنف ما يلي:
(1) الشعور المتزايد بالإحباط.
(2) الاضطرابات الانفعالية والنفسية، وضعف الاستجابة للمعايير الاجتماعية.
(3) الإدمان على المخدِّرات؛ لأن المدمنَ يعاني من اضطرابات نفسية تدفعه إلى العنف.
(4) ضعف الوازع الديني؛ لأن الدِّين هو الذي يهذِّب سلوك الفرد، ويُبعده عن سلوك العنف والانحراف.
ثانيًا: التنشئة داخل الأسرة
تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الأولى المسؤولة عن تكوين شخصية الطفل من النواحي العقلية والوجدانية والأخلاقية والجسمانية والاجتماعية والنفسية، وإذا كان لبعض المؤسسات الاجتماعية الأخرى دور في عملية التنشئة الاجتماعية، فإنه دور ثانوي؛ لأنه يأتي في مرحلة زمنية لاحقة على السنوات التكوينية الأولى التي يعيشها الطفل في أحضان أسرته.
ثالثًا: المدرسة
- المدرسة: هي المؤسسة الاجتماعية الثانية التي تستقبل الطفل، ولها دور في عملية التنشئة الاجتماعية له، ففيها يقضي التلميذ يومه مع صغارٍ، هم زملاؤه، ومع كبارٍ، وهم المدرسون والإداريون والاجتماعيون وغيرهم، وفي المدرسة يمارس الصغير أنشطةً عديدة فضلا عن تلقيه التعليم، ومن هنا نجد أن المدرسة تسهم في العمل على تكامل شخصية الصغير تعليميًّا، وتربويًّا، واجتماعيًّا، ونفسيًّا، ويتضح ارتباط المدرسة بالعنف من خلال تأثيرها في شخصية الطفل من جانب؛ ومن حيث تأثيرها في البيئة المحيطة من جانب آخر، وقد تفشل المدرسة في أداء وظائفها بوصفها مؤسسة اجتماعية تربوية لعوامل متعددة، منها: ما يتعلق بالطالب، ومنها ما يتعلق بزملائه، ومنها ما يتعلق بالمدرس، ومنها ما يتعلق بالمواد الدراسية وموضوعاتها، أو ما يتعلق بالنظام المدرس عموما؛ فالمدرسة قد تكون سببًا من أسباب التمرد والعصيان من الطلاب.
رابعًا: البيئة المحيطة
للحي الذي يسكن فيه الإنسان دور مهم في التنشئة الاجتماعية؛ فالحي الذي تتوافر فيه قيم أخلاقية، وخدمات لتغذية هذه القيم، وإشباع حاجات الفرد ورغباته يعد حيًّا سويًّا، ويهيئ للفرد جوًّا يكسبه الشعور باحترام النظام والقانون، والبعد عن السلوكيات المنحرفة، ومن بينها السلوك العدواني، وقد تتوفر في الحي أسباب عدم التنظيم الاجتماعي، وتشجيع السلوك العدواني عن طريق احترام المجرمين، مما يجعل هذا الحي بيئة فاسدة تؤدي إلى زرع العنف في الطفل منذ نشأته الأولى.
خامسًا: جماعة الرفاق والأصدقاء
جماعة الرفاق هي: اتصال جماعةٍ متقاربةٍ في الميول والأهداف والمستوى الاجتماعي والاقتصادي اتصالًا مباشرًا، وتربطهم علاقة محبة متبادلة، وقيم ومعايير متشابهة، وسلوك متوافق، وتعد جماعة الرفاق والأصدقاء من الجماعات الأولية التي لها تأثير على شخصية الفرد بعد الأسرة، ومما يقوي من تأثير هذه الجماعة على الفرد: التشابه والتجانس بين أفرادها؛ من حيث العمر والأهداف والميول والاتجاهات، وكل ذلك يؤدي إلى تقوية تأثيرها على تكوين سلوك الفرد، وقد وجد بعض الباحثين أن جماعة الرفاق قد تكون البديل للأسرة في بعض الأحيان، ولا سيما للمنحرفين والمجرمين، وقد أشارت معظم الدراسات والأبحاث التي تناولت موضوع الرفاق وعلاقتهم بالانحراف إلى أن معظم المنحرفين، والمقبوض عليهم في السجون، والموجودين في المؤسسات الإصلاحية كانوا على علاقة بأصدقاء منحرفين.
سادسًا: وسائل الإعلام
لوسائل الإعلام دور بارز في تنامي ظاهرة العنف لدى المراهقين؛ فالبرامج الإعلامية، ولا سيما التلفزيونية؛ من حيث إنها تقدم لهم عينة من التصرفات الخطأ، مثل العنف الذي يشاهده المراهق لمجرد التسلية والإثارة، قد ينقلب في نهاية التسلية والإثارة لواقع مؤلم بفعل التأثير السلبي القوي والفعال لوسائل الإعلام لتجسيد العنف بأنماطه السلوكية المختلفة، ولا يخفى علينا أن المراهقين لديهم القدرة على التقليد والمحاكاة لما يشاهدونه في التلفزيون، كما أنهم ينجذبون لمشاهد العنف، ويجدون فيه المتعة؛ لذا نجد أن معظم حديثهم يدور حول البرامج التلفزيونية العنيفة.
تأثير وسائل الإعلام على الأطفال والمراهقين
ثم ذكر د. السلطان تأثير وسائل الإعلام على الأطفال والمراهقين في الأمور الآتية:
(1) أدت مشاهدة العنف إلى تقوية نزعة العنف لدى الأطفال، وحرصهم على تطبيقها.
(2) تؤثر وسائل الإعلام تأثيرًا بالغًا في انتشار الجريمة، وتقليد السلوك العنيف؛ لأنها تعلِّم الأفراد أساليب ارتكاب الجرائم.
(3) قد تبالغ وسائل الإعلام فيما تنشره من إثارات حول أخبار العنف، الأمر الذي يظهر العنف سلوكا طبيعيا مقبولا.
(4) قد تصور وسائل الإعلام المجرمين كأنهم يقومون بأعمال بطولية خارقة، وهذا يشجع الأطفال على اعتقاد أن المجرمين قدوة لهم في حياتهم.
(5) الكثير من الكتب والمجلات وقصص المغامرات تعد وسائل إلى الانحرافات السلوكية والعدوانية.
(6) المشاهدة المستمرة للعنف في وسائل الإعلام تؤدي -على المدى الطويل- إلى انعدام الإحساس بالخطر، وإلى قبول العنف بوصفه وسيلة استجابية لمواجهة بعض الصراعات.
وسائل علاج العنف
وعن وسائل علاج العنف والوقاية منه قال د. السلطان: للوصول إلى هذا الهدف يتطلب ذلك التصدي للعوامل المؤدية إلى العنف ومعالجتها بطريقة علمية، ويجب أن تتركز الجهود الوقائية على مرحلتي الطفولة والمراهقة؛ نظرًا لأن سلوك العنف يتكون غالبيته من مرحلة الطفولة المبكرة، وينبغي اتخاذ مجموعة من التدابير الهادفة إلى استئصال الشر من النفس البشرية، وهذه التدابير تؤدي إلى إيقاظ الشعور الديني، الذي يعد الضابط الداخلي لدى كل فرد، لضبط سلوكه وفق الأنظمة المعمول بها، ويحول دون العدوان والعنف الذي في أساسه اعتداء على حقوق الآخرين، وتتمثل أهم التدابير الإسلامية التي ينبغي على مؤسسات المجتمع ترسيخها، وتربية أفراد المجتمع عليها في ترسيخ العقيدة الإيمانية، كونها الأساس الأول لمنع السلوكيات الإجرامية، لقد ربط القرآن الكريم بين الإيمان والأمن في العديد من آياته، قال الله -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (الأنعام: 82).
أثر العقيدة الإيمانية
وأكد د. السلطان أنَّ للعقيدة الإيمانية أثرها في منع انتشار سلوكيات العنف؛ وذلك لأن العقيدة هي أساس بناء الإنسان المسلم؛ فالعقيدة الصحيحة هي الأساس الذي بدأ به الإسلام في تربية المسلم على السلوكيات الرشيدة التي تتسم بالرفق والرحمة، وتعد العقيدة قاعدة بناء الإنسان المسلم في كل مكان وزمان؛ ويمكن أن نوجز وسائل الوقاية من العنف فيما يلي:
(1) المحافظة على عبادة الله -تعالى
إن المحافظة الدائمة على عبادة الله -تعالى- لها أثر فعال وسريع في تهذيب القلوب والسلوك، وهذه العبادة تربط المسلم بالله -تعالى-، وتلزمه باتباع أوامره -سبحانه-، فتجعل سلوك المسلم يتسم بالرفق واللين في معاملاته مع الآخرين، قال الله -تعالى-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45)، روى الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم» (البخاري حديث 1904/ مسلم حديث 1151). روى الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيومَ ولدته أمه» (البخاري حديث 1521 / مسلم حديث 1350).
(2) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يقوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدورٍ مهم في تهذيب السلوك ليكون موافقًا للقيم السامية التي جاء بها الإسلام؛ حيث يؤدي إلى وجود الحياء العام، الذي يجعل الإنسان يبتعد عن أنواع سلوك العنف والانحراف.
(3) دور العبادة المؤثرة الفعالة
العبادة الفعالة لها دور كبير في غرس المبادئ الأخلاقية في الإنسان، فتجعله لا يتهاون في حق الله -تعالى-، ولا في حق أهله، ولا في حق أي فرد في المجتمع الذي يعيش فيه، وتعمل على تهذيب سلوكه، وتبعده عن العنف بأنواعه.
(4) تحقيق التكافل الاجتماعي
وضع الإسلام صورةً رائعةً للمجتمع المسلم المتكافل في مجالات الحياة، روى مسلم عن النعمان بن بشيرٍ، قال: قال رسول الله - صلىالله عليه وسلم -: «مَثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (مسلم حديث 2586)، والتكافل الاجتماعي بالصورة الموجودة في هذا الحديث قادر -بفضل الله تعالى- على التصدي لأنواع العنف والسلوكيات المنحرفة.
(5) الأسرة الصالحة
تعد الأسرة نقطة البداية التي تتركز فيها التدابير الوقائية ضد العنف، وذلك بالعمل على تهيئة الجو المناسب لتنشئة أسرة صالحة واستقرارها، فإذا ساد الحب والتفاهم والتعاون بين أفراد الأسرة، أدى ذلك إلى اجتناب العنف والانحراف؛ ولذلك اهتمت الشريعة الإسلامية بالأسرة، ووضعت المعايير الصحيحة لاختيار الزوجين، وأرست قواعد مهمة لحسن تربية الأبناء في مراحل التربية المختلفة.
(6) وسائل الإعلام الهادفة
يمكن أن يكون لوسائل الإعلام دور إيجابي في الوقاية من سلوك العنف، وذلك من خلال إذاعة برامج وأعمال هادفة، تعمل على ترسيخ القيم الإسلامية الرفيعة، مثل: الإيثار والرفق والتعاون، كما يمكن أن تقوم وسائل الإعلام بإذاعة الأعمال الهادفة، التي تدعو إلى التنفير من العنف، وبيان أسبابه وآثاره الخطيرة على الفرد والمجتمع، وعلى وسائل الإعلام أن تضع وسائل لعلاج هذا العنف، وذلك عن طريق عقد ندوات ومحاضرات يقوم بها علماء الدين والتربية.
دور الإسرة في تحصين الأبناء ضد العنف
وفي المحاضرة الثانية التي كانت بعنوان (دور الأسرة في تحصين الأبناء ضد العنف) تحدث الشيخ فيصل جاسم العثمان عن دور الأسرة؛ حيث ذكر أن الأسرة تعد المؤسسة التربوية الأولى التي يتعامل معها الفرد منذ صغره، وهي على درجة كبيرة من الأهمية في التربية الأخلاقية وتنمية القيم المتعددة وتأصيلها في مراحل نمو الفرد المختلفة ولا سيما في مرحلة الشباب، وهي المصدر الأساس في غرس القيم والمبادئ السليمة لدى الفرد منذ صغره، وذلك بإمداده بالخبرات والمعارف والمعلومات والقيم المجتمعية والدينية، وتزويده بالصفات الحميدة، وغرس المُثل والخصال الحميدة، واتباع منهج الله ورسوله الكريم، وإكساب الفرد السلوك الطيب والقويم في حياته.
الشيخ فيصل العثمان
الأسرة أهم المؤسسات التربوية
وأضاف العثمان، ومن أهمية الأسرة أنَّ الفرد يكتسب منها مجموعة كبيرة من قيمه، وحتى لو أراد الفرد في مرحلة المراهقة الخروج عن تلك القيم التي اكتسبها من الوالدين من باب استظهار الاستقلالية فإنه في نهاية المطاف يعود لامتثال القيم التي نشأ عليها، ونمط التنشئة الذي يختاره الأبوان يمكن أن يجنب الفرد كثيرًا من الصراعات، ولا سيما في المجال القيمي، فنمط الحماية الزائدة أو التسلط أو التدليل ربما يجعل الابن يعاني من الاضطراب أو الضعف في الشخصية؛ بحيث لا يستطيع أن يتكيف بطريقة سليمة مع بيئته؛ مما قد يؤدي إلى حدوث تزعزع في القيم أو تغيير وتبديل لها.
مصدر للأخلاق ودعامة لضبط السلوك
وأكد العثمان أنَّ الأسرة تعد مصدرًا للأخلاق ودعامةً لضبط السلوك الإنساني، وتمثل الإطار الذي يتلقى فيه الإنسان أول درس للحياة الاجتماعية، ورغم صغر حجمها إلا أنها تعد من أقوى أنساق المجتمع، فعن طريقها يكتسب الإنسان إنسانيته، وفيها يتحول الإنسان من كائن عنيف إلى كائن اجتماعي يعيش في انسجام مع الآخرين وفقًا للقيم والمعايير السائدة في المجتمع.
القيم التي تعززها الأسرة لدى الأبناء
وعن القيم التي ترسخها الأسرة في نفوس الأبناء قال العثمان: هناك أساس تشتق منه الأسر المسلمة قيمها وأخلاقها وهو التشريع الإسلامي؛ حيث أعطى الدين الإسلامي الأسرة العناية والاهتمام الكبير؛ ذلك لأنها هي نواة المجتمع، وهي القاعدة الأساسية له، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق»، فيربي الرجل أبناءه على أخلاق المؤمن ومنها الصدق، والرفق، والرحمة، والأمانة، والنخوة، والمروءة، والتسامح، وغيرها من الأخلاق الكريمة، ونتناول في هذا المبحث قيمة التسامح وهي موضوعنا الذي نتحدث عنه.
قيمة التسامح
وعن قيمة التسامح وأهميتها قال العثمان: من أهم القيم الأخلاقية والتربوية التي يجب على الأسرة أن ترسخها في نفوس أبنائها قيمة التسامح، فلابد من تربية الأبناء على الصفح عمن أخطأ في حقهم أو تجاوز حده معهم، أو اختلف معهم؛ فالتسامح قيمة أخلاقية عظمى، وانتصار لروح الخير والأخلاق في النفس الإنسانية على روح الشر من الاستجابة لنزغات الشيطان، والتسامح هو أساس التعامل الذي يفترض أن يحكم علاقة الناس بعضهم ببعض، أما الإصرار على رفض التسامح وبث روح الانتقام فهو إصرار على إلحاق الأذى بالنفس قبل الآخرين.
أسلوب التربية داخل الأسرة
وأشار العثمان إلى أن أسلوب التربية المتبع داخل الأسرة له انعكاساته سلبًا أو إيجابًا على اكتساب سلوك التسامح وتنميته وتعزيزه لدى أبنائنا، فيجب أن تكون بيوتنا منتديات حوارية مفتوحة لأفراد الأسرة كافة، ولنشجع الأبناء على تقبل الرأي الآخر من خلال تقبل آرائهم: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (الإسراء: 7)، ويستطيع الآباء ترسيخ سمة التسامح من خلال لغة التواصل مع الأبناء يشجعونهم عليها ويمارسونها من خلال المواقف والتفاعل معهم.
أساليب تنمية قيمة التسامح وتعزيزها
وعن أساليب تنمية قيمة التسامح وتعزيزها داخل الأسرة، قال العثمان: يمكن للأسرة -من خلال متابعة الأبناء ولا سيما في مرحلة الصغر- أن تسهم بقدر كبير في تنمية القيم الإيجابية وتعزيزها، ولا سيما قيمة التسامح لدى أبنائها، وذلك من خلال استخدام أساليب عدة مستمدة من العقيدة الإسلامية: كالتوجيه والنصح والإرشاد لهم في متابعة تفاعلاتهم وحواراتهم وردود أفعالهم، ومواقفهم الحياتية مع الآخرين؛ حيث أقام الإسلام نظامًا فريدًا لتربية أبنائه، على أساس أن تكوينهم يحفظ عليهم كيانهم، ويحقق التوازن الكامل بين طاقاتهم؛ بحيث لا تدمر فيهم طاقة من الطاقات، بل تعمل كلها في انسجام تام، هذه الأساليب يكثر استخدامها في مجال التربية ورعاية الناشئة والشباب، ويتضح ذلك من خلال عرض الأساليب التالية:
(1) أسلوب النموذج أو القدوة
تعد القدوة الحسنة من أبرز أساليب تنمية القيم وأعظمها لدى الأبناء؛ لما لها من أثر بالغ في صلاح الأمم، ولا سيما وأن الإنسان فُطر على التقليد ومع التكرار يصبح عادةً أو أسلوبًا من أساليبه، ودائمًا الناس لديهم رغبة وحاجة نفسية إلى أن يتشبهوا بالأشخاص الذين يحبونهم ويقدرونهم، ويقول الله -عز وجل- في كتابة الكريم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب: 21) وهو خطاب شامل للإنسانية جمعاء، أما الوالدان فهما قدوة للأبناء، وهما منبع القيم لديهم بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولودٍ إلا يولَدُ على الفَطرَةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه أو يُنَصِّرانِه أو يُمَجِّسانِه، كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جَمعاءَ، هل تُحِسُّونَ فيها من جَدعاء»، ومن الضروري أن يكون النموذج الذي يقتدي به الأبناء نموذجًا صالحًا يعبر عن تلك القيم لا باللسان فقط أو بالدعوة إليها، بل يجب أن تتمثل تلك القيم في سلوك الوالدين أو من يحتذي بهم من الأبناء.
(2) ضرب الأمثلة
أسلوب ضرب الأمثلة أو التوضيح الحسي للمعاني أسلوب نبوي ومنهج رباني، له أثره الفعال على سلوك الإنسان وعواطفه، ويعد من أكثر الأساليب شيوعًا؛ فنجد الأب أحيانًا يسوق مثلًا للتوضيح، والمثل هنا هو الذي يقع في خبرة الأبناء عندما يربط المعنى المراد تعليمه فيصبح مفهومًا وواضحًا إلى حد كبير، وضرب المثل يقوم على التشبيه أي البحث عن عنصر مشترك بين أمر نعرفه وأمر لا نعرفه، والأساس العلمي والنفسي لهذا هو أن التعلم يكون أسرع وأكثر توفيقًا كلما ارتبط بما نعيشه ونفهمه؛ ذلك أن العمل يقوم على مشاركة بين أعضاء حسية مختلفة وتفاعل، فضلا عن العقل، فيكون أثره أكثر فعالية وأشد قوة.
أسلوب التوجيه والموعظة الحسنة
يستميل هذا الأسلوب قلوب الشباب، ولا سميا إذا اقترن الوعظ بالمحبة والعطف واللين، وتكون نتائجه إيجابية، ولا سيما وأن هذا الأسلوب كان من أساليب الأنبياء والرسل في تبليغ دعوتهم؛ لما له من تأثير كبير على الإنسان ولا سيما إذا كان واعيًا وصافي النفس.
أسلوب الترغيب والترهيب
وهو أسلوب يتفق وطبيعة الإنسان؛ حيث يستخدمه الوالدان لدفع الأبناء إلى عمل شيء أو الزجر عنه، وذلك في محاولة منهما لتفادي الوقوع في الخطأ، والترغيب عادة يتضمن الوعظ والنصيحة وبيان محاسن هذا الأسلوب ومضار غيره، وهو من الأساليب التي جاءت بها التربية الإسلامية إلى كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - القولية والفعلية.
أسلوب استخدام الأحداث والمواقف
يعرف أسلوب الأحداث أو المواقف بأنه استغلال حدث معين لإعطاء توجيه معين، فكل حدث يتعرض له الفرد يحدث له تأثيرًا في نفسه، ويمكن استغلال تلك المواقف في توجيه نفوس الشباب وصقلها وتهذيبها؛ حيث يتميز ذلك الأسلوب عن بقية الأساليب؛ لما له أثر فعال؛ لأنه يجيء في أعقاب حدث يهز النفس كلها هزًّا، فتكون أكثر إيجابية وقابلية للتأثر، ويكون التوجيه أفعل وأعمق وأطول أمدًا في التأثير من التوجيهات العابرة.
أسلوب الحوار
يعد هذا الأسلوب من أنجح الأساليب التربوية وأفردها، إذا قام الحوار على خطوات منطقية عقلية صحيحة مدعمة بالدلائل والشواهد، كما أن هذا الأسلوب قلما يصاحبه الملل أو السأم؛ نظرًا لما يوقظه من العواطف والانفعالات في نفس الأبناء، ومن الآثار التربوية لهذا الأسلوب تربية العقل على التفكير السليم وتحرير الصواب، والرغبة في الوصول إلى الحقيقة إذا روعي مستوى نضج من نُحاوره أو نناقشه، فضلا عن التدرج في المناقشة من البسيط الواضح المقنع إلى الأكثر تركيبًا أو تعقيدًا.
أسلوب الإقناع العقلي
على الأسرة أن تعتمد على الإقناع العقلي وضرب الأمثلة وإثارة الخيال، وتقريب الصورة لدى الشاب حتى يزداد الإيمان، وتترسخ القناعة، ويصبح التطبيق آنذاك ناتجًا عن قناعة داخلية، لا يمكن أن تتبدل أو تتغير، وليس ناشئا عن التقليد للآخرين الذي سرعان ما يزول أثره عند أدنى حد مؤثر يتعرض له الشاب.
أهمية الالتزام بالقيم
وختم العثمان محاضرته بضرورة قيام الآباء بتعليم الأبناء أهمية الالتزام بالقيم لنيل رضا الله -تعالى عز وجل- ثم اكتساب محبة الآخرين واحترامهم ودوام رفقتهم، مؤكدًا أنَّه كلما تعددت أساليب غرس القيم وتعددت وسائلها، كان ذلك أنفع للأبناء، فالمربي الماهر الموفق يتحول بين الأساليب، ويواظب على أهمها، مثل: أسلوب القدوة والقصص، ويتفاوت استعماله لباقي الأساليب بحسب الظروف، كأسلوب المناقشة والحوار والوعظ والترغيب والترهيب.
أثر الإعلام في حماية المجتمع من العنف
وفي المحاضرة الأخيرة للندوة التي كانت بعنوان: (أثر الإعلام في حماية المجتمع من العنف)، تحدث فيها رئيس قطاع العلاقات العامة والإعلام م. سالم الناشي؛ حيث افتتح كلمته بتقديم الشكر الجزيل لرئيس مجلس إدارة جمعية إحياء التراث الإسلامي م. طارق العيسى على تشجيعه ودعمه المتواصل لجهود القطاع، وكذلك الإخوة في مجلس الإدارة ورؤساء القطاعات المختلفة، كما تقدم بجزيل الشكر والامتنان للموظفين في قطاع العلاقات العامة والإعلام، ولا سيما مديري الإدارات على الجهود المبذولة في إعداد الدراسة، وكذلك التحضير لإقامة الندوة، وشكر للضيوف حرصهم واهتمامهم بالحضور والمشاركة في الندوة.
م سالم الناشي
شعار الندوة
وعن شعار الندوة التي انطلقت منه قال الناشي: تبنت الندوة شعارًا قرآنيا، وهو صفة للمؤمنين المخلصين، وهي (رحماء بينهم) وهي دعوة لأن يسود التراحم والإخاء بين أفراد المجتمع، ولا سيما الشباب الذين انتشرت بينهم ظاهرة العنف.
اسم الندوة
وعن سبب إقامة الندوة، واختيار هذا الاسم تحديدا، قال الناشي: جاءت الندوة استجابة لما دعا إليه معالي وزير الداخلية الشيخ ثامر العلي السالم الصباح، بعمل دراسة شاملة لما يحدث في المجتمع من عنف ومشاجرات، بالتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة في الدولة، للوصول إلى وضع تصور شامل عن الظاهرة، ومعرفة أسبابها ووضع الحلول السريعة لها، والقضاء عليها، وحماية أفراد المجتمع منها، وقد اختير اسم الندوة وورشة العمل ليكون (نبذ العنف وتعزيز التسامح بين الشباب) تأكيدا للمعاني التي استهدفتها دعوة معالي وزير الداخلية.
تعريف الاتصال COMMUNICATION
ثم تحدث الناشي عن مفهوم الاتصال بوصفه مدخلا للحديث عن أثر الإعلام على ظاهرة العنف فقال: الاتصال هو كل نشاط يشترك فيه طرفان أو أكثر، بوصفها قوى فاعلة في هذا النشاط؛ من حيث التبادل في الإرسال والتلقي، وذلك بدرجات متفاوتة من الفاعلية، سواء في وجهة النشاط، أم فيما قد ينتج عنه من تأثير.
مكونات عملية الاتصال
وعن مكونات عملية الاتصال قال الناشي: يتكون الاتصال من مكونات هي المصدر والوسيلة التي تحمل الرسالة الإعلامية، ومن ثم المستقبل الذي يحدث له تأثير وردة فعل.
تعريف الإعلام Media
ثم انتقل الناشي إلى تعريف الإعلام قائلاً: الإعلام هو مجموعة من قنوات الاتصال المستخدمة في نشر الأخبار أو الإعلانات الترويجية أو البيانات، ويعرف الإعلام بأنه الوسيلة الاجتماعية الرئيسية للتواصل مع الجماهير، كما أنه المعلومات التي تنشر بواسطة الوسائل الإعلامية، مثل الصحافة والإذاعة والتلفزيون، كذلك الإعلام يكون بمجموعة من الوسائل التي تؤثر على نطاق كبير من الأفراد، كالإنترنت والمجلات.
ثم بين أن الإعلام هو مصطلح يطلق على أي وسيلة أو تقنية أو منظمة أو مؤسسة تجارية أو أخرى، عامة أو خاصة، رسمية أو غير رسمية، مهمتها نشر الأخبار ونقل المعلومات، والترفيه والتسلية، ومؤسسات التكنولوجيا الإعلامية، ويسمى الإعلام أيضًا بالسلطة الرابعة.
العنف المجتمعي
ثم انتقل الناشي إلى الحديث عن العنف المجتمعي معرفًا إياه بأنه: تعبير عن القوه الجسدية التي تصدر ضد النفس أو أي شخص بطريقة متعمدة، أو إرغام الفرد على إتيان هذا الفعل نتيجة لـشعوره بالآلام بسبب ما يتعرض له من أذى، وهذا التعريف جاء في قاموس جامعه أكسفورد.
كذلك العنف هو الاستخدام المتعمد للقوة المادية، سـواء بالتوبيخ أم بالتهديـد المعنف أم الاستخدام الفعلي لها، من قبل المعنف ضد نفسه أو ضد شخص آخر أو ضد مجتمع؛ بحيث يـؤدى إلى احتمال حدوث إصابة مؤدية إلى عـاهة أو موت أو إصابته بمرض نفسي. (منظمة الصحة العالمية).
دراسات سابقة
ثم استعرض الناشي عددا من الدراسات السابقة التي تتناول أثر وسائل الإعلام في نشر العنف، منها دراسة لرسالة ماجستير عنوانها: (دور وسائل الإعلام في الحد من ظاهرة العنف الاجتماعي في دولة الكويت من وجهة نظر الشباب الجامعي الكويتي)، إعداد محمد يوسف حاجي الفيلكاوي، وتتمحور مشكلة هذه الدراسة حول السؤال الآتي: هل قامت وسائل الإعلام الكويتي بدورها المطلوب في الحد من ظاهرة العنف الاجتماعي في دولة الكويت من وجهة نظر الشباب الجامعي الكويتي؟
وقد خرجت هذه الدراسة بعدد من التوصيات من أهمها:
1. محاولة إجراء دراسات مستقبلية تبحث في دور كل وسيلة من وسائل الإعلام في كيفية الحد من ظاهرة العنف بشتى أشكاله في دولة الكويت وغيرها من الدول.
2. عمل قنوات إذاعية ومواقع إلكترونية جاذبة للشباب وقادرة على التأثير في ثقافاتهم.
3. تبني قنوات التلفزيون المحلي برامج هادفة تحاكي اهتمامات الطلبة الجامعيين.
دراسة: ( Bushman & Anderson) (2001).
ثم ذكر دراسة أخرى بعنوان: (العنف في وسائل الإعلام والرأي العام الأميركي: حقائق علمية مقابل التضليل الإعلامي)، وخلصت هذه الدراسة إلى وجود صله إيجابية وجودا واضحا تجاه الرفض لما يبث على وسائل الإعلام من مشاهد العنف، وزادت باستمرار مع مرور الوقت.
دراسة: ( Hummer) (2015)
ودراسة ثالثة بعنوان: ( تأثير مشاهد العنف في وسائل الإعلام على تطور العقل الإجرامي: ما ينتظرنا في المستقبل)، وبين أنها أشارت إلى أن المشاهد المصورة للعنف في وسائل الإعلام تعمل على التحريض على العنف، وذلك من خلال التغذية المستمرة للفكر من خلال متابعة المشاهدة، وخرجت بمجموع من النتائج، أهمها: عدم مشاهدة الأطفال لمشاهد العنف في وسائل الإعلام على المدى الطويل.
ظاهرة تهدد أمن المجتمع
وفي مداخلة له أشاد مدير مدرسة ابن العميد الثانوية بنين الأستاذ فهد المضاحكة بالندوة مؤكدًا أهميتها في الوقت الراهن؛ نظرًا لتزايد مظاهر العنف المجتمعي بين الشباب، مما يستدعي جميع مؤسسات الدولة للتعاون فيما بينها لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد أمن المجتمع وسلامته، كما أشار المضاحكة إلى زيادة ظاهرة العنف والتنمر بين طلاب المدارس، مؤكدًا أنهم -وفقًا لإحدى الدراسات التي أجريت على شريحة من الطلبة عددهم 500 طالب- خرجت تلك الدراسة بنتائج مخيفة؛ حيث وجدوا أن نسبة 100 أسرة فقط من أسر هؤلاء الطلبة أسر مستقرة، أما الـــ 400 أسرة الباقية فهي أسر تعاني عدم الاستقرار؛ نظرًا لانفصال الأب عن الأم، وأكد المضاحكة أنَّ العنف المدرسي له آثار سلبية كثيرة لا تقتصر على الطلاب وحدهم بل تمتد إلى المجتمعات، وينتج عنه خوف الطلاب من الذهاب إلى المدرسة؛ لأنهم يظنون أن المدرسة مصدر للعنف، ويصعب التغلب على ذلك مسقبلًا، وكذلك فقدان الثقة بالنفس كما يؤدي أيضًا إلى تنمية بعض العادات غير المرغوب فيها لدى الطلاب، مثل الكذب والتحايل للهروب من العقاب البدني.
أ فهد المضاحكة
العنف مثل كرة الثلج
وقد بين مدير مدرسة ابن الأثير الأستاذ صباح أحمد الطيار -في مداخلته- أنَّ العنف مثل كرة الثلج، في بدايتها لا تؤثر كثيرا ولا نشعر بها، ثمّ تتراكم وتتفاقم وتكبر حتى تصبح أكبر وأكثر تأثيرا وخطورة، وهذا ما نشاهده الآن من تزايد معدلات العنف السلوكية والأخلاقية وانتشار المخدرات وغيرها من الظواهر السلبية بين الشباب، لدرجة أن بعض الطلبة تحول من مجرد متعاط إلى مروج لتلك السموم، وأرجع الطيار أن أحد الأسباب المهمة في هذه الظاهرة عدم صرامة الإجراءات وعدم جدية القوانين في مواجهتها، وعن مواجهة هذه الظاهرة قال الطيار: يجب نشر قيم التسامح والمحبة بين الطلاب،ونبذ التطرف والعنف في التعامل مع الآخرين، وعلى المؤسسات الخيرية والدعوية والعلماء والدعاة القيام بدورهم والنزول إلى المدارس وعمل الجولات الميدانية والمحاضرات والندوات للتوعية بمخاطر هذه الظاهرة وتداعياتها.
أ صباح أحمد الطيار
توصيات الندوة
(1) العنف مشكلة مجتمعية تهدد أمن المجتمع واستقراره؛ لذلك لا بد من تعاون مؤسسات الدولة كافة (الأسرة، والمدرسة، ومؤسسات المجتمع المدني) للتعاون في مواجهة هذه الظاهرة.
(2) لابد من تعزيز التسامح بوصفه واجبا شرعيا وضرورة حتمية لمواجهة العنف وما ينطوي عليه من مخاطر وآفات.
(3) من أسباب العنف ضعف الوازع الديني؛ لذلك لابد من إيقاظ هذا الوازع في نفوس الشباب وربطهم بدور العبادة والمحاضن التربوية الموثوقة.
(4) الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى، لذلك لابد من العناية ببنائها على القيم والأخلاق الإسلامية النبيلة.
(5) لابد من قيام الوالدين بدورهما الفاعل في التربية وتعزيز مبدأ الرقابة على الأبناء ومتابعتهم فكريا وسلوكيا وإيمانيا.
(6) المدرسة هي المؤسسة التربوية الثانية المؤثرة في الشباب؛ لذلك لابد من العناية بالمناهج التي تعزز التسامح وتحذر من العنف وكذلك الاهتمام بالكوادر التربوية من معلمين ومعلمات.
(7) لوسائل التواصل الاجتماعي أثر كبير على انتشار ظاهرة العنف؛ لذلك لابد من تشديد الرقابة على هذه الوسائل ووضع القوانين الصارمة لضبطها وإيجاد البدائل المناسبة لها.
(8) لابد من مواجهة انتشار ظاهرة المخدرات؛ فهي السبب الرئيس لزيادة ظاهرة العنف ووضع القوانين الصارمة لمواجهتها.
(9) أهمية دور العلماء والدعاة في توعية المجتمع ولاسيما الشباب من خلال المحاضرات الميدانية في المدارس والجامعات.
(10) يمكن أن تؤدي وسائل الإعلام دورا مهما في الحد من ظاهرة العنف الاجتماعي.
(11) أهمية توفير بيئة إعلامية للحوار والنقاش حول ظاهرة العنف الاجتماعي.
(12) تأكيد أهمية دور التلفزيون للحد من ظاهرة العنف الاجتماعي.
(13) أهمية تفعيل دور وسائل الإعلام بتوعية الشباب لاستخدام الحوار البناء عند التعامل مع الآخرين.
(14) يجب أن تقوم وسائل الإعلام بدور أكبر في تنمية وعي الشباب بأخطار حوادث العنف المجتمعي.
(15) الاعتماد على الرسائل الإعلامية المرئية لإحداث الإقناع لدى الشباب.
(16) أهمية تكامل الوسائل الإعلامية لمعالجة ظاهرة العنف المجتمعي.
إعداد اللجنة الفنية الخاصة بالندوة
دراسة قطاع العلاقات العامة والإعلام
ثم استعرض م. سالم الناشي الدراسة التي قام بها قطاع العلاقات العامة والإعلام، التي شملت عينة بلغت 200 مشارك؛ حيث نُشرت (استبانة) إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تضمنت 3 أسئلة شخصية و 7 أسئلة موضوعية.
الذكور والإناث:
(1) الذكور والإناث: تبين من الاستبانة أن هناك مشاركة من الجنسين الذكور والإناث؛ مما يدل على أن الشريحة موزعة على الفئتين ولم تغفل فئة، ولكن الذكور بنسبة أكبر لطبيعة المشكلة.
المؤهل:
(2) المؤهل: نلاحظ مشاركة أكبر من الجامعيين، ومشاركة شبه متساوية من فوق الجامعي ودون الجامعي.
الفئة العمرية:
(3) الفئة العمرية: يتضح أن الفئة الأكثر تفاعلا فوق 51، وتليها الفئة العمرية من 31 - 40 عاما ثم من 41 - 50 وهكذا. وقد يكون هذا بسبب اهتمام أولياء الأمور وقلقهم من هذه الظاهرة.
تحليل أسئلة الاستبانة
السؤال الأول :
أكد 38 % من العينة أن وسائل الإعلام يمكن أن تؤدي دورا مهما في الحد من ظاهرة العنف الاجتماعي، في حين أكد 36 % أن وسائل الإعلام لا يمكنها أن تقوم بهذا الدور.
السؤال الثاني :
- هل هناك بيئة إعلامية توفر الحوار والنقاش للحديث عن ظاهرة العنف الاجتماعي؟
رفض 40 % من العينة وجود بيئة إعلامية توفر الحوار والنقاش للحديث عن ظاهرة
العنف الاجتماعي، في حين أكد 17 % من العينة وجودها.
السؤال الثالث :
إدراكا لأهمية التلفزيون قال 74 % من العينة: إنه يمكن الاستفادة من الأعمال التلفزيونية وغيرها للحد من ظاهرة العنف الاجتماعي.
السؤال الرابع :
- هل تقوم وسائل الإعلام بتوعية الشباب لاستخدام الحوار البناء عند التعامل مع الآخرين؟
أشار 45 % من العينة أن وسائل الإعلام لا تقوم بتوعية الشباب لاستخدام الحوار البناء عند التعامل مع الآخرين؟ في حين ذكر 40 % منها أنها تقوم بذلك إلى حد ما.
السؤال الخامس :
- هل تقوم وسائل الإعلام بتنمية وعي الشباب بأخطار حوادث العنف المجتمعي؟
بين 45 % من أن وسائل الإعلام لا تقوم بتنمية وعي الشباب بأخطار حوادث العنف المجتمعي في حين ذكر 40 % أنها تحقق ذلك إلى حد ما.
السؤال السادس :
- هل تعد الرسالة الإعلامية المرئية أكثر عناصر الاتصال فاعلية وقدرة لإحداث الإقناع لدى الشباب ؟
أكد 65 % من العينة أن الرسالة الإعلامية المرئية تعد من أكثر عناصر الاتصال فاعلية وقدرة لإحداث الإقناع لدى الشباب.
السؤال السابع :
- هل ترى وجود تكامل بين الوسائل الإعلامية المختلفة لمعالجة ظاهرة العنف المجتمعي؟
قال 55 % من العينة: إنه لا يوجد تكامل بين الوسائل الإعلامية المختلفة لمعالجة ظاهرة العنف المجتمعي في حين أن نسبة أقل قالت بوجود هذا التكامل.
توصيات دراسة قطاع العلاقات العامة والإعلام
وختم الناشي محاضرته بعدد من التوصيات التي خرجت بها الدراسة وكانت كالتالي:
1. يمكن أن تؤدي وسائل الإعلام دورا مهما في الحد من ظاهرة العنف الاجتماعي.
2. أهمية توفير بيئة إعلامية للحوار والنقاش حول ظاهرة العنف الاجتماعي.
3. تأكيد أهمية دور التلفزيون للحد من ظاهرة العنف الاجتماعي.
4. أهمية تفعيل دور وسائل الإعلام بتوعية الشباب لاستخدام الحوار البناء عند التعامل مع الآخرين.
5. يجب أن تقوم وسائل الإعلام بدور أكبر في تنمية وعي الشباب بأخطار حوادث العنف المجتمعي.
6. الاعتماد على الرسائل الإعلامية المرئية لإحداث الإقناع لدى الشباب.
7. أهمية تكامل الوسائل الإعلامية لمعالجة ظاهرة العنف المجتمعي.
لاتوجد تعليقات