رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 11 أبريل، 2016 0 تعليق

قبل مفاوضات الكويت- إنعدام التناغم أطاح بنائب الرئيس وجاء بالأحمر

مكاوي: القرارات الرئاسية جاءت لتحسين الوضع التفاوضي بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216، وتهيئة لجولة المفاوضات المرتقبة في الكويت

السعودية تعول على الجنرال الأحمر لخوض معركة تحرير صنعاء في حال فشل مفاوضات الكويت؛ لما له من ثقل عسكري وقبلي

لم يكن غريبا أن تتفق جميع الأطراف على عقد اجتماعها المقبل في الكويت؛ فقد وقفت إلى جانب اليمن في جميع المراحل

الكويت كانت سباقة دائمًا لإطفاء الحرائق وتضميد الجراح والعمل على تثبيت دعائم السلام وصنع الوفاق والاستقرار في اليمن

 

في الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات لإطلاق مفاوضات الكويت التي تجمع أطراف الصراع اليمني بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي يضع حداً للأزمة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من خمسة أعوام، قرر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إقالة خالد بحاح من منصبي رئيس الوزراء ونائب الرئيس وتعيين الفريق الركن علي محسن الأحمر في منصب نائب الرئيس، والدكتور أحمد عبيد بن دغر في منصب رئيس الوزراء، فهل لهذه الخطوات علاقة بالمفاوضات المرتقبة؟ هذا ما سنعرفه من التقرير الآتي:

نص القرار

     أشار القرار الذي نشره موقع الرئيس اليمني إلى أن الخطوة جاءت نتيجة «تعثر الأداء الحكومي في تخفيف معاناة أبناء شعبنا وحلحلة مشكلاته وتوفير احتياجاته، ولاسيما دمج المقاومة وعلاج الجرحى ورعاية الشهداء، ولعدم توفر الإدارة الحكومية الرشيدة للدعم اللامحدود الذي قدمه الأشقاء في التحالف العربي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبدالعزيز، ولتحقيق ما يصبو إليه شعبنا من استعادة الدولة واستتباب الأمن والاستقرار وللمصلحة الوطنية العليا للبلاد».

تحسين الوضع التفاوضي

     من ناحيته أكد مستشار الرئيس اليمني، ياسين مكاوي، أن هذه القرارات تأخرت، وإنه كان يفترض أن تتخذ منذ وقت مبكر، ويرى مكاوي أن، «القرارات الرئاسية ما جاءت إلا لتعزيز دور التشاور وتحسين الوضع التفاوضي بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216، في إشارة إلى جولة المفاوضات المرتقبة في دولة الكويت في الـ18 من الشهر الحالي، وبأنها تمثل خطوة باتجاه ردم الهوة التي اختلقت، خلال الفترة الماضية، بين السلطة الشرعية والمواطن»، وفقاً لصحيفة الشرق الأوسط، وفقا لموقع «24».

ورداً على بعض الأصوات التي تحدثت عن صلات سابقة كانت تربط بين الأحمر وبن دغر، والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، قال مكاوي: إن «علينا ألا نتحدث عن الأفراد، وإنما عن منظومة الشرعية التي تستعيد اليوم دورها الموحد والتوافقي في مواجهة الانقلاب، ومن أجل إنهاء هذا الانقلاب والتمرد واستعادة الدولة المنهوبة».

انعدام التناغم

     وأشار مستشار هادي إلى أن «انعدام التناغم، خلال الفترة الماضية، كان سيتسبب في ضعف أداء فريق المفاوضات للحكومة، وبالتالي وبهذه القرارات التي اتخذها الرئيس عبد ربه منصور هادي، أعيد زمام الأمور إلى فريق التفاوض، في ضوء وحدة الصف المواجه للانقلاب والتمرد، وفي ضوء توفير الإمكانيات التي ستحقق الانتصارات على الأرض».

أطروحات أحادية غير مقبولة

     وبشأن ما جرى تداوله، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، من أن الحوثيين كانوا يسعون إلى المطالبة، في المفاوضات، بأن يسلم الرئيس عبد ربه منصور هادي صلاحياته وينقلها إلى نائبه (السابق)، قال مكاوي: إن «هذه الأطروحات، إن وجدت، فهي أطروحات أحادية وغير مقبولة»، و«نحن نتحدث عن استعادة الدولة التي اغتصبت وهذه المسائل التي تسرب لا يمكن القبول بها في ضوء عدم تنفيذ القرار الأممي، والانتقال فيما بعد بالعملية السياسية من حيث توقفت بالاستناد إلى مخرجات الحوار الوطني».

دلالات التعيين

دلالات تعيين الشخصيتين كثيرة؛ فاللواء الأحمر كان قد عين في فبراير الماضي نائبًا للقائد العام للقوات المسلحة، وهو ما كان يدل على اقتراب احتلال الأحمر دورًا مهمًا داخل المشهد في اليمن في الأيام التالية، وهو ما قد كان بعد ذلك بتعيينه نائبًا للرئيس.

كذلك تعيين بن دغر رئيسًا للوزراء، وهو آخر المنشقين عن جوقة الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح وأحد المحسوبين على الحراك الجنوبي يحمل العديد من الرسائل في طياته، لها أكثر من بعد جغرافي وسياسي واجتماعي.

تصفية المشكلة

     بعض المحللين رأى أن السعودية بدأت تستعد لتصفية المشكلة اليمنية نهائياً، من خلال المفاوضات مع الحوثيين لوضع حد للأزمة المتفاقمة، تلك المفاوضات هي جانب من الحل بالتأكيد، والجانب الآخر ترتيب البيت الداخلي اليمني بتحضير من سيستلم صنعاء في حالة خروج جماعة أنصار الله الحوثي منها في أي وقت.

     كما أشار هؤلاء إلى أن هذه الخطوة ربما تجعل الحوثيين أمام خيارين كلاهما مُرٌّ بالنسبة إليهم في المفاوضات المقبلة، فإما القبول بهادي وسلطته التي انقلبوا عليها من قبل، وإما القبول باللواء الأحمر نائبه الذي خاض حربًا ضارية أمام الحوثيين إبان فترة حكم المخلوع صالح.

حيث تعول السعودية فيما يبدو على الجنرال الأحمر لخوض معركة تحرير صنعاء في حال فشل المفاوضات القادمة؛ لما له من ثقل عسكري وقبلي، بعد أن سئمت ربما من تململ إدارة هادي وطاقمه الذي كان يترأسه بحاح.

ورقة استراتيجية

     فالأحمر كان ورقة استراتيجية في يد السعودية منذ أن أخرجته من صنعاء بعد أن اجتاحها الحوثيون، وقد جاء دوره الآن للدفع به؛ حيث تنتظر الرياض من الأحمر إعادة ترتيب الوضع العسكري في اليمن عن طريق استمالة وتحييد القبائل التي تحيط بصنعاء العصية على الاقتحام حتى هذه اللحظة.

قرار ذكي

     وقد أيد هذا القرار بتعيين الأحمر العديد من المتابعين للشأن اليمني واصفين إياه بالقرار الذكي الذي جاء متأخرًا؛ حيث إن الأحمر يتمتع بشعبية في اليمن نظرًا لتأييده الثورة اليمنية في بدايتها ضد المخلوع علي عبدالله صالح، كذلك يُعد الأحمر ممثلًا للقوة القبلية الشمالية، ومسيطرًا على جناح من الجيش، ويمكن استثمار علاقته بالإسلاميين في اليمن للحشد لمعركة كبرى ربما يتخلف عنها بعضهم بسبب توتر العلاقات مع السعودية.

بحاح ينتحر سياسياً

     من جهة أخرى رفض خالد بحاح القرارات الرئاسية، وأصدر بيانًا وصفه بعض المحللين بالضعيف للغاية مؤكدين أن الرجل ليس لديه أي مسوغ يؤهله لرفض قرارات الرئيس هادي، مؤكدين أن هذا الموقف الذي اتخذه ربما يقضى على مستقبله السياسي قضاء كاملاً وتاماً، ولن تثق أي قوة سياسية يمنية بعد اليوم بأن يشغل خالد بحاح منصبًا رفيعًا في الدولة، وهو الذي كان يطمح لمنصب رئيس الجمهورية.

ليس غريبا على الكويت

     لم يكن غريبا أن تتفق جميع الأطراف اليمنية على عقد اجتماعها المقبل في الكويت، فقد وقفت الكويت إلى جانب اليمن الشقيق، منذ أواسط القرن الماضي، فكانت سباقة إلى مد يد العون ببناء المدارس والمستوصفات، عبر هيئة الجنوب والخليج العربي، وأكدت محطات تاريخية عديدة أن الكويت لم تدخر يوما أي جهد في أداء واجبها الأخوي نحو أبناء اليمن في مختلف المجالات.

دعم اقتصادي

     ففي المجال الاقتصادي قدم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لليمن حتى نهاية شهر مارس من العام الماضي، قروضا تجاوزت قيمتها 167 مليون دينار، فضلا عن المنح والمساعدات التي قدمتها الحكومة لبناء مساكن في إقليم ذمار، ودعم استراتيجية مكافحة مرض الملاريا، وصندوق الحياة الكريمة وتمويل برنامج إعمار المناطق المتضررة وتجاوزت قيمتها 19 مليون دينار.

دعم سياسي

     كما كانت الكويت سباقة دائمًا لإطفاء الحرائق وتضميد جراح الأشقاء، والعمل على تثبيت دعائم السلام والاستقرار في اليمن؛ فقد قامت بدور كبير من خلال لجنة الوساطة العربية، في وقف الصدامات الحدودية بين شطري اليمن عام 1972، وأثمرت الوساطة توقيع اتفاقية سلام عقب الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد إلى البلدين.

     في 28 مارس 1979 استضافت الكويت المفاوضات بين رئيس الجمهورية العربية اليمنية علي عبدالله صالح، ورئيس جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية عبد الفتاح إسماعيل، وتوجت المفاوضات التي حضرها الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد بالتوقيع على بيان الوحدة اليمنية، والاتفاق على قيام لجنة مشتركة بإعداد مشروع دستور دولة الوحدة خلال أربعة أشهر.

وفي 23 نوفمبر 1981 استضافت الكويت اجتماع الرئيسين علي عبدالله صالح وعلي ناصر لتصفية الخلافات وتنقية الأجواء بين شطري اليمن، وكانت تلك القمة محطة مهمة في المسار الوحدوي.

     وحين توترت العلاقات بين سلطنة عمان وجمهورية اليمن الديموقراطية في الثمانينات، دعت الكويت إلى عقد اجتماع لوزيري خارجية البلدين على أرضها، وتم الاتفاق على إنهاء الحرب الإعلامية والدعائية بين البلدين، واحترام كل دولة لسيادة أراضي الدولة الأخرى وسلامتها، ولمبادئ حسن الجوار.

وأسهمت الكويت في المبادرة التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي، ووقع عليها علي صالح في نوفمبر 2011، ونصت على نقل السلطة من الرئيس إلى نائبه، وتكوين حكومة وحدة وطنية.

     وسجل الكويت حافل بالمبادرات، والوساطات البعيدة عن الشبهات، والمساعي الحميدة لحل الخلافات والنزاعات العربية العربية، ودرء المخاطر الخارجية، وإرساء دعائم السلم والاستقرار، وتعزيز التضامن والعمل المشترك، انطلاقاً من مبادئها وسياستها الحكيمة التي تحظى بالتقدير والاحترام في المحافل الدولية، من المثقفين معها والمخالفين لها.

     ويعرف القاصي والداني الدور الكبير الذي قام به سمو الأمير في رسم هذه السياسة وهندستها عبر السنين والأزمات والعواصف. وقد أشار إلى ذلك الأمين العام لجامعة الدول العربية د. نبيل العربي؛ حيث قال: «إن أمير الكويت يقوم بدور مهم للغاية، سواء فيما يتعلق بالعلاقات البينية بين الدول العربية أم في العلاقات بين الدول العربية ومناطق أخرى وعلى رأسها أفريقيا».

     واعتادت الكويت أن تفتح ذراعيها لمن يجنح إلى السلم، وألا تدخر جهداً في صنع الوفاق، ولعل اللقاء الذي سيعقد برعاية الأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري، يشكل انطلاقة نحو الحل السياسي، بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، لوقف النزف وإحلال السلام، وبناء (اليمن السعيد).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك