فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ
لكل إنسان منا في الحياة مجموعة مِن الأهداف التي يحلم بتحقيقها, ويرجو الوصول إليها، ولعل الهدف المشترك بين الجميع هو الوصول إلى رضوان الله -عزوجل- ودخول الجنة، وفي طريق الوصول لهذا الهدف يقابلنا الكثير من العقبات التي تقف عائقا بيننا وبين تحقيقه، ولكن يا ترى: ما أكبر عائق في طريق وصولك لأهدافك ودخولك الجنة؟!
هذا التساؤل الذي قد يحير بعضنا الآن؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أجاب عنه عندما قال لربيعة بن كعب الأسلمي: «سَلْ»، فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟» قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» (رواه مسلم).
- «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ»: قالها النبي -صلى الله عليه وسلم- لربيعة -رضي الله عنه- يخبره فيها ويخبرنا جميعًا من بعده أن أكبر عائق في طريق وصولك لأهدافك ودخولك الجنة ورضا الله عنك، هو نفسك.
- «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ»: معناها أن العائق الأكبر بينك وبين نجاحك سواء في الدنيا أم في الآخرة هو نفسك؛ فالنجاح والفلاح في التغلب على هذا العائق، قال الله -تعالى-: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (الشمس:7-10)، وقال -تعالى-: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (النازعات:40-41).
- «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ»: نستفيد منها أنك وحدك أدرى إنسان بنفسك بعد الله -سبحانه وتعالى-، قال الله -عز وجل-: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} (القيامة:14)، فأنت أدرى بذنوبها ومعاصيها، وتقصيرها وتفريطها، وطاعتها وعبادتها، ومن ثم أنت أفضل مَن يستطيع التعامل معها والتغلب عليها.
لذلك لابد أن تقف مع نفسك لتحاسبها وتراجعها وتجاهدها؛ لأنها دائمًا تميل للراحة والكسل، وغالبًا تأمرك بالسوء والمنكر.
قال سفيان الثوري -رحمه الله-: «ما عالجتُ شيئًا أشد عليَّ مِن نفسي، مرة لي ومرة علي»، وأفضل أنواع الجهاد أن يجاهد المرء نفسه وهواه، فما أحوجنا إلى مجاهدة النفس! حتى ترتقي نفوسنا مِن أمارة إلى لوامة، ثم مِن لوامة إلى مطمئنة حتى نسمع هذا النداء في آخر حياتنا: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ. ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبَادِي. وَادْخُلِي جَنَّتِي} (الفجر:27-30).
لاتوجد تعليقات