رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 14 يونيو، 2011 0 تعليق

في هذه الدنيا.. كل شيء مؤقت

- أشعر بالشبع من الدنيا، مضت ستون سنة، ذهبت القوة التي كنا نتباهى بها، والعنفوان الذي كنا نتصرف من خلاله، والصحة التي كنا نتمتع بها، ذهبت لذة الشهوات، ولذة الطعام، ولذة النوم، ولذة المزاح، وأصبحت الأشياء لا قيمة لها، والإغراءات لا بريق لها، هل هي حقيقة الأشياء أم تقدم العمر الذي نال منا؟!

هكذا بدأ صاحبي حديثه، وكنا في جلسة هادئة بأحد مقاهي جبل لبنان.. تابع حديثه:

- ها نحن أولاء نتمتع بالجو الجميل، والمناظر الطبيعية، ولكن سرعان ما سينتهي هذا ونرجع إلى الديار، ولا يبقى من هذه اللذة شيء.

شعرت أنه يريدني أن أعلق:

- لقد وصف الله عز وجل هذه الحالة، ولكن أحدنا لا يعرفها على حقيقتها حتى يمر بها، استمع إلى قول الله تعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} (الروم: 54)، فمن رحمة الله أن يأتي الضعف مع تقدم العمر، حتى تتهيأ للإنسان أسباب الرجوع إلى الله والكف عن المعاصي؛ وذلك أن دواعي المعصية تضعف والرغبة بالشهوات تضمحل؛ فيتجه الإنسان إلى ربه مع تقدم عمره.

هذا مايتعلق بالإنسان، أما الدنيا بالنسبة له فأيضاً بينها الله في كتابه، فقال عز وجل: {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} (الحديد: 20)، فهي متاع، والمتاع لغة هو كل ما يستمتع به، والغرور: الخداع، بمعنى أن الدنيا متاع خادع يغر صاحبه لا يلبث أن يضمحل ويذهب.

قاطعني:

- إي والله، هذا ما أشعر به.

- هل هو شعور بالحزن؟! أم ماذا؟

- كلا.. وإنما حالة تفكر، لماذا نبذل كل هذا الجهد والوقت في شيء زائل مؤقت، بل هو أشبه بالسراب منه بالماء الحقيقي؟!

- لأننا بشر، خلقنا الله لنعيش في هذه الدنيا، نتمتع بحلالها، ونتجنب الحرام فيها، ونعبد الله حتى يأتينا اليقين (الموت)؛ فهي فترة ومرحلة من مراحل الإنسان، لا خيار له حتى تبدأ وحتى تنتهي، ولكن له الخيار فيما يعمل فيها، والرسول [ بيّن لنا تفاصيل ما نحتاج إليه لنعبر هذه المرحلة بنجاح، فقال [: «ما لي وللدنيا؟ وما أنا والدنيا؟! إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ثم راح وتركها» (السلسلة الصحيحة) هذه هي حقيقة الدنيا، سنبقى فيها فترة قصيرة مهما عمرنا، ثم نتركها ونمضي، والسؤال: بماذا سنمضي، بأعمال الخير أم بأثقال تعجزنا في سفرنا إلى الدار الآخرة؟

      والعاقل من استثمر معرفته بحقيقة الدنيا للتقرب إلى الله عز وجل، ولاسيما إذا تقدم به العمر، ففي هذه المرحلة تضعف أو تزول تماماً دوافع المعاصي، وتفقد اللذات بريقها؛ ولذلك كان الذنب أعظم بعد الستين، ففي البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله[: «أعذر الله إلى امرئ أخّر أجله حتى بلّغه ستين سنة».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك