رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الميرا موراتوف 13 مايو، 2014 0 تعليق

في ظل الإضطهاد والتعنت الروسي- كيف يعيش مسلـــمـــو القــــرم اليوم؟



يجب على مسلمي القرم التعايشُ والاندماج مع الوضع الجديد، وبناء علاقات مع السلطات الحالية، والاندماج والانصياع للقوانين

 

مما لا شكَّ فيه أن الشهرَ ونصفًا الماضيين قد غيَّرَا كثيرًا في حياة مسلمي القرم ومجتمعاتهم، ودخل مسلِمو القرم لعبة السِّياسة وهم لا يشعرون.

يقول بعض مسلمي القرم: إنه كان يتحدَّثُ من قبلُ مع إخوانه المسلمين من المدن الأخرى عن الحياة في القرم أنها هادئة، ويجد حريات كثيرة، وهم تحت المظلة الأوكرانية، فلا يوجد من قبل أي إعاقة لممارسة الشعائر الإسلامية، وأن الحكومةَ الأوكرانية لا تتدخل في شؤون المسلمين، وأنه يوجد بأوكرانيا قانونٌ ينظم الحياة بين الطوائف الدينية المختلفة، كلٌّ يعرفُ ما عليه وما له.

أما من الناحية السياسية فإن أوكرانيا رسمت حدودًا لتتار القرم لا تتعداها بالنسبة للحياة السياسية والبرلمانية.

أما الآن فقد تغيَّر الوضع؛ حيث إنه يوجد العديد من المشكلات والصراعات داخل روسيا مع المسلمين، والآن انتقلَتْ هذه المشكلات إلى داخل القرم، وأول هذه المشكلات منعُ الأنشطة الدِّينية والمنظَّمات الإسلامية التي كانت تعملُ بحريةٍ ودون أيِّ مشكلات.

وأيضًا من الممكن حظر الكتب الإسلامية، والعديد من المكتبات الدينية التي يعتمد عليها مسلمو القرم في تعليم الإسلام، والاستفادة من الكتب الدينية، وإذا كان المسلمون يعيشون من قبلُ في حرية، فقد يعيشون الآن تحت سيطرة محتل.

وإن أول المتضرِّرين من هذه التعنتات هو حزبُ التحرير الإسلامي، حيث النشاطات الإسلامية الواسعة والاجتماعية، وهي المنظَّمة الأولى في القرم لخدمة المسلمين، من حيث الاجتماعات الأسرية، والمؤتمرات الدينية، والمعارض، تساعد فقراء المسلمين.

وقد تكون هذه النشاطات من وجهة نظر السلطات الروسية الجديدة تعد منظمة التحرير منظمة غيرَ مرغوب بها؛ لأنها تجمع المسلمين على كلمة واحدة، ونشاطات عديدة تفيدُهم، والمعروف أن سياسةَ الاحتلال لا تريد التجمُّعَ، بل تريد التفرُّق والشتات.

وفي ظل التعنتات والاضطهاد من السلطات الروسية، فقد غادر الكثيرُ من أعضاء هذا الحزب إلى خارج القرم؛ لشعوره بأنه مطارد، وأنه قد يكون رهنَ الاعتقال في أي وقت؛ لذا فقد هاجروا مع أُسَرُهم خارج البلاد.

والجدير بالذِّكر أن أول بيان للسلطات الجديدة هو حظر وإغلاق حزب التحرير.

     وأيضًا لا يقتصر الأمر على خروج العديد من أعضاء حزب التحرير فقط؛ بل خرج الكثير من أعضاء الحركات الإسلامية المعتمدة في القرم؛ وذلك خوفًا من الاعتقال دون أي أسباب، بل وخرج السلفيُّون أيضًا من داخل القرم؛ لخروج زعيم السلفيين من شبه جزيرة القرم، المعروف باسم: «أبو يحيى»، وأعقبه العديد من أقاربه ومحبِّيه.

الأمر الواقع الذي لا مفرَّ منه:

     ومما لا شك فيه أنه أيضًا قد تغيَّر نظام الإدارة الروحية لمفتي القرم، حيث التبادل الثقافي والاجتماعي بينهم وبين الإدارة الرُّوحية في روسيا، وأن مفتي قازان ومفتي موسكو قد زارا مفتي القرم للدعم وفتح أبواب التعامل بينهم، وضم الشقيق الجديد للإدارة الروحية بروسيا، والجدير بالذكر أن مفتي القرم لا يشعر بالسعادة تجاه الوضع الحالي، ومِن ضم مسلمي القرم لمسلمي روسيا، حيث اختلاف الثقافات والعادات الجديدة عليهم.

     والمعروف أن من أولويات مفتي القرم الآن كيف يعمل على دمج مسلمي القرم مع مسلمي روسيا، ودمج الإدارة الروحية في القرم مع الإدارات الروحية في روسيا، وكيف بعد أن كان مفتي القرم ورئيس الإدارة الروحية في القرم، يصبح مرؤوسًا من الإدارة الروحية في روسيا، تعطيه الأوامر: افعَلْ ولا تفعل!

وأيضًا من الأشياء التي تعكِّرُ صفوَ مسلمي القرم الآن محاولة المركز الإسلامي في القرم إزاحة الإدارة الروحية، وأن يكون المركز الإسلامي هو المتحدث عن مسلمي القرم، وأنه على أتم الاستعداد للتعامل مع النظام الجديد.

     والجدير بالذِّكر أن المركزَ الإسلامي يعمل الآن على تشويه صورةِ الإدارة الروحية في وسائل الإعلام المختلفة، حيث تقول الإدارة الروحية إنها تعمل مع المنظمات الإسلامية والسلفيين، وهذا من باب التشويه الإعلامي. وهو يعمل على نزعِ الثقة من الإدارة الروحية في القرم، وزعزعة الصورة الروحية التي رسمها الناس للإدارة الروحية، ومحاولة كسب ثقة الناس للمركز الإسلامي.

وبصرف النظر عن كل هذه المناظَرات السياسية القائمة الآن في القرم، فإنه يجب على مسلمي القرم التعايشُ والاندماج مع الوضع الجديد، وبناء علاقات مع السلطات الحالية، والاندماج والانصياع للقوانين الجديدة في شتى المجالات، وأن النظام البيروقراطي هو القادم في القرم.

     وأيضًا من الأشياء المقلقة كيف تتعامل الكنيسة الأرثوذوكسية في أوكرانيا مع الكنيسة البطريركية في موسكو مع الإدارة الروحية الإسلامية في القرم، حيث الحريات الموجودة منذ سنين عديدة بين الإدارة الروحية والكنيسة في أوكرانيا، أما الآن فالوضع غامض مع الكنيسة في موسكو، وما آلية التعامل بين الأديان في القرم؟!

إذًا السؤال الآن:

ماذا يكون وضعُ المسلمين في القرم في ظل الحُكم الروسي؟ هل يستطيع المسلمون داخلَ شبه جزيرة القرم الاندماجَ مع المجتمع الروسي الجديد؟ هل سينجح مفتي القرم في التعاون مع مفتيي روسيا؟ هذا ما ستبيِّنُه الأيام القادمة!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك