رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.راغب السرجاني 13 يونيو، 2017 0 تعليق

في رمضاني الأخير: سأكون حريصا على تدبر القرآن وفهمه وحضور مجالس العلم والتصدق بمالي

 

كتاب: (رمضان الأخير) لمؤلفه  د. راغب السرجاني المشرف العام على موقع قصة الإسلام، الكتاب يحتاجه كل مسلم خاصة في شهر رمضان الكريم، والكتاب يتناول مجموعة من الأفكار التي تهم الفرد والمجتمع والأمة، وأول هذه الأفكار هي محاولة الوصول إلى الإحساس بأن رمضان الحالي هو رمضان الأخير، والاستشعار بأن هذا مطلب نبوي، فكم من أصحابٍ ومعارفَ كانوا معنا في رمضان السابق وهم الآن من أصحاب القبور! والموت يأتي بغتةً، ولا يعود أحدٌ من الموت إلى الدنيا أبدًا.. قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ - لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون: 99، 100).

- ولو أني أعلم أن هذا رمضاني الأخير لأكثرت من تلاوة القرآن، ولختمت القرآن أكثر من مرة، ولكنها قراءة تختلف عن كل قراءة سبقتها؛ فستكون قراءة خاشعة متدبرة، أقف فيها بعقلي وقلبي عند كل آية، لأفهم معناها، ولأترك لها العنان لتغزو قلبي بما فيها من معان، وأترك الفرصة لقلبي وعقلي كي يتشرب معانيها وهدايتها.

الثواب العظيم

- سأقرأ القرآن لأنال الثواب العظيم من رب العالمين يوم القيامة؛ فعن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه قال: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها».

وسأحرص على حضور مجالس القرآن في المساجد، والاجتماع على تلاوته وتدارس معانيه وأحكامه؛ فالثواب جزيل، والعطاء كبير؛ فعن أبي هريرة] أنه قال: قال رسول الله[: «... وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده..».

الله -تعالى- يخاطبني

- سأقرأ آيات الله -عز وجل- وأعيش معها، وكأن الله -تعالى- يخاطبني أنا؛ فيتأثر قلبي بحسب اختلاف الآيات؛ فيكون لي بحسب كل فهم حال من الحزن والخوف والرجاء، أقرأ  وأبكي كما كان عكرمة بن أبي جهل ] يفتح المصحف ويضعه فوق عينيه ويبكي، ويقول: كلام ربي، كلام ربي.

- سأتدبر الآيات، وأستشعر وقعها على قلبي كما كان الفاروق عمر رضي الله عنه يفعل؛ فذات مرة قرأ عمر رضي الله عنه: {إذا الشمس كورت...} وانتهى إلى قوله -تعالى-: {وإذا الصحف نشرت} (التكوير:10)، فخر مغشيا عليه.

وقد مر يوما رضي الله عنه بدار رجل وهو يصلي ويقرأ سورة {والطور}، فوقف يستمع، فلما بلغ قوله تعالى: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} (الطور:7-8)، نزل عن حماره واستند إلى حائط، ومكث زمانا ورجع إلى منزله، فمرض شهرا يعوده الناس ولا يدرون ما مرضه.

سأتدبر معاني الآيات

- وسأجتهد أن أركز في تدبر معاني الآيات، ولو قلَّت قراءتي؛ كما قال بعض الصالحين: إني لأفتتح السورة فيوقفني بعض ما أشهد فيها عن الفراغ منها حتى يطلع الفجر، وكان بعضهم يقول: آية لا أتفهمها ولا يكون قلبي فيها لا أعد لها ثوابا، وحُكي عن أبي سليمان الداراني أنه قال: إني لأتلو الآية فأُقيم فيها أربع ليال أو خمس ليال، ولولا أني أقطع الفكر فيها ما جاوزتها إلى غيرها.

وعن بعض السلف أنه بقي في سورة هود ستة أشهر يكررها ولا يفرغ من التدبر فيها، وقال بعض العارفين: لي في كل جمعة ختمة، وفي كل شهر ختمة، وفي كل سنة ختمة، ولي ختمة منذ ثلاثين سنةما فرغت منها بعد، وذلك بحسب درجات تدبره وتفتيشه عن المعاني.

صَدَقَتي في رمضان الآخير

- لو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما كنزت المال لنفسي أو لورثتي، بل نظرت إلى ما ينفعني عند ربي، ولبحثت بكل طاقتي عن فقير محتاج، أو طالب علم مسكين، أو شاب يطلب العفاف ولا يستطيعه، أو مسلم في ضائقة؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة».

- أو أبحث عن غير هؤلاء من أصناف المحتاجين والملهوفين، ولوقفت إلى جوار هؤلاء بمالي ولو كان قليلا، فهذا هو الذي يبقى لي، أما الذي أحتفظ به فهو الذي يفنى؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أنهم ذبحوا شاة فقال النبي  صلى الله عليه وسلم: «ما بقي منها؟»، قالت: ما بقي منها إلا كتفها. قال: «بقي كلها غير كتفها».

أجود الناس

- وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان أجود الناس، بل كان كما يصفه ابن عباس بقوله: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة».

ولو كان هذا هو رمضاني الأخير فلن أفكر فيما أخرجته، وأحسبه، وهل ينقص من مالي أم لا؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال...»، وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قالت: قال لي النبي[: «لا توكِي فيوكى عليك». وقال: «لا تحصي فيحصي الله عليك».

أفضل ما أحب

- وسأراعي أن تكون الصدقة من أفضل ما أحب؛ كما قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (آل عمران:92)؛ فكما أحب أن آكل أطعم المحتاجين من الطعام نفسه، وكما ألبس أكسوهم وأبناءهم.

أجيب داعي الله

- وسأستشعر دائما أنني أجيب داعي الله -عز وجل- الذي طلب مني القرض؛ فقد قال -تعالى-: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (البقرة:245).

- وعن أنس رضي الله عنه قال: لما نزلت {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ} (آل عمران:92)، و{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } (البقرة:245). قال طلحة: يا رسول الله حائطي الذي بمكان كذا وكذا، والله لو استطعت أن أسرها لم أعلنها. فقال: «اجعله في فقراء أهلك».

صدقة السر

- وسأراعي في صدقتي أن تكون في السر، أما الزكاة فسأجعلها جهرا؛ لأنها فريضة؛ فالله -تعالى- يقول: {فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (البقرة:271)، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله -تعالى- في ظله يوم لا ظل إلا ظله... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه..».

زكاة الفطر

- وفي نهاية رمضان سأُخرج زكاة الفطر؛ التي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بها؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «فرض رسول الله[ زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك