في رمضاني الأخير: سأصل رحمي وأبحث عن المحتاجين منهم فأساعدهم بمالي وسأحرص علي الاعتكاف في العشر الأواخر
كتاب: (رمضان الأخير) لمؤلفه د. راغب السرجاني المشرف العام على موقع قصة الإسلام، الكتاب يحتاجه كل مسلم خاصة في شهر رمضان الكريم، والكتاب يتناول مجموعة من الأفكار التي تهم الفرد والمجتمع والأمة، وأول هذه الأفكار هي محاولة الوصول إلى الإحساس بأن رمضان الحالي هو رمضان الأخير، والاستشعار بأن هذا مطلب نبوي، فكم من أصحابٍ ومعارفَ كانوا معنا في رمضان السابق وهم الآن من أصحاب القبور! والموت يأتي بغتةً، ولا يعود أحدٌ من الموت إلى الدنيا أبدًا.. قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ - لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون: 99، 100).
لو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير لوصلت رحمي، واجتهدت في ذلك حتى لم أدع قريبا لي إلا وصلته، وقمت بزيارته، ولم أقتصر على الاتصالات الهاتفية؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»، وأنا أريد من الله -سبحانه وتعالى- أن يصلني ويرحمني.
وسأبحث عن المرضى منهم وأعودهم؛ فإن الله يكون عندهم؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إن الله -عز وجل- يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض لم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده».
فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حريص على صلة الرحم؛ فيستأذن ربه ليستغفر لأمه ويزورها في قبرها؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي».
وسأبحث عن المحتاجين من أقاربي؛ فأساعدهم بمالي؛ فعن سلمان بن عامر الضبي -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان: صدقة وصلة».
ولا يمنعني من تلك الصلة أن هناك من يقطعني فسأذهب إليه وأصله، ومن أخطأت في حقه سأعتذر له رحمة بنفسي من عذاب الله؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها».
وكما أهتم بوالديَّ في حياتهما، سأصل رحمهما بعد موتهما؛ فعن عبدالله بن عمر أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبدالله، وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه، فقال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب، وأنهم يرضون باليسير. فقال عبدالله: إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه -، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أبر البر صلة الوالد أهل ود أبيه».
وقد حرص الصحابة على صلة الرحم بكل سبيل؛ فعن سعدى بنت عوف المرية قالت: دخل عليّ طلحة بن عبيد الله يوما وهو خاثر، فقلت له: مالك؟ لعلك رابك من أهلك شيء فنعتبك، فقال: لا والله، ونعم خليلة المرء المسلم، ولكن مال عندي قد غمني. فقلت: ما يغمك، عليك بقومك، قال يا غلام، ادع لي قومي، يعني فقسمه بينهم، سألت الخازن كم أعطي، فقال: أربعمائة ألف.
وقد جاءه ذات مرة رجل وسأله برحم، فقال: ما سئلت بهذا الرحم قط قبل اليوم، وقد بعت لي حائطا بسبعمائة ألف درهم وأنا فيه بالخيار؛ فإن شئت ارتجعته وأعطتيك، وإن شئت أعطيتك ثمنه.
اعتكافي في رمضان الأخير
ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير لحرصت على الاعتكاف في المسجد آخر عشرين يوما من رمضان، أو على الأقل آخر عشرة أيام؛ فعن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان».
ولكن في العام الذي قبض فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم - اعتكف العشرين يوما الأخيرة؛ فعن أبي هريرة قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما».
ولن أحرم زوجتي من ثواب الاعتكاف لو أرادت وتوافر المكان في المسجد؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان، وإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه». فاستأذنته عائشة أن تعتكف فأذن لها، فضربت فيه قبة، وسمعت زينب بها فضربت قبة أخرى..
وسأكون حريصا على أن أجتهد في العشر الأواخر في العبادة أكثر مما سبق من أيام رمضان، فقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر ما لم يجتهد في غيره».
وسأدعو أهلي إلى المشاركة في الطاعة والاجتهاد فيها؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد، وشد المئزر».
وسألتزم بآداب الاعتكاف، فأترك الدنيا خلفي، ولا أنشغل إلا بذكر الله -سبحانه وتعالى-، والتدبر في القرآن، والتفكر في نعم الله وقدرته -سبحانه وتعالى.
وسأكون حريصا على راحة إخواني المعتكفين، وأداء حاجاتهم، وعدم مضايقتهم.
لاتوجد تعليقات