رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 8 مايو، 2013 0 تعليق

في اللقاء الشهري للدعوة والإرشاد العارضية- وقفـــــات مــــع ســــــورة يـوســـــــف

أقامت لجنة الدعوة والإرشاد بجمعية إحياء التراث الإسلامي فرع العارضية اللقاء الشهري المجمع لشباب منطقة العارضية بالمبنى الجديد للفرع، واستضافت فيه الشيخ حمد الأمير، الذي ألقى محاضرة بعنوان: (وقفات مع سورة يوسف)، أكد في بدايتها على أهمية الرجوع إلى علماء التفسير الثقات في مثل هذه القصص، مشيرًا في ذلك إلى كتاب الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي المسمى: (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)؛ حيث أورد الشيخ رحمه الله في نهاية سورة يوسف ما يقارب أربعين فائدة من هذه القصة، كما أكد على المردود الذي يعود علينا نحن من مثل هذه القصص وهو العظة والعبرة.

الوقفة الأولى: عدم الاغترار بالنعمة

     معروف أن يوسف عليه السلام نشأ في أسرة مكونة من أحد عشر شخصًا، وقد أوتي شطر الجمال، ولكنه لم يغتر بذلك، لذلك لما أرادت امرأة العزيز غوايته، قال: إني أخاف الله، معاذ الله، فاستعان بالله في لحظة تهيأت فيها امرأة جميلة له ليزني بها، وهنا يأتي معنى الصبر على المعصية، كذلك ألا يأمن أحدنا الابتلاء في أي لحظة كما ابتلي يوسف عليه السلام.

الوقفة الثانية: إحسان الظن بالله وأن الله كفيل بعباده

     المتتبع لما تعرض له يوسف عليه السلام يلاحظ رعاية الله له منذ تعرضه لمؤامرة إخوانه إلى أن كان في بيت العزيز، فبعد أن ألقاه إخوانه في البئر وجاؤوا على قيمصه بدم كذب، فكان القميص دليل إدانة لهم، وعلم أبوهم كذبهم، ولكنه فوض أمره إلى الله، ولما أرادت امرأة العزيز غوايته كان القميص دليل براءة ليوسف عليه السلام، وكذلك لما أرسل يوسف قميصه إلى أبيه جعل الله فيه الشفاء، وهنا فائدة أن الله تبارك وتعالى قد يجعل للعبد شاهدًا غير ناطق في مواطن مختلفة يكون فيه نجاة للعبد، وأهم شيء هو إحسان الظن بالله عز وجل.

الوقفة الثالثة: الهم الأول للداعية الدعوة إلى التوحيد

     لما دخل يوسف السجن وهو مظلوم لم يكن همه الأول نفسه، لذلك لم يشك إلى أحد، ولما حكى له صاحباه في السجن عن رؤاهم، بدأ في دعوتهم إلى التوحيد، وهكذا الداعية همه الأول هو أن يوصل دعوته في أي مكان كان بالحكمة والموعظة الحسنة، فنوح عليه السلام ظل ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعو إلى التوحيد دون كلل أو ملل.

الوقفة الرابعة: التعلق بالله وحده

     لأن الإنسان مهما فعل من أسباب دنيوية لا يكون إلا ما أراده الله عز وجل، وهذا نشهده في قول يوسف لصاحبه الذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك، فأنساه الشيطان ذكر ربه، وكما يذكر المفسرون أنه نسي ذكر يوسف قرابة السبع أو الثماني سنين، وكان لذلك حكمة من الله عز وجل، حتى رأى الملك رؤياه، وقتها تذكر ساقي الملك يوسف عليه السلام فقال لهم أرسلون، أين ذهب؟ ذهب إلى السجن، وهنا نعلم حكمة الله في نسيان ساقي الملك ليوسف في السجن؛ لأنه ربما لو خرج لم يكن يعلم أحد مكانه، ثم إن في دخول يوسف السجن من البداية حكمة من الله عز وجل؛ لأن دخوله السجن كان سبيلا له إلى التمكين، ويكون عزيز مصر، وهنا فائدة أن الإنسان لا يعلم الخير من الشر، { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } (البقرة).

الوقفة الخامسة: الإحسان إلى المسيء والتجاوز عنه

     وقد لوحظ ذلك في طريقة تعامل يوسف مع إخوته بعد أن دعا أبويه لدخول مصر، فقال: {وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ  } ولم يذكر موقف الجب، وأنهم ألقوه فيه، ثم قال: {وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ } ولم يقل: وجئت بكم، ثم قال عليه السلام، {مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي }، فاتهم الشيطان بإحداث هذا الخلاف،ولم يتهم إخوانه برغم قيامهم بالإساءة إليه، ثم قال: {  بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} ليعلمهم أنهم برغم هذه الإساءة ما زال مبقيًا على الود والإخوة التي بينهم، وهي لفتة لطيفة منه حتى لا يضطروا للوم أنفسهم وجرح مشاعرهم، وهذا قمة في سمو الأخلاق والعفو والسماحة، والرغبة في جمع الصف وعدم تفريق شمل الأسرة ومراعاة مشاعر الجميع.

     وهنا فائدة مهمة جدًا وهي أن الخلاف وارد وهو سنة كونية سواء بين الأسرة الواحدة أم بين الإخوان، ولكن على الإنسان إذا كان بينه وبين أحد من أقاربه أو إخوانه خلاف، لابد ألا يذكر نقاط الخلاف، ويجب فتح صفحة جديدة دون اللوم والتوبيخ عن الإساءة، لأن الخلاف ينفر القلوب، والنبي[ حذر في حديثه الذي رواه جابر قال‏:‏ سمعت رسول الله[‏ يقول‏:‏ ‏«‏إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم‏»‏، ولذلك الشريعة جاءت للإصلاح وليس للتفريق، لذلك نقول: إن كان هناك خلاف فلنفتح باباً للإصلاح؛ لأننا أمة تقوم على إصلاح ذات البين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك