رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 27 يونيو، 2016 0 تعليق

في إطار الرد على مركز (كارنيجي) للشرق الأوسط الحلقة (5) شبهة ارتباط الدعوة السلفية بالسعودية

 الهجوم على المنهج السلفي،  ليس جديدًا بل هو قديم قدم نشوء البدع والافتراق في هذه الأمة، حيث كانت كل طائفة ترى في مذهبها الحق وتعادي من يخالفه، ولما كان السلف هم الوسط المخالفون لأهل الغلو والجفاء والإفراط والتفريط نالهم من الطوائف المنحرفة كافة ما نالهم، وصبت عليهم كل فئة حادت عن الطريق المستقيم غضبها.

لذلك جاء هذا الكتاب ليؤكد هذا المفهوم الذي تميزت به السلفية عن غيرها من المناهج المنحرفة، وهو مفهوم الوسطية، وهو دحض لشبه عدة أثارتها إحدى الدراسات الصادرة عن مركز (كارنيجي) في الشرق الأوسط للباحث (سلطان بال) بعنوان: ( السلفية الكويتية ونفوذها المتنامي في بلاد الشام)، وحوت الكثير من المغالطات والأخطاء الفادحة والشبهات التي استوجب إعداد هذه الدراسة المختصرة والتي قام عليها عدد من المتخصصين في مركز ابن خلدون للدراسات محاولين فيها الحفاظ على نقاء هذه الدعوة المباركة من التشويه والعمل الخيري من الانتقاص والتشكيك.

 ارتباط السلفيين الكويتيين بالمؤسسة الدينية السعودية إنما هو ارتباط علمي وثقافي فحيثما يوجد علم قائم على القرآن والسنة الصحيحة بفهم سلف الأمة فستجد جمعية إحياء التراث الإسلامي

المؤسسة الدينية في السعودية تعد من أهم المحاضن الأساسية للدعوة السلفية والمدافعة عنها والحامية لها وبالتالي فهي تقوم بتدريس العلم الصحيح الموافق للقرآن والسنة الصحيحة ونشره

 

 

حاولت (دراسة بال) اللمز من قناة جمعية إحياء التراث الإسلامي بقولها: «كثيرا ما يتهم معارضو جمعية إحياء التراث الإسلامي في الكويت بأنها دمية في يد الرياض، أو حتى بالتعاون مع المخابرات السعودية، ويستند هذا إلى حقيقة أن الأصوليين الكويتيين المرتبطين بجمعية إحياء التراث الإسلامي يرتبطون بصورة وثيقة بالمؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية.

     وهم يتبعون إرشادات كبار العلماء السعوديين ونصائحهم، ولا تصدر لجنة العلماء في الجمعية أحكاما أو فتاوى إلا في الحالات التي لم تتم مناقشتها من جانب علماء السعودية. فضلاً عن ذلك، ترتبط قيادة الجمعية بالمؤسّسة الدينية في المملكة من خلال المعرفة الشخصية والعلاقات غير الرسمية. وفي كثير من الأحيان، يتوجّه الشيوخ الأصوليون السعوديون إلى الكويت لإلقاء محاضرات وعقد حلقات دراسية، أو لمجرّد مناقشة مسائل معينة مع زملائهم العلماء في هذا البلد الخليجي الصغير».

جهل كبير

     ولا شك أن هذا الكلام يدل دلالة قاطعة على الجهل الكبير لما احتوته (دراسة بال) بمضامين المنهج السلفي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالعلماء الربانيين في جميع البلدان الإسلامية ولاسيما علماء المملكة العربية السعودية، والمشهود لهم بالأسبقية على مستوى العالم الإسلامي، وارتباط جمعية إحياء التراث الإسلامي بأولئك العلماء الأجلاء قديم، وهو غير مرتبط بالحكومة السعودية أو مخابراتها كما يتوهم الباحث؛ بل إن ذلك الطعن غير المسوغ بالجمعية وبعلماء السعودية يكشف كثيرا عن عدم منهجية (دراسة بال) العلمية؛ فهو لا يعتمد على دعم أقواله بالأدلة الصحيحة، والمنطقية. وجمعية إحياء التراث الإسلامي لها ارتباطات بمعظم التجمعات السلفية في العالم وعلاقات وثيقة بالعلماء السلفيين في جميع أنحاء العالم، ومنهجها العقائدي واحد، وتشهد بالفضل والأسبقية للعلماء الكبار في السعودية ومصر والهند وغيرها، وتتخذهم قدوة في فهم الدين.

1- ارتباط علمي وثقافي:

     وإن ارتباط السلفيين الكويتيين فيما اسمته (دراسة بال) بالمؤسسة الدينية السعودية إنما هو ارتباط علمي وثقافي؛ فحيثما يوجد علم قائم على القرآن والسنة الصحيحة بفهم سلف الأمة فستجد جمعية إحياء التراث الإسلامي، وليس قاصرا – كما تزعم الدراسة - على جهة دون أخرى، بدليل الكتب التي تم طباعتها في الجمعية نجدها لعلماء من مختلف دول العالم الإسلامي. واشتراك العلماء والمشايخ في المحاضرات والندوات والمؤتمرات التي تقيمها الجمعية هم أيضا من بلدان عدة من مصر والمغرب والسعودية واليمن وأفريقيا وغيرها، وفي بعض الأحيان تكون مشاركة الدول الأخرى أكثر بكثير من مشاركة علماء السعودية، فعلماء السعودية من هيئة كبار العلماء حضورهم نادر جداً، ولا يقارن ببقية العلماء من البلدان الأخرى.

2- الفتوى مستقلة وليس مرتبطة:

     لا تعتمد اللجنة العلمية في جمعية إحياء التراث الإسلامي في مواقفها العلمية وفتاواها الشرعية على (المؤسسة الدينية بالمملكة) كما زعمت (دراسة بال)، بل بالعكس يوجد من العلماء والمشايخ في الكويت وفي الجمعية تحديدا من لديه القدرة الكاملة على الإفتاء والتصدي للفتاوى الفقهية والقضايا الشرعية، دون الرجوع إلى جهات ثانية، وهذا لا يعني عدم التقدير لجهود العلماء في السعودية ومصر وغيرهما، وهناك مراكز علمية تأتلف فيها الفتاوى الشرعية على مستوى العالم الاسلامي كمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وكمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي الذي يضم أكثر من 150 عالما من مختلف دول العالم الإسلامي، تُعد مراجع أساسية لكل من يريد الحصول على الفتاوى المعاصرة؛ حيث يقوم المجمعان ببيان الأحكام الشرعية فيما يواجه المسلمين في أنحاء العالم من مشكلات ونوازل وقضايا مستجدة. فضلا عن جمع الفتاوى والآراء الفقهية المعتبرة للعلماء المحققين، والمجامع الفقهية الموثوقة في القضايا المستجدة، ونشرها بين عامة المسلمين والتصدي لما يثار من شبهات، وما يرد من إشكالات على أحكام الشريعة الإسلامية.

3- ماذا يميز علماء السعودية عن غيرهم:

     إن اطمئنان المسلمين للفتوى القادمة من علماء السعودية له ما يسوغه؛ فالمؤسسة الدينية في السعودية راسخة من جهتين: الأولى بالعلم الشرعي المحكم الذي يتم تناقله في إطار منهجية واضحة ودقيقة، والثاني بحماية المؤسسة الرسمية لها وعَدَّها جزءاً مهم من بقاء الدولة. هذا الترابط بين المؤسستين الدينية والرسمية في السعودية، منذ عهد الدولة السعودية الأولى وحتى الآن، جعل السعودية رائدة في قيادة العالم الإسلامي ليس على المستوى الشرعي فحسب بل حتى على المستوى السياسي، فضلا عن وجود هيئات شرعية قوية تقدم العلم الشرعي على مستويات عالية في التعليم الديني الأكاديمي فضلا عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفوق هذا هيئة كبار العلماء والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.

4- ملتقى أساسي للعلم السلفي:

     كما أن المؤسسة الدينية في السعودية تعد من أهم المحاضن الأساسية للدعوة السلفية، والمدافعة عنها والحامية لها، وبالتالي فهي تقوم بتدريس العلم الصحيح الموافق للقرآن والسنة الصحيحة ونشره، وإنشاء الجامعات الأكاديمية والمعاهد العلمية التي تدرس هذا العلم، وتنقله جيلا بعد جيل، بإشراف ومتابعة نخبة من العلماء والمشايخ وطلبة العلم المعروفين؛ لذا كانت المؤسسة الدينية في السعودية مرجعا طبيعيا للسلفيين بكل أنحاء العالم ولاسيما في القضايا الكبيرة والمعقدة، وهي مرجع لحل الخلافات بين الأطراف المتنازعة، ومركز موثوق للفتوى، ولها مكانتها وتقديرها من الجميع. وهي تمتلك قوة علمية تنويرية تثقيفية مستمدة من مكانتها العلمية التي اكتسبتها عبر أعوام طويلة من الاهتمام بالعلم والعلماء.

5- طباعة الكتب في الجمعية:

     أسلوب جمعية إحياء التراث الإسلامي في طباعة الكتب والنشرات وإقامة الندوات والمؤتمرات يقوم على ما يمليه الظرف الحالي، وحاجة الناس من العلم الشرعي، والدعوة العلمية القائمة على المنهج السلفي المتمثل في الأخذ بالقرآن والسنة الصحيحة بفهم الصحابة - رضوان الله عليهم- بغض النظر عن مصدر هذا العلم طالما هو في إطار العلم الصحيح. فإن كان الكتاب أو المؤلف سعوديا أو مصريا أو سوريا أو هنديا أو غير ذلك لا يهم كثيرا طالما يصب هذا في مصلحة الدعوة السلفية. وليس كما تزعم (دراسة بال) من الاعتماد فقط على المصادر السعودية؛ حيث تقول (دراسة بال): «اختفت كتب عبد الرحمن عبد الخالق من دور النشر التابعة للجمعية، التي بدأت بدلاً من ذلك طباعة أعمال المؤسّسة الدينية السعودية ومؤلفات العلماء الكويتيين من ذوي الآراء الأصولية».

6- السلفية ليست أداة لقمع الحرية:

     ولعل من أقسى ما ذكرته (دراسة بال) اتهامها للسلفيين الأصوليين/ الوسطيين بأنهم أدوات لقمع الأصوات المطالبة بالحرية السياسية في الخليج وهم واقعون في اطار (المؤامرة الأميركية – السعودية) هكذا!! وهذا نص ما جاء في (دراسة بال): «اعتبر الحركيون الأصوليين أدوات للمؤامرة الأميركية- السعودية لقمع الأصوات التي تطالب بالحرية السياسية في الخليج؛ وذلك لأن الأصوليين لا يملكون أجندة سياسية اجتماعية أوسع، ويشدّدون على وجوب الطاعة العمياء للحاكم». ويلاحظ أن الدليلين اللذين ساقتهما (دراسة بال) على أن السلفيين عملاء وأدوات فقط أنهم:

أولا: ليس لديهم أجندة سياسية واجتماعية!.

ثانيا: لأنهم يطيعون الحاكم!!

     فهل يصلح هذان الدليلان لإثبات ما ادعته الدراسة!!، وإذا ما توقفنا قليلا عند ذلك الاتهام فسنجد بأن الباحث قد انتقل من النقد العلمي لجمعية إحياء التراث الإسلامي إلى التخوين والتحريض على الجمعية، وعَدَّها أداة للمؤامرة الأمريكية السعودية، وهو ما يكشف عن منهج لا يتسق مع أساليب البحث العلمي.

7- الموقف من تحرير الكويت:

    إن (دراسة بال) أشارت بطريقة مباشرة إلى أن بعض السلفيين في الكويت انساق خلف رأي العلماء الرسميين السعوديين دون تثبت في مسألة الاستعانة بالقوات الأجنبية لتحرير الكويت فذكرت نصا: «أثناء احتلال الكويت، انحاز آخرون إلى المعسكر الأصولي، الذي يمثّله العلماء الرسميون السعوديون. وربما كان السبب الرئيس لذلك هو أن الأصوليين لم يعارضوا تحرير الكويت، على الرغم من أنه تم بواسطة القوات الغربية».

     مع أن هذا الموقف تم من خلال آراء معظم العلماء في ذلك الوقت؛ فقد أجمع العلماء السلفيون في العالم على صد ظلم رئيس العراق السابق صدام حسين وتأييد تحرير الكويت وفقا للفتاوى التي صدرت ليس فقط من هيئة كبار العلماء بالسعودية بل من مجموعة كبيرة من العلماء في العالم الاسلامي؛ فقد استضافت رابطة العالم الإسلامي ومقرها مكة المكرمة مؤتمرين أحدهما في شهر سبتمبر1990، والآخر في شهر فبراير1991، وحضرهما ما يقرب من 400 من العلماء والمفكرين المسلمين، ودعت الرئيس العراقي وقتها إلى إزالة سبب المشكلة وهو اجتياح القوات العراقية للكويت البلد المسلم الصغير، وأن يترك الكويتيين وشأنهم يقررون مستقبلهم كما يريدونه. وقد صدر عن المؤتمرين وثيقة مكة المكرمة وإعلان مكة وعدد من القرارات والتوصيات، من أهمها أن تتحد كلمة العلماء والدعاة في قضية مواجهة العدوان العراقي وإدانته. ومن حق المعتدى عليهم، والمهددين بالعدوان أن يباشروا الأسباب التي تدفع عنهم العدوان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك