رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 6 مايو، 2014 0 تعليق

في إحياء تراث العارضية – الثبات على الدين في زمن الفتن



إن الفتن تشتد يومًا بعد يوم، فما تذهب فتنة إلا والتي بعدها أشد منها، ومرضى القلوب وضعاف الإيمان والمنافقون لا زالوا يتساقطون

الحذر من تحريش الشيطان في الفتن، الحذر من المنافقين والمتسلقين وأهل الأغراض والمصالح الدنيوية

 

استضافت جمعية إحياء التراث فرع العارضية فضيلة الشيخ صالح طه (أبو إسلام) وألقى محاضرة بعنوان: (وسائل الثبات على الدين في زمن الفتن) وكان مما جاء في محاضرته:

لقد كثرت الفتن في هذا الزمن، وسقط فيها ضعاف الإيمان ومرضى القلوب والمنافقون، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَانَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالآخرةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ}(الحج: 11)، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} (العنكبوت:10)، وليس هذا فحسب، بل إن الفتن تشتد يومًا بعد يوم؛ مما يدل على أنه قد أزفت الآزفة، واقترب الوعد الحق، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم».

إنها فتن تجعل الإنسان يخرج عن دينه، قال صلى الله عليه وسلم : «تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمنا، ويصبح كافرا، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا».

إنها فتن تجعلُ الإنسان يتمنى الموت، قال صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده! لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر، فيتمرغ عليه ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر! وليس به الدين إلا البلاء».

ومن هذه الفتن التي انتشرت في هذا الزمان:

1- فتنة التكفير، أي أن يكفر المسلم أخاه المسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أيما رجل قال لأخيه: يا كافر! فقد باء بها أحدهما».

2- فتنة الهرج -أي: القتل-، قال صلى الله عليه وسلم : «إن بين يدي الساعة الهرج»، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل؛ إنه ليس بقتلكم المشركين، ولكن قتل بعضكم بضعا، حتى يقتل الرجل جاره، ويقتل أخاه، ويقتل عمه، ويقتل ابن عمه».

وقال صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده، ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قتل».

3- فتنة انقلاب الموازين: قال صلى الله عليه وسلم : «سيأتي على الناس سنوات خداعات، يُصدق فيها الكاذب، ويُكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة»، قيل: وما الرويبضة؟ قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة».

4- فتنة دعاة الضلالة: يقول حذيفة رضي الله عنه: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم»، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم وفي دخن»، قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يهدون بغير هديي، تعرف  منهم وتنكر»، قالت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟

قال: «نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها»، قلت: يا رسول الله! صفهم لنا؟ قال: «هم من جلدتنا ويتكملون بألسنتنا» قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟

قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك».

     إن الفتن تشتد يومًا بعد يوم، فما تذهب فتنة إلا والتي بعدها أشد منها، ومرضى القلوب وضعاف الإيمان والمنافقون ما زالوا يتساقطون في هذه الفتن، قال تعالى: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} (التوبة:49)، ويقول صلى الله عليه وسلم ناصحًا أمته ومحذرًا من الفتن: «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا»- أي: يصير بعضها رقيقا خفيفا لعظم ما بعده- «وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر».

ويقول صلى الله عليه وسلم : «ستكون فتن: القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد فيها ملجأ أو معاذًا فليعذ به».

ثم تحدث الشيخ عن أنواع الفتن التي افتتن بها كثير من الناس وهم لا يعرفون أنها فتنة إلا بعد أن يسقطوا فيها ومن هذه الفتن: فتنة المال، وفتنة الأولاد، وفتنة النساء، وفتنة الكفار لأهل الإسلام.

     ثم تحدث بعد ذلك عن أسباب الفتن وهي: اتباع الهوى وفساد القصد، والغلو في الدين بالإفراط أو التفريط، وغياب المنهج الصحيح واتباع المتشابه، والاستعجال وعدم الصبر، وعدم التعاون والنصرة بين المسلمين، وغياب المصلحين، وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الفسوق والمعاصي والظلم، والكفر بأنعم الله -سبحانه- وعدم شكره، وذهاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، التحايل والتلاعب في المال والتجارة وغيرهما، وأخيرًا ذهاب العلم.

ثم تحدث الشيخ -حفظه لله- عن وسائل الثبات على الدين في زمن الفتن فقال: الإيمان الصادق.

     اتباع المنهج الصحيح (منهج الصحابة رضوان الله عليهم) الذي يتميز بخصائص عدة منها: أن مصدر تلقيه كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه طريق واحد لا يتعدد وصراط مستقيم ليس بأعوج، كما أنه كامل لا زيادة فيه ولا نقص يعتريه، كما أنه ظاهر واضح جلي لا لبس فيه ولا غموض، وأنه باق إلى يوم القيامة، وأنه منهج عام لكل زمان ومكان ولكل أمة وجيل، بل للخلق كافة من الجن والإنس في كل عصر ومصر ووقت وهو منهج سهل ميسر.

ثم من وسائل الثبات أيضًا الإقبال على القرآن الكريم.

ثم الإقبال على سيرة الأنبياء عليهم السلام عامة وعلى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم خاصة.

الإقبال على معرفة سير الصالحين من الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم.

الاعتزاز بالإسلام والاعتقاد بأن المستقبل لهذا الدين.

قول النصيحة من الناصحين الصادقين.

ثم الدعاء وهو من أهم وسائل الثبات على الدين.

ثم الاستقامة، وهي التمسك بأمر الله تعالى فعلا وتركًا.

ثم الحذر، وبين الشيخ أنَّ الحذر يكون على صور شتى منها:

الحذر من تحريش الشيطان في الفتن، الحذر من المنافقين والمتسلقين وأهل الأغراض والمصالح الدنيوية، الحذر من فتنة أجهزة الإعلام، الحذر من الأهواء، الحذر من التسرع في الفتاوى، الحذر من دعاة الفتنة، ثم الحذر من سوء الخاتمة، عفانا الله وإياكم منها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك