رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 3 سبتمبر، 2013 0 تعليق

فيضانات السودان وإغاثة المنكوب

     شردت الفيضانات آلاف الأسر، قدرتها السلطات السودانية بحوالي 23 ألف أسرة، فقدت مساكنها وباتت في العراء، جراء السيول والأمطار الغزيرة التي ضربت أجزاء واسعة من الولايات السودانية، ففي محلية شرق النيل، إحدى محليات ولاية الخرطوم أكثر المناطق تضرّرا، فإن الحال يغني عن السؤال؛ مئات الأسر بكامل أفرادها أصبحت تسكن الشارع بلا مأوى، ولم يخرجوا من أنقاض المنازل إلّا القليل، فبعد أيام قلائل من نكبتهم، باتت مخاوفهم تزداد ساعة بعد أخرى من كارثة بدأت نذرها تتبدى للعيان لجهة انهيار دورات المياه وبرك المياه التي خلفها السيل التي أصبحت حاضنة للحشرات، فيما أصبح البعوض أنيسا؛ يحيل ليل المتضررين إلى جحيم.

وتشـير التقديرات الأولية لمكتب التنسيق إلى أن الأمطار الغزيرة والفيضانات- ألحقت -منذ الأول من أغسطس أضرارا.

     وتعد هذه أسوأ فيضانات تشهدها العاصمة السودانية منذ سنوات، لكن مناطق ريفية من البلاد تعرضت أيضا بين يونيو وأكتوبر 2012 لفيضانات أسفرت عن 270 ألف منكوب، وألحقت أضرارا بـ36 ألف مسكن بحسب أرقام الأمم المتحدة.

أيها الكرام:

     إن إغاثة الملهوف، وإنعاش المكروب، وإعانة أهل الحاجات سلوك إسلامي أصيل، وخلق نبوي قويم، تقتضيه الأخوة الصادقة، وتدفع إليه المروءة ومكارم الأخلاق.

     وقد كانت حياة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- خير مثال يحتذى به في كل شيء، ولاسيما إغاثة الملهوف، وتقديم العون لكل من يحتاج إليه، حتى لقد عرف بذلك قبل بعثته - صلى الله عليه وسلم-، فعند نزول الوحي عليه أول مرة رجع إلى خديجة فأخبرها الخبر، ثم قال: «لقد خشيت على نفسي». عندئذ أجابته أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها-: كلا والله! ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

     فكم حرمنا أنفسنا من أبواب الخير العظيمة يوم انكفأنا على ذواتنا، ولم نلتفت إلى المنكوبين والمحتاجين والمعسرين، إنك لا تكاد تجد حياً من أحيائنا يخلو من معسر بنار الديون يتلفع، أو مكروب بسيط المدلهمات يتوجع، أومن مصاب بلهيب الأسقام يتروع، ومع هذا قليل هم أولئك الذين أسعدهم الله –تعالى- بقضاء حاجات العباد، وإغاثة ملهوفهم، والإحسان إلى ضعيفهم.

     فما أغلاها من فرصة، وما أعلاها من درجة، وما أسعده من اصطفاه الله لمنفعة الناس ببشارة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم- يوم قال: «من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه..» وما أهنأهم من بين أهل المواقف، وما أربح سعيهم في ذلك اليوم! قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من سره أن يظله الله في ظل يوم لا ظل إلا ظله، فلييسر على معسر، أو ليضع عنه». وما أروع الحسن البصري رحمه الله، يوم أن قال: «لأن أقضي حاجة لأخي أحب إلي من عبادة سنة».

ولم أر كالمعروف أما مذاقه

                                        فحلو وأما وجــهه فـجـميل

     وقال جعفر الصادق -رحمه الله-: «إن الله خلق خلقاً من رحمته برحمته، وهم الذين يقضون حوائج الناس، فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن».

     أخي المسلم : لقد كان الصالحون من هذه الأمة، إذا وجدوا فرصة لنفع الخلق، وإغاثة ملهوفهم، فرحوا لذلك فرحاً شديداً، وعدوا ذلك من أفضل أيامهم فلله درهم! كم شيدوا من المكارم؟ وكم بذلوا من معروف؟.

     كان سفيان الثوري -رحمه الله- ينشرح إذا رأى سائلاً على بابه، ! ويقول: «مرحباً بمن جاء يغسل ذنوبي». وكان الفضيل بن عياض - رحمه الله - يقول: «نعم السائلون، يحملون أزوادنا إلى الآخرة، بغير أجرة حتى يضعوها في الميزان».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك