رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ محمد السنين 13 نوفمبر، 2022 0 تعليق

فن السعادة الزوجية (4) الزوجة بحاجة إلى الكلمة الطيبة

 

لقد اهتم الإسلام بالحياة الزوجية اهتماماً كبيراً، وسمى الله عقد الزواج الذي يجمع بين الرجل والمرأة بالميثاق الغليظ، كما في قوله -تعالى-: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء:21)؛ لأن صلاح الأسرة يؤدي إلى صلاح المجتمع، وفساد الأسرة يؤدي إلى فساد المجتمع؛ لذلك وضعت الشريعة قواعد ثابتة للحياة الزوجية، ولم تترك شيئاً يلزم هذه الحياة إلا بيَّنت حكم الله فيه، وبينت لكل من الزوجين ما له وما عليه، وحذرت من كل ما يكدر صفو العلاقة الزوجية، بل وتوعدت كل من تسول له نفسه إفساد هذه العلاقة بأشد العذاب؛ لذلك كانت هذه السلسلة التي نستكشف فيها أسباب السعادة الزوجية.

     الزوجة بحاجة إلى الكلمة الطيبة، والعبارة الحانية، وأن تخاطب بأسلوب رقيق مهذب، وأن تحترم وجودها وتقدر رأيها ومجهودها، تقول إحدى الزوجات: «كم أتمنى أن يُطربني زوجي بكلمة إعجاب واحدة لأعلِّقها وساماً غالياً في منـزلي»، وأشادت زوجة بجمال صديقتها؛ فقالت لها -بعد أن شكرتها-: «يا ليت زوجي يشوف بعيونك»، وإنه من المؤسف أن ترى بعض الرجال يبخل على زوجته بالكلمة الطيبة، مدحاً وثناءً عليها، وعلى جمالها، أو لباسها، أو على طعامها الذي صنعته له!، وإن الجهل والموروثات الخطأ التي يتلقفها بعض الناس عن عادات مجتمعاتهم، وعن آبائهم، من أكبر الأسباب المفسدة للحياة الزوجية.

 ثورة تصحيحية

       نحن بحاجة إلى ثورة تصحيحية في خلق التعامل مع زوجاتنا، وأن نتخلى عن الموروثات المخالفة لدين الإسلام وأخلاقه، أعرف من الناس من إذا دخل على أهل بيته لا يُسلِّم، وإن سلَّم سلّم مكرهًا، وحدثني بعضهم أنه لا يشمِّت أهله إذا عطسوا وحمدوا الله، يقول: يستنكف من ذلك، وإذا أردت أن تعرف مبلغ هذا الجهل، فاستمع إلى بعض الرجال كيف يخاطب أهله عبر الهاتف، كأنه يتحدث مع عدوٍّ له أو غريب!

      ويقول بعضهم: الوالد يقول: «عليك بالمرأة، تراها مثل قطن الندَّاف كثر ما تندف بالعصا تصير زينة»، هكذا هو العلم الذي يتلقاه بعض الأزواج عن آبائهمـ، بل إن بعض الأزواج يدخل الحياة الزوجية وكأنه داخل إلى معركة، ضد خصم يريد الاستيلاء على ملكه، أو سلب حق من حقوقه.

       الأب والأصدقاء يوصون الزوج بما يحقق له السيطرة الكاملة على زوجته، يوصونه بالشدة المبكرة على الزوجة في معاملتها: لا تبتسم، لا تلبي لها كل رغباتها، حمِّر عليها العين، اغلظ عليها القول!.

       والأم والأخوات والصديقات في الطرف الآخر يوصين الزوجة بما يحقق لها السيطرة على جو المعركة مع الزوج، يوصينها: لا تمكنيه من نفسك كما يريد، وأكثري عليه من الطلبات، اطلبي خادمة اطلبي كذا، اطلبي وكذا، اجعليه يمشي على طريقتك وهكذا، وصايا لتدمير الحياة الزوجية، ولمزيد من المشكلات.

احذروا نصائح الجَهَلة!

      لذلك أقول: احذر أيها الزوج الكريم، وأيتها الزوجة المصونة، من وصايا الجَهَلة ونصائحهم! قليلي التجربة في الحياة، أو الفاشلين في حياتهم الزوجية؛ فإن هؤلاء لا يرتجى من نصائحهم الخير، وعليكم بتوجيهات أهل الخبرة في الحياة، أهل الصلاح الناجحين في حياتهم الزوجية، العقلاء أهل التجربة.

وصيـة جامعـة

      وإلى أخواتنا المسلمات أُقَدِّم هذه الوصية الجامعة لأم رؤوم إلى ابنتها العروس عند تزويجها: فقد رُوِيَ أن أسماء بنت خارجة الفزاري قالت لابنتها عند التزويج: «إنك خرجت من العش الذي درجت فيه، فصرت إلى فراش لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أرضاً يكن لكِ سماءً، وكوني له مهاداً يكن لكِ عماداً، وكوني له أَمَةً يكن لكِ عبداً.

     لا تلحفي (تكثري) به فيقلاك (يهملك ويكرهك)، ولا تباعدي عنه فينساك، إن دنا منك فاقرُبي منه، وإن نأى فابعدي عنه، واحفظي أنفه وسمعه وعينه، فلا يشمنَّ منك إلا طيباً، ولا يسمع إلا حسناً، ولا ينظر إلا جميلاً».

وصدق الله العظيم: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب:71).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك