فقدان الشيخين ثلمة في القلب
لقد أدمى قلوبنا، وأقضَّ مضاجعنا، وصدع أكبادنا، وزاد مواجعنا ما فُجعنا به، حين امتدت يد الغدر والجحود والخيانة إلى شيخين جليلين خرجا في سبيل الله -تعالى.
فلنعزِّ أنفسنا بوفاة الشيخين الفاضلين الأستاذ الدكتور وليد العلي وفهد الحسيني، اللذين قاما بجهود مضنية وأعمال خيرية مباركة ودروس نافعة طيبة، حتــى نالتهما يد الإرهاب والغدر؛ ففاضت روحهما إلى بارئهما -جل وعلا-، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، ويرفع درجتهما، ويوحد كلمة الجميع للثناء العطر عليهما؛ فَتُجمع الأموال لمشاريع كبيرة لهما، وفاء واعترافا بحقوقهما علينا، وبلسما على قلوب أهلهما وذويهما ومحبيهما، صامدين بذلك في وجه الإرهاب.
فهما وفدا جمعية إحياء التراث الإسلامي للقيام بالدعوة المباركة في وسطية واعتدال في العلم والفهم والسلوك، وقد بذلا أموالهما وأوقاتهما وأرواحهما من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا؛ فهما وسام عز وفخار وتاج مجد ووقار، واستحقا هذا التكريم؛ لأن الله -تعالى- جعلهما مفاتيح للخير، مغاليق للشر، كما فرّج الله بهما كربة، وقضى بهما دَيْنا، وطرد بهما جوعاً، وكانا سببا في علاج كثير من المرضى.
لقد كانا مثالا يحتذى به في السعي الدائم لقضاء حوائج الناس والاجتهاد في العمل ودقة التنظيم والتواضع الجم وحب الخير للناس، وكان اهتمامهما بالغاً بأمر الجاليات وبالبحوث وبالمعهد الديني، فضلاً عن تحفيظهما المتون للطلبة، وكم أسلم على أيدهما عدد من الناس! لقد شرحا الأحكام الفقهية بأسلوب سلس وبسيط، ولهما بصمات دعوية ورحلات علمية، وعزاؤنا فيهما أنهما خرجا في سبيل الدعوة إلى الله ونصرة الدين، ومن كان كذلك فهو في ضمان الله -عزوجل-؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة في ضمان الله -عز وجل-: رجل خرج من بيته إلى مسجد من مساجد الله -عز وجل-، ورجل خرج غازيا في سبيل الله -عز وجل-، ورجل خرج حاجا» رواه أبونعيم وصححه الألباني.
رحم الله الفقيدين الغاليين، وأسكنهما فسيح الجنان من أوسع الأبواب، وألهم أهلهما ومحبيهما الصبر والاحتساب، ولن تضيع جهودهما العلمية-إن شاء الله- بل ستطبع وتوزع ويكون لهما رصيد من العلم الذي ينتفع به.
والحمدلله على كل حال، ونشكر صاحب السمو أمير البلاد على جهوده الطيبة بإرسال طائرة لعودتهما إلى أرض الوطن، ليُدفنا فيه، والأمر ببناء مسجدين لهما، وجعل المركز الثقافي في مسجد الدولة باسم الدكتور وليد العلي، والشكر موصول لجمعية إحياء التراث الإسلامي وأهل الخير الذين ساهموا ويساهمون في الأعمال الخيرية لهما.
لاتوجد تعليقات