رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 25 أبريل، 2011 0 تعليق

فـن الإصــلاح بيــن الزوجــين

 

 

       قامت وزارة العدل مشكورة بإنشاء مكاتب الإصلاح بين الزوجين، واختارت مجموعة متميزة تقوم بهذا الدور، ولها مكاتب رسمية واستشارات معتمدة يستأنس بها القاضي.

       وتهدف هذه المكاتب لتأليف القلوب وتقارب وجهات النظر وإزالة أسباب الشقاق والبغضاء والسعي لإصلاح واقع البيوت من الداخل وتوحيد الأسر وإصلاح ذات البين، ولقد أمرنا الله عز وجل بالإصلاح: {فاصلحوا بين أخويكم وأتقوا الله}، وكان الفاروق عمر - رضي الله عنه - يحبذ الإصلاح قبل الوصول إلى القضاء، فيقول: «ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن».

       فالذي يقوم بالإصلاح يطلب الأجر والثواب ويحقن مبدأ التعاون على البر والتقوى ويحقق مفهوم الإخوة والحرص على توثيق روابط المودة وإعادة جسور المحبة، ويحرص على تماسك الأسر ويبذل النصيحة ويسدي التوجيه للبيوت، ويسعى في الستر على المسلمين وتفريج كربهم وإقالة عثراتهم، ويحيي سنة النبي[ في الإصلاح بين الزوجين ويستشعر عظم المسؤولية الملقاة عليه، قال تعالى: {ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما}.

- والذي يقوم بالإصلاح يكون ذا خلق ودين ومحافظا على نفسه من الوقوع في المعاصي؛ كالفساد والفضيحة وكشف حاجب الستر الذي أمره الله به، وأن يتوسط بالعدل ويتحلى بالحلم وسعة البال والصبر وعدم العجلة، وأن يكون ذا علم شرعي ليعالج المشكلات من خلال وضع الحلول والتسويات العادلة المقترحة، وأن يتطلف ويبين الصواب ويسد الخلل ويصلح العوج والشرخ الذي وقع.

- الذي يقوم بالإصلاح يتصف بالحياد فلا يميل مع أحد ولو كان ذا قربى وتكون لديه قدرة على الإقناع وقوة التأثير وعليه بالستر، قال الإمام الفضيل بن عياض: «المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويفضح».

- ويملك مهارة الاستماع والإنصات والتصور العام للقضية حتى لا يكون هناك غموض ويستعين بالله عز وجل: {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}.

- والمصلح يملك من الكياسة والفطانة وحسن التصرف والاستعانة بالله والدعاء له ليوفقه ويسدده: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}.

- اختيار الوقت المناسب للإصلاح لتهدئة النفوس وجبر الخواطر ونزع فتيل الغضب والتدرج في الإصلاح من التمهيد وجس النبض وذكر فضائل التنازل عن بعض المطالب، ولاسيما في القضايا المستعصية والخصوم المتعنتين.

- والمصلح يحذر من اليأس فلا يكون قصير النفس أو ضيق الصدر، بل عليه بالوضوح فهو مستأمن ولا ينبغي أن يستعمل المعاريض والعبارات الواسعة التي تصلح وتقرب وتغلف بالآدب واللباقة.

       ولقد أجاز له الشارع الحكيم استخدام بعض عبارات التورية، ففي الحديث: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خير» رواه البخاري.

- ولا يمنع أن ينزل الناس منازلهم ويحذر من انتقاصهم أو الحط من قدرهم بشرط ألا يؤثر على الحكم النهائي ويوصيهم بالعفو والصفح: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} ويسوق لهم قصاصا لأناس عفوا فحصل لهم من العز والخير ما حصل.

- ضرورة معرفة المصلح للأسباب الحقيقية للخصام؛ لأن التشخيص أول باب العلاج الناجح لتقبل الإصلاح والتجاوب السريع والوصول إلى الحق للتعامل بالعدل والرحمة والإحسان.

       ضرورة معرفة المصلح لاختلاف أحوال الناس في تعاملهم عند النزاع والخصومة، فمنهم المتعنت الصلب، ومنهم الصادق، ومنهم الكاذب، ومنهم من يتأثر بالمواعظ والأحاديث وثواب الآخرة، ومنهم من توثر فيه المصالح الدنيوية أو المال أو الإكرام والتقدير.

       ضرورة أن يراجع المصلح ملفات النزاع حتى النهاية وليس فقط عندما تخرج من مكتبة يغلقها ويترك للشيطان العبث وتذهب كل الجهود سدى.

المصلح لا يفتح على نفسه أبواباً ومنافذ، بل هو أمام زوج وزوجة فلا يتتبع أهلهم وذويهم فتتعقد المسألة كما يتأكد من صحة وكالة الوكيل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك