رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد حمدي 8 يوليو، 2020 0 تعليق

فضل العمل الجماعي (1)

 

 

 

الاجتماع سبب في إقامة العبادة لله -تعالى- من الذكر والتسبيح وإقامة الفروض الكفائية

 

 

 

استفاضت نصوص الكتاب والسنة لدى العلماء وكثرت بينهم، في تحذيرهم من تكفير المعين بلا دليل أوضح من شمس النهار؛ لأن نتيجته الواقعية سيئة، سواء أكانت بالأقوال أم بالأفعال, ومن أصول أهل السنة حسن الظن وحسن الرجاء لأهل القبلة أمواتاً وأحياء.

لا شك أن الاجتماع على البر والتقوى والعمل الصالح له الكثير من الفوائد والثمرات العظيمة، سنذكر بعضها من باب التحفيز؛ لما في ذلك من خير الاجتماع.

الاجتماع والاعتصام فيه الامتثال لأمر الله -عز وجل- لعباده المؤمنين: قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2)، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (آل عمران:103).

البركة الكثيرة

الاجتماع فيه البركة الكثيرة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلوا جميعًا ولا تفرَّقوا، فإِنَّ طعامَ الواحدِ يكفِي الاثنينِ، وطعامُ الاثنينِ يكفي الثلاثةَ والأربعةَ، كلوا جميعًا ولا تفرَّقوا، فإِنَّ البركَةَ في الجماعةِ» (رواه العسكري في المواعظ، وحسنه الألباني).

الجماعة فيها الرحمة

     الجماعة فيها الرحمة والفرقة فيها العذاب: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ والفُرقَةُ عَذَاب» (رواه أحمد، وحسنه الألباني)، فلما تمسكت الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها - صلى الله عليه وسلم - واجتمعت على الحق وائتلفت قلوبها؛ قويت هذه الجماعة، وسادت وقادت، وهذا رحمة من الله بها، وما إن تدب الفرقة في صفوف الأمة، وتتخلى عن بعض ما أُمرت به، وتتهاون في تطبيق سنة نبيها - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنها تضعف وتهون، وتصبح لقمة سائغة في أيدي الأعداء؛ وما ذاك إلا لأن الجماعة رحمة من الله بالأمة، أما الفرقة فهي عذاب وعقوبة من الله -عز وجل-؛ يعاقب بها الأمة حينما تعصيه.

سبب في دخول الجنة

     الجماعة سبب في دخول الجنة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الجَمَاعَةَ» (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، أي: مَن أراد أن يدخل الجنة ويكون في وسطها، ويظفر بنعيمها؛ فليتمسك بجماعة المسلمين، ولا يبتعد عنها، ولا يخرج من محيطها، والبحبوحة هي الوسط، فبحبوحة الدار وسطها، وبحبوحة الجنة وسطها، والبعد عن الجماعة سبب لدخول النار: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَدُ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ، فَإِنَّهُ مَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ» (رواه الحاكم، وحسنه الألباني بمجموع طرقه).

سبب في النجاة

الجماعة سبب في النجاة والبُعد عن تسلط الشيطان: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ، لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ؛ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» (رواه أبو داود، وحسنه الألباني).

الجماعة فيها القوة

الجماعة فيها القوة: قال الله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصف:4)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي أَوْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ» (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

الاجتماع من صفات المؤمنين

الاجتماع على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات عباد الله المؤمنين: قال الله -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (التوبة:71).

فيه المواساة والمؤازرة

- الاجتماع بين المؤمنين فيه المواساة والحب والمؤازرة: قال الله -تعالى- على لسان يوسف -عليه السلام-: {إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (يوسف:69).

سبب في إقامة العبادة

الاجتماع سبب في إقامة العبادة لله -عز وجل- من الذكر والتسبيح وإقامة الفروض الكفائية: قال -تعالى- على لسان موسى -عليه السلام-: هَارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي. كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا. وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} (طه: 30-34).

فيه الحماية والمنعة

الاجتماع فيه الحماية والمنعة من أذى الأعداء في تبليغ دين الله -عز وجل-: قال -تعالى-: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} (القصص:35).

من أسباب النصر والتمكين

الاجتماع سبب من أسباب النصر والتمكين: قال الله -تعالى-: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا} (الأنفال:46).

فيه البأس والشدة

     الاجتماع بين المؤمنين فيه البأس والشدة على الكفار والرحمة بين المؤمنين: قال -تعالى-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} (الفتح:29)، فالمثل في التوراة يتحدث عن طيب اللبنة، والمثل في الإنجيل يتحدث عن العلاقة بينهم من الاجتماع والمؤازرة والتقوية، والنصرة والتأييد.

سبب في صلاح القلوب

     الاجتماع بين المؤمنين سبب في صلاح القلوب: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثٌ لا يُغلُّ علَيهِنَّ قلبُ مؤمنٍ: إخلاصُ العملِ للَّهِ، والنَّصيحةُ لوُلاةِ المسلمينَ، ولزومُ جماعتِهِم، فإنَّ دَعوتَهُم، تُحيطُ مِن ورائِهِم» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)؛ أي: هذه الخِلالَ الثَّلاثَ تَصْطَلِحُ بها القلوب؛ فمَن تمَسَّك بها طَهُر قلبُه مِن الخيانةِ والشَّرِّ، ومنها: لُزومُ جَماعتِهم؛ أي: مُوافَقتُهم في الاعتقاد، والعمل الصالح، والتعاون على البر والتقوى.

فيه اكتشاف القدرات

     العمل الجماعي فيه اكتشاف القدرات، واكتساب المزيد من المهارات، فكل فرد في الفريق سوف يتعلم مِن مهارات الآخرين، وسيتوفر لدى الفريق وقت للعمل ووقت للتعلم، على عكس العمل الفردي حيث تقع كل المهام على عاتق شخص واحد فقط، وبالتالي لا يوجد وقت للتعلم؛ بالإضافة إلى عدم وجود أشخاص آخرين ليتعلم من مهاراتهم وخبراتهم، كما تميز الصحابة في كل بابٍ من أبواب الخير، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أرحَمُ أمَّتي بأمَّتي أبو بَكْرٍ، وأشدُّهم في دينِ اللَّهِ عُمرُ وأصدقُهُم حياءً عُثمانُ، وأقضاهُم عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وأقرأُهُم لِكِتابِ اللَّهِ أبيُّ بنُ كَعبٍ، وأعلمُهُم بالحلالِ والحرامِ مُعاذُ بنُ جبلٍ، وأفرضُهُم زيدُ بنُ ثابتٍ ألا وإنَّ لِكُلِّ أمَّةٍ أمينًا، وأمينَ هذِهِ الأمَّةِ أبو عُبَيْدةَ بنُ الجرَّاحِ» (رواه الترمذي، وقال: «هذا حديث حسن صحيح»).

فيه الالتزام وتحمل المسؤولية

العمل الجماعي فيه الالتزام وتحمل المسئولية: وقد يكون هناك نوع مِن التوبيخ والمعاتبة، ونوع من الكدر، كما قال علي بن أبي طالب -  رضي الله عنه -: «كدر الجماعة خير من صفو الفرد»، وفيه التكامل بين الأفراد والاستمرارية وعدم الانقطاع.

فيه الشورى

     العمل الجماعي فيه الشورى، كما قال الله -عز وجل-: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (آل عمران:159)، وكما عَلِم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ قريشًا قد جاءت لحرْبِه ووصلَتْ إلى مَشارف المدينة، فاستشار أصحابه، وكان رأيه - صلى الله عليه وسلم - الدِّفاعَ في المدينة عن المدينة، ولكن أغلبيَّة المسلمين -وخاصَّةً مَن فاتَهم القِتالُ في بدر- أرادوا الخروج إلى أُحُد ومُنازَلة المُشركين هناك، فوافَق النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على رأي الأغلبيَّة، وقرَّر مُغادَرة المدينة والخروج إلى أُحُد، فكانتْ وقعة أُحُد.

يمنع الانفرادية والاستبدادية

العمل الجماعي يمنع الانفرادية، والاستبدادية والديكتاتورية، وتبادل المعلومات يسمح للأفراد الحصول على فرصة التواصل مع بعضهم البعض بشكلٍ جيدٍ وفعالٍ، حيث يتم أخذ كل فكرة أو اقتراح بعين الاعتبار ومناقشتها وتعديلها إن تطلب الأمر قبل الوصل للقرار النهائي لإنجاز المهام المطلوبة.

فيه زيادة الكفاءة والإنتاجية

العمل الجماعي فيه زيادة الكفاءة والإنتاجية، فالعمل ضمن فريق يساعد على زيادة معدل الإنتاج ورفع كفاءته؛ لأن مهارات الفريق وطاقاته تكون مُسخرة لتحسين الإنتاج، وفي حالة أخطأ أحد أفراد الفريق فسيدرك فرد آخر الخطأ، وسيتعامل مع الخطأ للوصول للهدف النهائي.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك