فضائل شهر محرم
ما زال الله -تعالى- يوالي علينا مواسم الخير والفضل، ما انتهت أشهر الحج إلا وأعقبها شهر الله المحرم، وهذا الشهر خصه الله بخصائص، أولها: أنه من الأشهر الحُرم التي حرم الله فيها القتال قال -تعالى-: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} وهذه الأربعة: هي ذو القعدة، وذو الحجة، وشهر محرم، والرابع شهر رجب، حرم الله القتال فيها من أجل تأمين الحجاج والمعتمرين في سفرهم للحج والعمرة، فلما جاء الإسلام -ولله الحمد- انتشر الأمن واندحر الكفار، وقام الجهاد في سبيل الله -عز وجل- في كل وقت مهما أمكن ذلك.
إن هذا الشهر له فضائل، قال - صلى الله عليه وسلم -: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ»؛ فيستحب الإكثار فيه من الصيام، وهو أيضا من الأشهر الحرم، وهو الشهر الذي اختاره الصحابة في عهد عمر -رضي الله عنه- ليكون أول السنة الهجرية، فهو شهر له فضائل:
من أعظم فضائله
أن فيه يوم عاشوراء الذي أخبر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صيامه يكفر السنة الماضية، وقد صامه موسى -عليه السلام- شكرا لله لما أغرق الله فرعون وقومه فصامه شكرا لله -عز وجل-، وصامه اليهود من بعده، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة مهاجرا وجد اليهود يصومونه؛ فقال: “ما هذا الصوم الذي تصومونه؟ قالوا: إنه يوم أعز الله فيه موسى وقومه، وأذل الله فيه فرعون وقومه وقد صامه موسى -عليه السلام- فنحن نصومه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ أو أولى بِمُوسَى مِنْكُمْ فصامه - صلى الله عليه وسلم - وأمر بصيامه” فصار صيامه سنة مؤكدة؛ لكنه - صلى الله عليه وسلم - أراد منا أن نخالف اليهود فـأمر بصوم يوم قبله وهو اليوم التاسع، وفي رواية أو صوم يوما بعده، ولكن صيام يوم التاسع أوكد، فيصام هذا اليوم اقتداءً بأنبياء الله بموسى -عليه السلام وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - في صيامه وهو يوم أعز الله فيه المسلمين على يد موسى -عليه السلام-، فهو نصر للمسلمين إلى أن تقوم الساعة، ونعمة من الله -عز وجل- يُشكر عليها وذلك بالصيام، فصيامه سنة نبوية مؤكدة، فيصومه المسلم اليوم التاسع ويصوم اليوم العاشر الذي هو يوم عاشوراء، ومضت هذه السنة في هذه الأمة والحمد لله فيتأكد صيامه طلبا للأجر والثواب وشكرا لله -عز وجل.
سنة الأنبياء وأتباعهم
فسنة الأنبياء وأتباعهم أنهم يشكرون الله على الانتصارات/ وذلك بالطاعة والصيام وذكر الله -عز وجل- وشكره/ ولا يحدثون في هذه الانتصارات بدعا ومنكرات؛ فإن هذا من سنة الجاهلية، والاحتفالات إنما يحدثون فيها الشكر لله -عز وجل- والصيام، فإحياء السنة أمر مطلوب من الأمة، في صومه أجر عظيم، يكفر السنة الماضية، فلا ينبغي للمسلم أن يفرط فيه.
لاتوجد تعليقات