رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبد الرحمن المراكبي 23 أغسطس، 2016 0 تعليق

فريضة الحج أحكام وآداب

 

الاستطاعة تتحقق بالصحة وملك ما يكفي المسلم لذهابه وعودته فاضلاً عن حاجة من تلزمه نفقته وبأمن الطريق مع وجود مَحْرم بالنسبة للمرأة فإذا لم تجد محرمًا فليست بمستطيعة

من كانت لديه القدرة المالية ولكنه عجز عن الحج بسبب كبر سن أو مرض لا يُرجى الشفاء منه فإنه يلزمه أن يقيم من يحج عنه من ماله

يُشترط في من ينوب عن غيره بالحج أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه أولاً ويجوز أن يحج الرجل عن المرأة، وأن تحج المرأة عن الرجل

 

الحج فريضة على كل مسلم، بالغ، عاقل، حر، قادر على الذهاب لأداء مناسك الحج؛ وذلك بدليل الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة. يقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}(آل عمران: 97). وعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». (البخاري حديث 8، ومسلم حديث 16)، وأجمعت الأمة على وجوب الحج في العمر مرة واحدة. (المغني لابن قدامة 5/6).

بماذا تتحقق الاستطاعة لأداء مناسك الحج

     الاستطاعة تتحقق بالصحة، وملك ما يكفي المسلم لذهابه للحج وعودته منه, فاضلاً عن حاجة من تلزمه نفقته، ويأمن الطريق مع وجود مَحْرم بالنسبة للمرأة، فإذا لم تجد محرمًا فليست بمستطيعة. (المغني لابن قدامة 5 /30 -32) فتوى دار الإفتاء المصرية بخصوص حج المرأة بدون محرم معها: لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كان معها زوجها أو ذو محرم لها، بالغ، عاقل، ولا يحل لها أن تحج بدون ذلك، وإذا حجت بدون محرم كانت آثمة وحجها صحيح. (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ1 فتوى رقم 43 ص132- 133).

حُكم حج الصبي والعبد

     لا يجب الحج على الصبي ولا العبد، ولكن إذا حجا صح حجهما، ولا يجزئهما عن الفريضة إذا بلغ الصبي أو أُعتق العبد. روى مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: «إنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ».(مسلم 1336).

حُكم الحج عن الغير

     من كانت لديه القدرة المالية التي تغطّي تكاليف الحج، ولكنه عجز عنه بسبب كبر سن أو مرض لا يُرجى الشفاء منه يمنعه من السفر أو من أداء مناسك الحج، فإنه يلزمه أن يقيم من يحج عنه من ماله، فإن قدر الله لهذا المريض الشفاء، أجزأته هذه الحجة عن حجة الإسلام.

شروط الحج عن الغير

     يُشترط فيمن ينوب عن غيره بالحج أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه أولاً، ويجوز أن يحج الرجل عن المرأة، وأن تحج المرأة عن الرجل. (صحيح أبي داود للألباني حديث 1596). من مَلكَ القدرة المالية والجسمية، ولكنه مات قبل أن يحج جاز أن يحج أحدٌ نيابةً عنه، على أن تكاليف رحلة الحج من رأس مال الميت، ويكون الحج مقدمًا على ديون الناس. عن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: «أَمَرَتْ امْرَأَةٌ سِنَانَ بْنَ سَلَمَةَ الْجُهَنِيَّ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  أَنَّ أُمَّهَا مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ، أَفَيُجْزِئُ عَنْ أُمِّهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّهَا دَيْنٌ فَقَضَتْهُ عَنْهَا؟! أَلَمْ يَكُنْ يُجْزِئُ عَنْهَا؟ فَلْتَحُجَّ عَنْ أُمِّهَا. (أخرجه النسائي، وصححه الألباني 2/241).

 

كيف نستعد لرحلة الحج والعمرة؟

يمكن أن نجمل كيفية الاستعداد لأداء مناسك الحج والعمرة بالأمور الآتية:

(1) إخلاص العمل لله -تعالى.

(2) المبادرة إلى التوبة النصوح.

(3) اختيار المال الحلال.

(4) الوصية بتقوى الله في السر والعلانية.

(5) وجوب معرفة مناسك الحج والعمرة.

مواقيت الحج والعمرة

المواقيت: جمع ميقات، وهو ما حُدد ووقِّتَ للعبادة من زمان ومكان. وللحج مواقيت زمانية ومكانية، سوف نتحدث عنها بإيجاز:

المواقيت الزمانية

     العمرة ليس لها ميقات زماني، ويمكن الإحرام بها في أي وقت من العام، وأما بالنسبة للحج فله ميقات زماني ولا يصح إلا فيه. يقول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}(البقرة: 197)، قال البخاري: قَالَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. (البخاري– كتاب الحج باب 33).

المواقيت المكانية

     هي الأماكن التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم للإحرام منها لكل من أراد الحج والعمرة، ولا يجوز أن يتجاوزها بغير إحرام، ومن تجاوزها بغير إحرام وجب عليه أن يعود إليها، ويُحرم منها، وإلا وجب عليه ذبح شاة، وتوزيعها على فقراء الحرم، ولا يأكل منها. وهذه المواقيت المكانية كما يلي: ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة. ميقات أهل الشامو ومصر: الجُحفة، وهي قرية قديمة قد خربت، فصار الناس يحرمون من رابغ، وهي تحاذي الجحفة. ميقات أهل اليمن: يلملم. ميقات أهل نجد: قرن المنازل، ويسمى الآن السيل. ميقات أهل العراق: ذات عرق، ويُسمى الآن الضريبة. (البخاري 1526، مسلم 1181).

 

أنواع الأنساك

من المعلوم أن الأنساك ثلاثة أنواع، وهي: الإفراد – القران – التمتع، وسوف نتحدث عن كل منها بشيء من الإيجاز:

الإفراد

     هو أن يُحرم من يريد الحج من الميقات بالحج وحده، فيقول عند التلبية: لبيك بحج، ويبقى على إحرامه حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد، ولا يلزمه هدي.

القران

     هو أن يحرم بالحج والعمرة معًا من الميقات، فيقول عند التلبية: «لبيك بحج وعمرة»، ويظل على إحرامه حتى ينتهي من أعمال الحج والعمرة معًا. ويكفي القارن لحجه وعمرته طواف واحد (وهو طواف الإفاضة) وسعي واحد، ويلزمه هدي.

التمتع

     هو أن يعتمر في أشهر الحج، وهي (شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة)؛ فيقول عند الميقات: (لبيك بعمرة ) فإذا وصل إلى مكة، طاف وسعى للعمرة، ثم حلق أو قصر شعره، ثم يحل من إحرامه، ويرتدي ملابسه المعتادة، ويظل هكذا إلى يوم التروية (وهو اليوم الثامن من ذي الحجة)؛ فيحرم من مكانه بالحج وحده قائلاً لبيك بحج, ويبقى على إحرامه حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد ويلزمه هدي. (المنهج لابن عثيمين، ص 14 -16).

تنبيه مهم

     لا يجب الهدي على القارن والمتمتع من أهل المسجد الحرام، وهم من كانوا قريبين منه؛ بحيث لا يكون بينهم وبين الحرم مسافة سفر تقصر فيها الصلاة. أركان الحج أربعة وهي:

(1) الإحرام.

(2) الوقوف بعرفة.

(3) طواف الإفاضة.

(4) السعي بين الصفا والمروة.

     وهذه الأركان الأربعة لا يتم الحج إلا بها، ومن ترك ركنًا واحدًا من هذه الأركان لم يصح حجه. أركان العمرة ثلاثة وهي: (1) الإحرام.

(2) الطواف.

(3) السعي بين الصفا والمروة.

وهذه الأركان الثلاثة لا تصح العمرة إلا بها، ومن ترك ركنًا منها لم تصح عمرته، وسوف نتحدث عن هذه الأركان بإيجاز:

أولاً: الإحرام

     هو نية الدخول في الحج أو العمرة أو هما معًا. والإحرام يكون من الميقات, وهو المكان الذي حدّده النبي[ للإحرام منه، ولا يجوز مجاوزته بدون إحرام, فمن جاوزه دون إحرام عالمًا به أو جاهلاً ثم علم حُكْمه بعد ذلك, وجب عليه أن يرجع ويحرم منه، ولا شيء عليه, فإن لم يرجع فقال بعض أهل العلم وجب عليه ذبح شاة, فإن لم يستطع صام عشرة أيام: ثلاثة أيام أثناء الحج، وسبعة إذا عاد إلى بلده. ويجب على المُحرم الذَّكَر أن يتجرد من ملابسه كلها، ويرتدي إزارًا ورداءً، ولا يغطي رأسه بشيء. (راجع البخاري 1542، ومسلم 1177).

صفة إحرام النساء

المرأة تحرم في ملابسها المعتادة، غير أنها لا تنتقب، ولا تلبس القفازين. (راجع البخاري 1838).

حُكم ستر وجه المرأة أثناء الإحرام

     قال ابنُ قدامة: إذَا احْتَاجَتْ إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا؛ لِمُرُورِ الرِّجَالِ قَرِيبًا مِنْهَا، فَإِنَّهَا تَسْدُلُ الثَّوْبَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَلاَ نَعْلَمُ فِيهِ خِلاَفًا. (المغني لابن قدامة 5/154). روى الحاكمُ عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: «كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمشط قبل ذلك في الإحرام»(صححه الألباني في إرواء الغليل جـ4 حديث 1023).

التلبية صفتها ومعناها

     بعد أن يُحرم المسلم بالنسك الذي يريده، يرفع صوته بالتلبية، وهي قول: (لبيك اللهم لبيك). روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ». (البخاري 1549، ومسلم 1184). وهذه صفة التلبية.

      ويرفع الرجال بالتلبية أصواتهم، مع الإكثار من تكرارها، والمرأة ترفع صوتها بقدر ما تُسمِع نفسها ورفيقاتها. (المغني لابن قدامة 5/160). وتنقطع التلبية في العمرة عند بداية الطواف بالكعبة، وتنقطع في الحج عند رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر. ما يُباح أثناء الإحرام:

(1) الاغتسال، وتمشيط شعر الرأس واللحية برفق، والنظر في المرآة.

(2) غسل ملابس الإحرام، أو استبدالها بغيرها.

(3) الحجامة، وخلع الضرس، واستعمال المظلة، والنظارة، والتبرع بالدم.

(4) لبس الساعة وخاتم الفضة للرجال، وأما الحلي من الذهب فيجوز استخدامه للنساء فقط.

(5) استخدام الحزام، والمشابك للإحرام، وطرح الظفر إذا انكسر.

(6) قتل الحشرات والحيوانات الضارة التي تهاجم المُحْرم في الحل والحرم.

(7) صيد البحر، والقيام بالبيع والشراء والصناعة. (حجة النبي للألباني صـ26، والفقه الإسلامي للزحيلي 3/254).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك