فرق ومذاهب المسلمين في مالاوي
مالاوي كغيرها من دول العالم فضلا عن الدول الإفريقية، تتعدد فيها الفرق والمذاهب المنسوبة للإسلام، فالتعدد والتنوع الذي حصل بعد قرن الصحابة -رضي الله عنهم- عم وشمل كل البلاد التي دخلها الإسلام على مدار العصور والقرون؛ لأن من دخلوا الإسلام في مثل هذه الدول الإفريقية إنما دخلوها فاتحين لها بالدعوة، وطبعوها بتوجهاتهم المذهبية في الفروع والأصول.
ويوجد في مالاوي من المذاهب الفقهية مذهبان، المذهب الشافعي والمذهب الحنفي، أما المذهب الشافعي فهو المذهب السائد لدى أكثر المسلمين السود من الأفارقة، وهو المذهب الذي عليه العمل والفتوى لدى معظم الشيوخ والمفتين، في مالاوي، وهو مذهب متوارث من بعيد منذ الدعاة الأوائل الذين جاؤوا البلاد للدعوة والتعليم، ويتميز المسلمون هنا ولاسيما الشافعيين بعدم التعصب للمذهب، فهم يعظمون نصوص الكتاب والسنة، فيتبعون الدليل إذا تبين لهم، والمذهب الشافعي كما هو معروف من المذاهب السنية، الذي وضع أساسه وقواعده على الكتاب والسنة الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي؛ وعليه فالناس في مالاوي من المسلمين يعظمونه ويشهدون بإمامته فضلا عن غيره من المذاهب السنية المعتبرة.
وفي الشأن نفسه يوجد بقوة المذهب الحنفي وهو مذهب المسلمين من الجالية الهندية والباكستانية الذين جاؤوا منذ زمن بعيد للتجارة والدعوة، واستوطنوا، وبنوا المساجد والمراكز الدعوية التي طبعوها بمذهبهم السائد في بلادهم وهو المذهب الحنفي.
ومما يجدر الإشارة إليه، ويظهر بقوة في هذا الباب لدى الحنفية خلافا للشافعية، أنهم يؤدون الصلوات في آخر وقتها، فلا يصلون حتى يذهب عامة الوقت، ويُؤَمِنون سرًا خلف الإمام في الصلوات الجهرية، ويشفعون الإقامة مثنى مثنى كالأذان، والتكبير في صلاة العيدين ثلاث فقط، فهم يكبرون ثلاثا في الركعة الأولى قبل قراءة الفاتحة، وفي الثانية يكبرون ثلاثا بعد القراءة ثم يركع. وهم يحملون الأفارقة المالاويين الشافعية على المذهب الحنفي بالقوة؛ لأنهم يملكون المال ويشرفون على التعليم والتدريس، ومن ذلك ما هو جدير بالذكر أن بعض المعاهد العلمية الإسلامية في مالاوي كانت منذ أمد تستجلب المدرسين والأساتذة من الدول العربية، مثل مصر ولاسيما الأزهر الشريف أو من السودان أو من الصومال وغير ذلك، فلما تولى إدارة هذه المعاهد بعض المسلمين الهنود استبدل بالمعلمين العرب معلمين من الهند.
وعلى الجانب الآخر من المذاهب العقدية نجد التوجه الصوفي منتشراً في ربوع مالاوي كلها، فهو حاضر بقوة، وتوجد من الطرق الصوفية طريقتان:
الأولى: الطريقة القادرية:
وهم ينسبون أنفسهم إلى عبد القادر الجيلاني رحمه الله، فلهم أوراد وأذكار جماعية بعد الصلوات ولاسيما صلاة الفجر والجمعة، وفي الأعياد والمناسبات يؤدون الذكر مع التمايل والرقصات إن شئت أن تقول، ولاسيما في مناسبات مثل الاحتفال بمولد الرسول[، وتكثر لديهم القصص والأحاديث الباطلة والحكايات الخيالية، من كتب يغلب عليها مثل هذا الطابع المذكور آنفاً.
ومن بدعهم أيضًا صلاة الظهر بعد الجمعة، واعتقادهم عدم موت الرسول[، ولبس الثياب ذي اللون الأخضر والعمامة الخضراء الكبيرة، ولهم مساجد ومراكز خاصة بهم، وحدثني بعض المرافقين أن مالاوي منذ زمن كانت كلها على هذا التوجه الصوفي على الطريقة القادرية، ثم بدأ يقل هذا التوجه بعد ظهور جيل المتعلمين في الأزهر الشريف في مصر وفي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، إلا أنه مما يذكر بالخير لهؤلاء الصوفية – على بدعهم- أنهم وقفوا وحافظوا على المسلمين وصدوا حملات التنصير وهجماته العاتية.
ومما يذكر أن لهم مؤسسات تدعم حلق تعليم القرآن، وتنشئ المدارس، بل وتوجد بعض الكليات التابعة لهم وتحت إدارتهم.
الثانية: الطريقة الشاذلية:
وهم أتباع أبي الحسن الشاذلي، وليس لهم تواجد كبير، يكاد يذوبون في الطريقة القادرية لقلتهم، ولا يختلفون كثيرا في أذكارهم وأورادهم ومنهجهم عن أهل الطريقة القادرية.
أهل السنة والجماعة: وهم المسلمون المالاويون الذين نالوا قسطا وافرًا من التعليم في مدارس أهل السنة والجماعة ومعاهدهم، أو الذين ابتعثوا للدراسة في الجامعات العربية مثل جامعة الإمام محمد بن سعود بالمدينة المنورة، فهؤلاء عادوا لمالاوي بعلمهم، يحاولون نشر العقيدة الصحيحة والعمل على وفق الدليل من الكتاب والسنة، وحصل بينهم وبين القادرية من الخلاف الكثير، بسبب رفض الناس لهذا الفكر الجديد عليهم، بعد أن ألفوا طرق التصوف منذ زمن طويل، إلا أنه والحمد لله مكن الله لأهل السنة حتى صاروا أكثرية، وانتشروا في ربوع مالاوي كلها وأذعن الناس لهم.
يعرفهم القادرية بـ (السكوتية)؛ لأنهم - أي أهل السنة - لا يرفعون أصواتهم بالذكر الجماعي ولاسيما عند تشييع الجنائز، أو في المناسبات والأعياد.
ويتصدر أهل السنة المناصب مثل الفتوى، والإشراف على جمعية مسلمي مالاوي المسؤولة عن المسلمين في مالاوي، وتعترف بها الحكومة، كما لهم أيضا إذاعة – يملكها وينفق عليها أحد المسلمين ذوي الأصول الهندية - يبثون فيها فكر أهل السنة، عبر الدروس والمواعظ واللقاءات ونحو ذلك.
ومما يحسن ذكره أن مسلمي مالاوي من التوجهات السابق ذكرها لا يوجد بينهم من المشاحنات ولا من المشكلات إلا ما شذ وندر، فلا نقف عنده بالذكر، فهم يتواددون ويتآلفون ويتزواجون بلا أدنى تفريق أو طائفية، بل تجد في البيت الواحد المسلم الصوفي القادري والمسلم السني.
فرق أخرى
يوجدون ويحاولون الانتشار عبر تحويل المسلمين واستقطابهم لمذهبهم الإثنى عشري عبر بعض التجار اللبنانيين ذوي التوجه الرافضي، ولهم وسائلهم في ذلك من الدعوة واستخدام المال وسيلة جذب بقوة في ذلك الشأن، ولهم مركز كبير فيه مسجد ومجموعة مدارس بالعاصمة لولنجوي. ولنا معهم وقفه أخرى إن شاء الله تعالى.
والله من وراء القصد
لاتوجد تعليقات