رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. مصطفى أبو سعد 25 نوفمبر، 2013 0 تعليق

فرض الرأي بدون تفسير ولا مسوغات.. «أنا قلت هكذا وبس» سلوكيات أكرهها في والداي

التوبيخ المستمر:

التوبيخ المستمر على كل صغيرة وكبيرة، وعدم ملاحظتهما لأي شيء حسن أو صالح أعمله، فأنا لا أتوقع منهما دائما إلا التوبيخ.

الاستبداد المتطرف:

فارتكاب خطأ بسيط يسبب مشكلات كثيرة، مثلا قد أفقد قلماً في المدرسة، أو أكسر كوباً، فأفاجأ بسيل من الشتائم والاتهامات.

نوع العقاب الذي يوقعانه علي في حالة الخطأ، فلم أعد صغيراً حتى يضربني أبي أو أمي، وإن رفضت هذا أتهم بسوء الأدب أو عدم الاحترام لوالداي.

     وهناك وسائل عدة يعاقباني بها مثل: منع المصروف أحياناً، المقاطعة وعدم التحدث معي، منعي من الخروج أو ممارسة رياضتي المفضلة، منعي من استخدام التليفون.. إلخ.

ولعل أسوأ أنواع العقاب وأشدها على نفسي، هو ذلك العقاب الذي يوقع علي أمام أصدقائي فأبدو في نظرهم طفلاً صغيراً تافهاً وبلا شخصية.

الشك والارتياب:

أشعر أني محاصر بأسئلة ونظرات كلها شك فيما أقول أو أفعل مثلاً:

- الوالد: أين ذهبت اليوم؟

- الشاب: ذهبت لزيارة صديق.

- الوالد: لماذا لا تقول الصدق؟

- الشاب: هذا هو الصدق.

- الوالد: لا.. إنك لم تذهب، هل أتصل بصديقك لأسأله؟

وتصوروا معي إن حدث هذا.. ماذا يكون موقفي أمام صديقي؟

     هذه المشكلة أشد ما تكون مع البنات، فنتيجة حرص الوالدين الشديد على ابنتهما، ونتيجة لما يسمعانه ويعرفانه من مشكلات: يشكان في كل كلمة وكل سلوك.

1 - اللامبالاة والإهمال: نعم أنا أريد الحرية، لكن ليس لدرجة عدم المبالاة، أو إهمالي نهائياً، فأنا أريد من والداي أن يظهرا اهتماماً بي وبمظهري وبمستقبلي وبتقدمي الدراسي.

2 - أريد أن أشعر دائماً بحب والداي: فأحياناً يظنان لأني كبرت فأنا لا أحتاج لمن يربت على كتفي، أو يحتضنني مشجعاً، ولاسيما عندما أتعرض لمشكلة، أو أفشل، فهذا الحضن الدافئ يعطيني الاطمئنان أني مازلت محبوباً رغم فشلي أو خطئي، كما يحفزني للنجاح وإصلاح الأخطاء.

واجبات اجتماعية:

     أحياناً يتوقع مني والداي أشياء أكثر مما أستطيع القيام بها، فأنا مطالب مثلاً بأن أؤدي بعض الواجبات الاجتماعية التي لا أطيقها، مثل: تهنئة الأقارب بالخطبة، والزواج، وبالمولود، ومناسبات لا تنتهي.

نعم أنا أحب أن أحضر بعضها، لكني لا أحب أن أتواجد وسط جماعة من كبار السن لا أستطيع التفاهم معهم.

كما يطلب مني المجاملة في الجنازات، والذهاب للعزاء، أو الذهاب لتشييع الجنازة.

     كل هذه الأمور فوق طاقتي، وإذا حاولت الاعتذار عنها، يتهمني والداي بأني طفل خجول أو مقصر، وأني لا أريد القيام بواجباتي تجاه أقارب والدي أو والدتي، كما أني مطالب بمرافقة والداي في أسفارهما، لكني أريد أن أكون مع أصدقائي، وأفضل حضور مؤتمر أو مخيم للشباب عن التصييف مع الأسرة؛ حيث أظل حبيساً للتعليمات والمحظورات.

الخوف الزائد علي:

     أنا أقدر محبة والداي لي، لكني أتضايق من الحرص الزائد علي؛ فالخوف من الحوادث يجعلهما يمنعاني من الاشتراك في رحلات المدرسة، أو المسجد، أو النادي، كما لا يسمحان لي بركوب دراجة أو سيارة.

خوف بلا حدود:

     ثم إنهما يخافان علي من الفشل الدراسي، فيبالغان في الاهتمام بي دراسيا، أو يخافان علي من المرض، فلا يسمحان لي بتناول أي شيء خارج البيت، فالسندوتش قد يكون ملوثاً، والفاكهة غير مغسولة، والمثلجات تجلب الأمراض، كما لا يسمحان بخلع المعطف لئلا أصاب بالبرد، وفي الشتاء لابد أن ألبس أكثر من سترة أو لباس من الصوف حتى لا أتعرض للأنفلونزا.

التمييز:

     في بعض البيوت يعامل الآباء أبناءهم بنوع من التحيز، فيعاملان الولد بطريقة تختلف عن معاملة البنت بدعوى الخوف على الابنة والحرص عليها، فيسمح للولد بالخروج في أي وقت وبالتأخير خارج البيت، أما البنت فتجد قيوداً كثيرة وأحياناً يحدث العكس؛ إذ يظهرون عطفاً وحناناً على البنت أكثر من الأولاد، فيشترون لها ملابس غالية، وحليا ثمينة؛ لأنها بنت ولابد أن تظهر أمام الناس جميلة جذابة؛ مما يثير غيرة الأولاد.

التحيز:

وما يحز في نفس المراهق أحياناً تمييز ابن آخر عليه، إما لأنه أكثر تفوقاً، أو أهدأ طبعاً، أو أجمل شكلاً.. إلخ.

والتحيز والتمييز بين الأبناء مشكلة كبيرة تؤثر عليهم، وإن كان الآباء ينكرونها دائماً ويحاولون إيجاد الأعذار لها أحياناً.

التذبذب

     يحيرني في والداي عدم ثبات المعاملة، فمرة ينتقدان سلوكاً معيناً، ومرة أخرى يتسامحان فيه؛ مما يجعلني لا أعرف بالتحديد ما يسرهما وما يضايقهما.

ثقتي بنفسي:

النقد الزائد والتشدد من الوالدين يضع ضغطاً شديداً علي حتى أصاب بالتردد، وأشعر أن كل ما أفعله خطأ مما يضعف ثقتي بنفسي.

قدوتي

     أحياناً أحس بغياب القدوة، فوالداي يعلمانني مبادئ وقيماً عظيمة، لكنهما لا يحترمانها، فهما يعلمانني عدم الكذب مثلاً، لكني أراهما أحياناً لا يقولان الحقيقة.

حاجتي للاقتداء:

     أحتاج يا أبي ويا أمي إلى القدوة، لا تبالغا في القيم، بل علماني ما أستطيع تطبيقه فعلا؛ لأني أراكما تعملانه، فالقدوة أفضل مرات كثيرة من النصائح التي أشعر أنها فوق قدراتي وقدراتكما.

مشكلات أخرى

حوار وإنصات:

     في أحد البحوث التي أجريت على مجموعة من الطلبة المراهقين جاء على رأس المشكلات التي يشكو منها الشباب عدم إنصات الوالدين لهم، وليست العلة هي عدم قدرة الشباب على التعبير، لكن يرجع السبب إلى عدم وجود فرصة للتفاهم أو لصعوبة الموضوع الذي يريدون مناقشته مع آبائهم.

     وهذا يستدعي أن ينظم الآباء وقتهم على نحو يكفل ويتيح للأبناء فرصة منتظمة للحوار. وهكذا يجد الأبناء في والديهم أصدقاء يقدمون لهم النصح والمشورة.

تبقى مشكلتان هامتان وهما:

أولا: الخلافات الوالدية:

     البيت المنقسم الذي يعيش فيه المراهق ويرى الخلافات المستمرة بين الأب والأم؛ مما يجعله ينحاز إلى أحد الطرفين أحيانا، أو يشعر بالخجل الشديد خوفا من أن يعرف أصدقاؤه شيئا عن هذه الخلافات. ومن ثم يعيش حياة من القلق والكراهية لأحد الوالدين، أو كليهما. والبعض قد يترك البيت نتيجة لهذه الانقسامات.

ثانيا: تسلط الأم

     البيت الذي تكون فيه الأم هي الشخصية المسيطرة، تحرم الأبناء من التفاعل مع شخصية الأب، والاقتداء به في هذه المرحلة الهامة من حياتهم، مما يؤدي إلى اهتزاز شخصياتهم، وعدم فهمهم المعنى الصحيح للأسرة السليمة، وقد وجد أن عددا من أبناء مثل هذه الأسر ينحرفون لما يرونه من اختلال الأدوار.

مشكلات خاصة تشكو منها الفتيات

ماذا يريدان؟

     قد تقول الفتاة: إن ما يحيرني في معاملة أهلي لي عدم وجود معايير ثابتة تجعلني أعرف ما يريدونه مني، فإني أعاني من عدم السماح لي بالتأخير خارج المنزل قليلا في المساء، لكني أجدهم يتغاضون عن تأخير في بعض الحالات، وأنا لا أعرف السبب، متى يكون التأخير مسموحا به ومتى يكون ممنوعا؟

زينتي:

     عندما أريد أن أتزين لمناسبة خاصة كحضور حفل يعارضونني بدعوى أني ما زلت صغيرة، لكن في مرات أخرى نتوقع زيارة أسرة ما لمنزلنا فإذا بأمي تطلب مني أن أهتم بزينتي جداً، ومرات تشرف هي بنفسها على ذلك زيادة في الإتقان.

صراحتي:

     أمي تريد أن أحكي لها كل شيء، وأن أصارحها بكل رأي، وأنا أتمنى ذلك لأني محتاجة لمن يسمعني ويرشدني، لكن ما أن أصارحها بشيء حتى أجدها تثور في وجهي وتهدد بتبليغ أبي، فأندم على مصارحتي لها.

الخلاصة

1- عموماً نجد أن الوالدين يحتلان أهمية خاصة عند المراهقين، -كما ثبت من  بعض الأبحاث- مهما بدا أنهم يعارضانهم أو يثوران في وجههم أحيانا.

2- كما نستنتج مما سبق أن المراهقين يعدون والديهم متشددين أو متطرفين «من وجهة نظرهم» إلا أن الوالدين يسلكان على هذه النحو في محاولة منهما لحماية أبنائهم من مخاطر يريانها أكثر خطورة مما يراه الأبناء.

د.مصطفى أبوسعد

استشاري نفسي وتربوي ومدرب في مهارات التنمية الذاتية

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك