رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 15 أكتوبر، 2017 0 تعليق

فارس المنابر في الأردن- الشيـخ صـالـح طـه ( أبو إسلام ) في ذمة الله

توفي الثلاثاء الماضي 3 أكتوبر 2017، فضيلة الشيخ صالح طه (أبو إسلام)، إمام مسجد ضاحية الحاج حسن بالعاصمة عمان، والشيخ هو أحد تلاميذ الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- وكان العلامة الألباني يلازم خطبه؛ حيث كان الشيخ -رحمه الله- من المقربين للشيخ الألباني، وقد عمل خطيبًا وإمامًا بالأردن لمدة تزيد عن خمس وثلاثين سنة.

والشيخ من مواليد جمهورية مصر العربية، وقد آثر البقاء في الأردن بعد أن هاجر إليها في الثمانينات ولم يرحل إلى بلده مصر؛ لأجل الدعوة إلى الله -تعالى- وملازمته للشيخ الألباني -رحمه الله.

كان الشيخ -رحمه الله- محبًا للعلم وطلب العلم، وكنت لا تكاد تراه إلا ناصحًا ومذكرًا إخوانه وأصحابه بالخير وطلب العلم والقرب من الله والبقاء على التوحيد والسنة.

     وكان الشيخ -رحمه الله- دائما يركز على دعوة الناس للكتاب والسنة على منهج أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي آخر خطبة له -وبرغم مرضه الشديد- أثنى عليهم خيرًا ودعا المصلين للتمسك بغرزهم وهديهم وطريقتهم، وأنهى خطبته حاثًا الناس على الوحدة وعدم الفرقة والتمسك بكتاب الله وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

     كما كان الشيخ -رحمه الله- لا يفتي في المسائل العظيمة إلا بعد الرجوع  إلى أهل العلم ليستأنس بأقوالهم؛ فكان -رحمه الله- في المسائل الكبيرة يستشير لكي لا ينفرد برأي؛ وهذا من خوفه من الفتوى وتواضعه -رحمه الله تعالى.

ثناء الشيخ الموصلي عليه

وقد تحدث عنه الشيخ فتحي الموصلي بكلام رائع؛ حيث ذكر فوائد تربوية من حياته ومواقف دعوية ومن ذلك:

الإتقان في أداء رسالة المنبر

     اعتنى الشيخ -رحمه الله- بخطبة الجمعة موضوعًا واستدلالاً وأسلوبًا؛ فلم تكن خطب أبي إسلام صناعة إعلامية ولا ثرثرة كلامية ولا صراخات عاطفية؛ وإنما آيات قرآنية وأحاديث صحيحة نبوية وآثار سلفية وتقريرات شرعية.

     ربانيته في التعليم والدعوة، وقد اعتنى الشيخ -رحمه الله- بتعليم العامة والخاصة صغار العلم وكباره بسلاسل علمية وأبواب فقهية وملخصات منهجية لم يفارق فيها طريقة الكبار ومن غير التفات إلى طوال الزمان.

تعاونه مع الشيوخ والأقران

     كانت لغة: الصلح الخير، والتعاون على البر والتقوى، واجتماع الكلمة، والحرص على الأخوة، والحفاظ على المصلحة، عناوين كبيرة ومسالك عملية ظاهرة في حياة الداعية الكبير الشيخ أبي إسلام -رحمه الله تعالى- علمها من علمها وجهلها من جهلها.

صدع بالحق وتمسك بالصواب من غير مصادمة ولا منافسة

     فقد كان حريصا على التمسك بالحق الراجح الثابت، من غير غلو في الانتقاد ولا تعسف في رد الأقوال ولا التحزب للأفكار والأشخاص؛ فكان مصدر التلقي الكتاب والسنة، ومنهج التلقي الالتزام بمنهج السلف عملا ودعوة، وطريقته في العلم، إذا وقع الخلاف لا يفارق قول شيوخه الكبار، ولا يماري فيما ترجح له من الأقوال، وكثيرًا ما يكرر: هذا ما تعلمناه من شيخنا الألباني -رحمه الله تعالى-؛ فلم يتكلف الاجتهاد في موضع البيان.

معاهدته لحفظه واعتناؤه بالتحضير

لم تكن خطبه خواطر، ولا دروسه مجرد مواعظ، كان يبدأ بتحضير خطبة الجمعة من يوم السبت ويستعد لها استعداد المقاتل من فجر الجمعة، ما كان يهدأ له بال ولا يتلذذ بطعام حتى ينتهي من خطبة الجمعة.

حكيما في النوازل مراعيا لمصلحة البلاد والعباد

     لقد تعامل الشيخ أبو إسلام -رحمه الله- مع النوازل والحوادث والفتن من خلال خطبه ودروسه بحكمة وفطنة ومراعاة لجلب المصلحة ودفع المفسدة، بعيدا عن طيش أهل الأهواء وتهييج أهل الغلو والفساد، عرف حق العلماء بالتوقير والوفاء، وعرف حق الحكام بالطاعة والامتثال، وعرف حق الإخوان بالصحبة والإكرام.

لا يتكلم إلا بفنه

وكان -رحمه الله- لا يتكلم إلا بفنه، ولا يتقدم على شيوخه، ولا يتكلف ما لا يحسنه من الأعمال والإنجازات؛ فلم يأتِ بالغرائب لا في العلم ولا في الدعوة.

زيارة الشيخ عبد العظيم بدوي له

     كما كان الشيخ - رحمه الله- صديقًا مقربًا للشيخ عبد العظيم بدوي الخلفي؛ حيث عاشا سويًا بالأردن أثناء رحلة الشيخ الخلفي لطلب العلم بالأردن أكثر من عشرين عامًا في بيت واحد، وقد ضرب الشيخ عبد العظيم أروع الأمثلة في الأخوة الإيمانية؛ فقد ترك أهله ووطنه، وتجشم مشقة السفر إلى الأردن قبل أسبوع من وفاة الشيخ، ليرى صديقه وأخاه في الله لمَّا علم بمرضه، وكان لا يفارق الشيخ صالح إلا سويعات قليلة يذهب ليستريح فيها ثم يعود إليه في المستشفى، ويظل طول الوقت لا يفتر لسانه عن الذكر والدعاء لأخيه.

زيارته للكويت

     وقد زار الشيخ أبو إسلام الكويت قبل فترة بدعوة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ حيث قدم محاضرات عدة ودروساً علمية، كما استضافته جمعية إحياء التراث فرع العارضية، وقدم فيها محاضرة عامة، -رحم الله- الشيخ أبي إسلام صالح طه، وغفر له وجزاه الله خيرًا على ما قدم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك