رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 1 سبتمبر، 2015 0 تعليق

غلاء الأسعار وموقف المسلمين منها!

     غلاء الأسعار يتضرر منه المساكين والضعفاء، وُيعجز الفقراء، ويسبب مشكلات اجتماعية وضغوطا نفسية وأزمات اقتصادية، وينشأ بسببه الطمع والأنانية وحب الذات.

- فالتلاعب بالأسعار ورفعها بسبب أو من غير سبب ظاهرة مخيفة أضرت بالناس؛ ولذلك جاء التحريم النبوي لها.

ففي الحديث «لا ضرر ولا ضرار» فالمطلوب تحقيق العدل وتحريم الظلم.

- والتلاعب بالأسعار فيه غبن وغرر واستغلال حاجة المساكين وضرورة المضطرين، وكذلك رفع سعر السلعة أكثر مما تستحق ممن لا يريد شراءها ليخادع الناس؛ فقد جاء النهي عن رسولنا صلى الله عليه وسلم : «ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا».

- والتلاعب بالأسعار فيه أكل أموال الناس بالباطل ومن غير وجه حق وإرغام المستهلك دفع أموال فوق طاقته؛ للحصول على السلعة، قال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } (النساء:29).

- والتلاعب بالأسعار من خلال الاحتكار، جرم عظيم؛ حيث يتم حبس السلع عن حاجة الناس إليها لتشح من الأسواق فيغلو ثمنها، فيمنع الصيد، ويمنع الاستيراد، وتخبئ أكثر السلع فيزيد الطلب، ويقل العرض!، وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، حيث قال: «لا يحتكر إلا خاطئ» (أخرجه مسلم).

- والتلاعب بالأسعار من خلال تواطئ التجار مع بعض الموظفين دون رادع ولا وازع، يعد من الجشع؛ ولذلك جاء في الحديث «يا معشر التجار، إنكم تبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق» والتاجر الذي يرضى ويقنع بالقليل دون جشع أو طمع فقد امتدحه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : «التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء» رواه الترمذي.

- إذا اقتنع التاجر بالربح القليل ورضي به بورك له في ماله وتجارته، ويكفيه أن رسولنا صلى الله عليه وسلم دعا له فقال: «رحم الله رجلا سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى» أخرجه البخاري.

- إذا كان الغلاء بسبب تقلبات العرض والطلب امتنع الشارع عن التسعير لحديث: «إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال» أخرجه أبو داود.

فامتنع الرسول صلى الله عليه وسلم عن جبر الناس على بيع سلعهم بسعر معين بلا زيادة ولا نقصان.

- لكن إذا أساء التجار استخدام هذه الحرية، وتعسفوا، وتعدوا، وتواطؤوا، وعمدوا إلى رفع أسعار السلع بجميع أصنافها أو بعضها، بلا أسباب تستدعيه ولا عوامل تقتضيه سوى الجشع والطمع والأثرة وحب الذات واستغلال رغبة الناس في الشراء وحاجاتهم الاستهلاكية، وإيهام المشتري بأمور مفتعلة وأسباب غير حقيقية، وتصاعدت الأسعار باستمرار قراء والضعفاء جاز منع التجار من الإضرار بالناس.

قال ابن القيم: «وجماع الأمر إن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير سعر عليهم تسعير عدل لا وكس ولا شطط».

- عندما يخوض الناس في ظاهرة غلاء الأسعار يلقون التهم يمنة ويسرة، ويضعون الحلول والآراء، ولكنهم يتغافلون عن الأسباب الرئيسية لمثل هذه المحن التي تصيب الناس ومنها:

- كثرة المعاصي التي يقترفها الناس جهارا نهارا {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (الأعراف:96).

- التهاون في الكسب الحرام والإسراف، وفقدان ثقافة الاستهلاك.

- لذلك لابد من العودة الصادقة إلى الله -عزّ وجلّ- ولاسيما وقت الأزمات والشدائد والدعاء لله -تبارك وتعالى- أن يرفعها عن المسلمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك