رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 19 أكتوبر، 2015 0 تعليق

غزوة الأحزاب دروس وعبر

     يتكرر مشهد تجمع الأعداء على اختلاف مللهم وفرقهم ونحلهم لاستئصال شأفة أهل السنة والجماعة أهل الإسلام الحق، قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا }(البقرة: 217).. فها هو ذا المشهد يتكرر في فلسطين تجمع ودعم للصهاينة اليهود ضد المسلمين في سوريا تجمع الباطنية والشيوعية والشعوبية لإبادة المسلمين، وفي بورما تجمع البوذيين لإبادة المسلمين بالحرق والتعذيب وهدم منازلهم ومساجدهم!

     فهذا يذكرنا بتجمع قريش مع اليهود والمنافقين وقبائل أخرى للقضاء على المسلمين في غزوة الأحزاب (الخندق)، وتحرك جيشهم العرمرم فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم  استشار الصحابة فاتفقوا على حفر الخندق وخلال عشرين ليلة حفروا بطول خمسة آلاف ذراع وبعرض تسعة أذرع وبعمق سبعة أذرع إلى عشرة، وكان طعام الصحابة آنذاك قليلاً من الشعير يخلط بدهن متغير الرائحة، ويأكلونه رغم بشاعة طعمه ورائحته المنتنة وذلك لشدة الجوع وأحيانا يأكلون التمر القديم!

     وشارك جميع المسلمين لا فرق بين غني وفقير ومولى وأمير وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يحمل التراب حتى اغبر بطنه، ولما اعترضت الصحابة صخرة فضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم  وكبر ثلاثا، ففي الأولى قال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة، وفي الثانية لما كبر قال أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر قصر المدائن (بيض) وفي الثالثة لما كبر قال أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة.

وقال الصحابة وقتها: «هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما» بينما قال المنافقون في سخرية «ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا».

     أقول إن الذي جمعه الرسول صلى الله عليه وسلم  في الحديث «فارس، والشام، واليمن» هذه الأقاليم بها معارك وكلها تغذيها إيران وتذكيها حقدا وحسدا وحرباً مقدسة، كما قالوا وكسر شوكة المسلمين، ولم يقبل أحد الدنية في دينه فلذلك يمر على المستضعفين وقتا عصيبا مؤلما ومحزنا ولكن الله -سبحانه- له الحكمة البالغة ولا معقب لحكم وله جنود السموات والأرض ويمهل ولا يهمل وإذا أخذ العدو أخذه أخذ عزيز مقتدر {أليس الله بكاف عبده}، ويصف ربي حال الصحابة في هذه الغزوة {إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا}(الأحزاب: 10 - 11).

ولكن الله كفى المؤمنين بالقتال فهزم الأحزاب بوسيلتين:

- الأولى: تسخير نعيم بن مسعود رضي الله عنه  من غطفان ليخذل الأحزاب وأتى ابن مسعود النبي صلى الله عليه وسلم  ، وعرض عليه أن يقوم بتنفيذ أي أمر يريده، فقال له: «إنما أنت رجل واحد فينا، ولكن خذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة» رواه البخاري.

- الثانية: معجزة الرياح والبرد في ليلة مظلمة، فقلبت قدور المشركين، واقتلعت خيامهم، وأطفأت نيرانهم، ودفنت رحالهم، فنادى أبو سفيان -بعد أن ضاق بها ذرعا- الأحزاب بالرحيل.. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم  حذيفة بن اليمان أن يأتي يخبر القوم، فذهب وجاء بخبرهم أنهم عازمون على ترك ساحة المعركة والرحيل.. قال تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}(الأحزاب: 25).

     وعليها ما أحوجنا أن نتعاون ونتكاتف ونتناسى خلافاتنا؛ لأن عدونا تجمع علينا لاسئصالنا، ثم علينا بالدعاء والإلحاح على الله -تبارك وتعالى- ليرفع عنا ما نحن فيه، ونصرة المسلمين بالكلمة الطيبة والثبات على الحق وكفالة أيتامهم والحفاظ على أسرهم، والطلب من ولاة الأمر التدخل دبلوماسيا وقانونيا وبما يرونه مناسبا، وتخذيل تجمع الأعداء وتفريق كلمتهم، وقبل كل شيء حسن التوكل على الله واللجوء إليه والصبر فما بعد العسر إلا اليسر.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك