رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 23 يونيو، 2010 0 تعليق

عميد الكلية الأفريقية للدراسات الإسلامية في السنغال الدكتور أحـــــمد محمد لوح لـ(الفرقان):حملة عالمية هادفة إلى تشويه النمهج السلفي ورمية بالتهم الباطلة

 أكد عميد الكلية الأفريقية للدراسات الإسلامية في السنغال الدكتور أحمد محمد لوح أن هناك حملة عالمية هادفة إلى تشويه المنهج السلفي ورميه بالتهم الباطلة، وعدم التركيز على تربية الشباب على احترام العلماء.

وقال في حوار خاص بـ(الفرقان) أثناء زيارته للكويت: إن المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، والسياسيين عملوا على تبني مواد دستورية تقلل من قوامة الرجل على المرأة، وتجبرها على التقيد بمبادئ يعلم الجميع أنها مخالفة لتقاليدها ودينها.

ولفت الى أن الغرب قد خرج عن رشده في هذه الأيام، وعلى المسلمين المقيمين في تلك الديار أن يدركوا أن الأمر جد خطير يتطلب اليقظة وعدم الاستجابة لاستفزازات المستفزين، وأن يظهروا الصورة الإيجابية للإسلام. وبين أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- يعد إماما مجددا دعا إلى تجديد منهج السلف الصالح في مجتمع كان موبوءًا بالشرك والبدع والخرافات والظلم ، فوجد أن أفضل وسيلة لتغيير هذا الواقع هو الاعتماد على الدعوة والتعليم، فاعتمد على ذلك مجددا لمذهب السلف، ولم يأت أبدا بجديد.

- كيف تنظرون إلى الوحدة السلفية، وما رؤيتكم لجميع السلفيين في العالم؟

- بالنظر إلى المنهج السلفي القائم على ما جاء في الكتاب والسنة نجد أنه منهج واحد لا يختلف، ولا ريب أن المتبعين لهذا المنهج إن صدقوا في اعتصامهم بالكتاب والسنة فهم على أصل واحد، وهو الاعتصام بما ثبت شرعا، ونبذ ما خالف ذلك.

غير أن الخلاف قد دب في أتباع هذا المنهج في أكثر من مكان على مستوى عالمنا الإسلامي الواسع، وهذا الخلاف يرجع في معظمه إلى الأمور الآتية:

1-عدم الاهتمام لدى بعضهم بالفقه في باب الخلاف، ويتعلق الأمر هنا بعدم تقدير حجم الخلاف ونوعه، فقد يكون الخلاف خلاف تنوع لا خلاف تضاد، وقد يكون خلافا في المسائل وليس في المناهج، ومعلوم أن الأول لا مناص منه، فقد اختلف الصحابة في مسائل العلم اختلافا عظيما ولم يؤد ذلك إلى التفرق والتباغض والتدابر، أما الخلاف في المنهج فهو الذي يؤدي إلى التفرق إذا لم يعالج بالوسائل الشرعية الصحيحة.

2- الشهوة الخفية التي قد تحمل المرء على حب الرياسة والرغبة في الظهور ونحو ذلك، وتمنع المصاب بها من الالتفات إلى وجهات نظر الآخرين؛ فينظر إلى مقالاته ومقرراته كأنها عنده بمثابة ما لا يتطرق إليه الخطأ.

3- التعصب المذموم لبعض الآراء والمذاهب، ومعلوم أنه لا معصوم بعد رسول الله [.

4- عدم التركيز على تربية الشباب على احترام العلماء، وعلى الوسطية في الفكر ورحابة الصدر والرحمة بالمخالف مع الحرص على هدايته، بدل العمل على تشهيره والتنفير عنه.

5- وجود حملة عالمية هادفة إلى تشويه المنهج السلفي ورميه بالتهم الباطلة، في مقابل ضعف واضح من قبل بعض المنتمين إلى هذا المنهج في باب التحكم في ردود الأفعال.

- ما السلفية؟، وهل هي محصورة في مكان معين أو زمان معين أو عنصر معين؟ ومن السلفي؟

- للسلف ثلاثة إطلاقات:

الإطلاق الأول: المعنى اللغوي:

ويراد به كل من تقدم، فسلف الإنسان: من تقدمه بالموت من آبائه وذوي قرابته، على أي وصف كانوا.

ويدل على هذا المعنى ما رواه الشيخان عن النبي [ أنه قال لابنته فاطمة: «وَإِنِّي لا أرَى الأَجَلَ إِلا قَدِ اقْتَرَبَ فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ».

الإطلاق الثاني: المعنى التاريخي؛ إذ يراد بالسلف: القرون الثلاثة المفضلة، وهي القرون التي أشار النبي [ إلى خيريتها في قوله [ الذي رواه البخاري عن ابن مسعود: «خَيْرُ الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم».

الإطلاق الثالث: المعنى المنهجي العام؛ إذ يراد بالسلف. الصحابة والتابعون وأتباعهم إلى يوم الدين.

وفي هذا الإطلاق الشرعي العام يراد بالسلفي كل من يقتفي نهج الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان، من المتمسكين بالقرآن والسنة على فهم الصحابة رضي الله عنهم.

وبهذا نعلم أن الالتزام بالمنهج السلفي واجب على كل مسلم ومسلمة؛ لأنه منهج الإسلام نفسه وصراط الله المستقيم وحبله المتين الذي أمرنا الله عز وجل باتباعه، وليس موقفاً اجتهادياً من السلف الصالح تجوز مخالفته، كما يزعم ذلك من يزعمه.

وعلى هذا فمن جمع الوصفين: بأن كان من أهل القرون المفضلَّة، وعلى منهج الصَّحابة، فهو من السَّلف، ومن كان على منهجهم، ولم يكن من أهل القرون المفضّلة فهو سلفيّ منسوب إليهم، والمنتمون إلى هذا المنهج لا يجمعهم زمان واحد ولا مكان واحد، لكن الذي يجمعهم وصف الاعتصام بالكتاب والسنة.

- ما موقف السلفية من تعليم المرأة؟

- السلفية دعوة تلتزم الشرع فيما تأتي أو تذر، والمرأة تمثل شطر المجتمع في أي أمة، ومن أهمل عنصرها في مجال التربية والتعليم فقد أعان على تجهيلها، وبالتالي على تسليمها للمفسدين، والأصل أن كل ما يجب للذكور يجب للإناث، وما يجوز لهم يجوز لهن و لا فرق، كما يشير إلى ذلك ما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بإسناد صحيح من قوله [: «إنما النساء شقائق الرجال»؛ فلا يجوز التفريق إلا بنص يدل عليه.

غير أن لتعليم المرأة ضوابط وقيودا يجب الالتزام بها حسب الوسع والاستطاعة، وهي الشروط التي يلزمها الالتزام بها عند الخروج من بيتها؛ فلا تبرج ولا اختلاط ولا خضوعا بالقول ونحو ذلك.

- كيف يمكن التصدي لحملة ذوبان المرأة المسلمة ومحاولة إفسادها؟

- المرأة المسلمة مستهدفة بالدرجة الأولى من قبل مختلف القوى العاملة على نشر العولمة الثقافية والحضارية، وليس ذلك إلا لكونها وسيلة فعالة للتأثير في أي مجتمع خاصة على جيل الشباب الذي يمثل قلب الأمة النابض؛ ولذا تلاحظ أن أصوات المفسدين الذين يدَّعون الإصلاح أول ما تبدأ به المناداة بتحرير المرأة من القيود قاصدين التزامها بدينها، مستخدمين مناهج التعليم، والإعلام، والفن، وعرض الأزياء الفاضحة، وحتى الإعلانات التجارية، كما أن بعض المنظمات الدولية تدخل في برامجها الأممية ما يخدم هذا الهدف، فيشجعون المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني والسياسيين على تبني مواد دستورية تقلل من قوامة الرجل على المرأة، وتجبرها على التقيد بمبادئ يعلم الجميع أنها مخالفة لتقاليدها ودينها.

وإذا شئنا أن نتصدى لهذا الطوفان الماحق علينا أن نهتم بتعليم البنت منذ نعومة أظفارها، وغرس مبادئ الإسلام في قلبا، فقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي [ قال: «من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن، كنّ له سترا من النار».

ويجب أن نعمل على إيجاد برامج تربوية هادفة في البيت والمدرسة تعرف المرأة بدورها العظيم في المجتمع؛ حتى تشعر بقيمتها في التأثير، فتُقبل على المجتمع بنظرة إيجابية تتقبل الفضيلة وترفض الرذيلة.

- ما دور الأقليات المسلمة في بلاد الغرب بعد التضييق عليهم في الحجاب والمآذن؟

- أتصور أن الغرب قد خرج عن رشده في هذه الأيام، فنسوا أنهم من نادوا بحرية التدين والاعتقاد، وحرية الرأي والتعبير، وحرية العيش الكريم الخالي من المنغصات في ظل الديمقراطية والقانون، هذه الشعارات التي طالما نادوا بها قد نبذوها هذه الأيام وراء ظهورهم، والتحليل الحقيقي لما يدور في تلك الديار أنهم أحسوا بنوع من التهديد الحضاري المتمثل في قوة الإسلام وانسيابيته وموافقته للفطر السليمة؛ مما جعل الناس في كل مكان يدخلون في دين الله أفواجا، متى وجدوا من يمتثل الإسلام الحقيقي الخالي من الشوائب، ومنعهم لحجاب المرأة في المرافق الحكومية، ورفع المآذن فوق المنازل أشبه ما يكون بالنعام يدفن رأسه في الرماد وهو يظن أن سائر جسمه مدفون مستور، فهم حين أدركوا أن الإسلام في هذه البلدان أصبح حقيقة واقعة، وأن مده المتغلغل في شرايين تلك الأمم ليس له من دافع لجأوا إلى محاولة تطهير الشارع من الرموز الدالة على هذا الواقع، فمنعوا الحجاب، ومنعوا المآذن، كأنهم يقولون بلسان حالهم: مارسوا إسلامكم ولا تظهروه.

وعلى المسلمين المقيمين في تلك الديار أن يدركوا أن الأمر جد خطير يتطلب اليقظة وعدم الاستجابة لاستفزازات المستفزين، وأن يظهروا الصورة الإيجابية للإسلام وما فيه من الرحمة وحب الخير للآخرين، وأن يبتعدوا عن الممارسات الأخلاقية المخزية التي تصدر من بعض المسلمين، وهذا من شأنه أن يصد الآخرين عن الدخول في هذا الدين.

- هل نقد المسؤولين يندرج تحت قضية الحاكمية وولي الأمر؟

- المصطلح الشرعي المعروف هو النصيحة ، فـ «الدين النصيحة» كما جاء على لسان من لا ينطق عن الهوى، ومن أبجديات هذا الباب أن يعرف كل إنسان قدر نفسه ومسؤولياته، وأن يعلم أن نصيحة المسؤول الكبير الذي أمنه الناس على شيء من دينهم ودنياهم مسؤولية أهل العلم والورع، وليس لكل أحد أن يتصدى لذلك ولاسيما على المنابر ونحوها، وما شاع في الديمقراطيات الغربية مما يسمى حرية التعبير ويستخدمه الناس في بعض البلاد الإسلامية لا يخرج في معظمه عن كونه إثارة للفوضى، ونبشا لمدافن الفتن.

- هل ترى أن الفضائيات الإسلامية نجحت في تقديم البديل المتكامل؟

- لا ريب أن الفضائيات الإسلامية تقوم بدور مهم غير منكور في التعريف بالإسلام، ونشر العلم الشرعي، والأخلاق الإسلامية الفاضلة، والدفاع عن حياض السنة، والرد على المبتدعة، غير أن ما يواجه هذه القنوات من التحديات أكبر من قدراتها الحالية؛ لذا لا نستطيع أن نقول إنها نجحت في تقديم البديل.

ومما يمكن أن يقترح في هذا الصدد أنه يمكن أن تشترك جهات كثيرة في إنشاء قناة واحدة قوية وقادرة على الصمود في وجه التحديات، غنية في برامجها، تفتح صدرها لكل العلماء من أهل السنة على مستوى العالم الإسلامي، وذلك بدل أن تحاول كل جهة فتح قناتها الخاص فتظهر ضعيفة في قدراتها المادية، فقيرة في برامجها، بعيدة عن المنافسة في مجال جذب المشاهدين المتابعين لبرامجها.

- دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب أبرز دعوة في العصور المتأخرة، وقد أثير حولها العديد من الحوارات.. كيف تراها؟

- الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- إمام مجدد دعا إلى تجديد منهج السلف الصالح في مجتمع كان موبوءًا بالشرك والبدع والخرافات والظلم؛ فوجد أن أفضل وسيلة لتغيير هذا الواقع هو الاعتماد على الدعوة والتعليم، فاعتمد على ذلك مجددا لمذهب السلف ولم يأت أبدا بجديد، لكن الناس إذا ابتعدوا عن السنة حتى خفيت عليهم معالمها لم يلبثوا أن يواجهوا دعاتها بأنهم محدثون إما لمذهب جديد، وإما لدين جديد.

ومن نظر في كتب هذا الإمام أو قرأ سيرته لم يجده يقرر مسألة إلا ويذكر دليلها من القرآن أو السنة، بل تجد أن كلامه قليل، اقرأ إن شئت كتاب التوحيد له فستجد أن النصوص الشرعية تمثل جل الكتاب، على غرار ما تلقاه في مؤلفات السلف: كالإمام أحمد، والبخاري، وأبي داود، وأبي عبيد، والآجري، واللالكائي، وغيرهم رحمهم الله.

ولعل هذا هو سر انتشار دعوته وسهولتها؛ حيث أتت موافقة للفطر السليمة، خالية من التفلسف والتعقيد.

أما وجود مناوئين للدعوة فهو أمر جار على السنن الربانية، فما من دعوة تقوم على الكتاب والسنة متجردة من التعصب للآباء والمشايخ والعادات والتقاليد الفاسدة إلا وتقوم في مقابلها دعوات مناوئة تحاول عرقلة سبيلها، وصد الناس عنها بنشر الإشاعات الباطلة تنفيرا للناس عنها، لهذا تسمع من يرمي أهل السنة في كل مكان بأنهم «وهابيون» مبالغة في التلبيس لعلمهم بأن متبعي منهج السلف لا يرضون أن ينسبوا إلى ملة أو نحلة أو شخص غير صراط الله المستقيم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X