رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مشاري فيصل 16 سبتمبر، 2019 0 تعليق

علّامة الكويت الشيخ عبدالله ابن خلف الدحيان


هو الشيخ عبدالله بن خلف بن دحيان الحربي، الحنبلي، السلفي، الأثري ولد في الكويت في الثامن والعشرين من شهر شوال سنة 1292هـ الموافق 22 سبتمبر 1875م، وترعرع فيها طفلا وشابا ثم شيخا، لم يشغله شاغل عن الغوص في بحور العلم ونشره بين الناس.

     قرأ القرآن، وتعلم مبادئ الخط في مكتب أبيه -رحمه الله- الملا خلف بن دحيان وكان لأبيه مكتب يعلم فيه الصبيان القراءة والكتابة في الطريق المعروف بسكة عنزة، وفي الثانية عشرة من عمره بدأ يطلب العلم عند عالم من أجل علماء الكويت آنذاك هو: المرحوم الشيخ محمد بن عبدالله بن فارس، ولم يزل يتلقى العلم حتى وفاته عام 1326هـ، ويحضر مستمعا مجلس الشيخ مساعد بن السيد عبدالجليل، فلم يجد فرصة لتلقي العلم إلا وانتهزها على يد علماء أجلاء، ثم عكف على قراءة كتب العلم، وكان صاحب ذاكرة قوية.

وفي كل رحلة حج كان يلتقي بعلماء الدين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومع كثرة ما حصل عليه من علم كان يعلن أنه مازال في بداية الطريق.

     سافر إلى الزبير عام 1310هـ 1892م لتلقي العلم على يد الشيخ العوجان وغيره من العلماء هناك، وكان أول خطيب في المدرسة الأحمدية يوم افتتاحها، حيث شكر فيها القائمين على تأسيسها، وطلب إلى الحاضرين أن يتأسوا بمؤسسيها ويناصروا مشاريع العلم.

أوجه الإحسان في حياته

     تميز الشيخ عبدالله بن خلف بشهادة تلامذته من العلماء بحسن معاملته للناس، وكذلك في إحسانه، فقد أحسن إلى الناس بعلمه وعدله وعطفه وأحسن إليهم بالمال والطعام، كما شجع على إقامة المشروعات الخيرية وساهم فيها، وكان دائما يتفقد جيرانه، ويواسي المنكوب منهم سرا.

في مجال العلم والإرشاد

     اتفقت كلمة العلماء في عصر الشيخ عبدالله ابن خلف الدحيان على وصفهم له: «بالعالم الفاضل» وأثنوا عليه ثناء حسنا يستحقه، وظهر ذلك من خلال المراسلات العلمية والإجازات التي حصل عليها من كبار العلماء؛ فقد كانوا به عارفين، وبفضله مقرين.

لذلك فقد كان مجلسه في الكويت عامرا بالعلم والتدريس والوعظ والإرشاد في شتى العلوم، فتح الشيخ بيته ومجلسه لعامة الناس، وقد انتفع به خلق كثير وجمع وفير.

يقول الشيخ عبدالله النوري -رحمه الله-: «مجلسه ليس للقيل والقال بل للوعظ والتذكير والإرشاد، يقرأ على الناس من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ».

     ويقول الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في كتابه صفحات من تاريخ الكويت: «وكان مجلسه مدة حياته مجمعا لطلبة العلم صباحا ومساء، واستفاد منه كثير من طلبة العلم في الكويت»، وعرف الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان بغزارة علمه وحسن توجيهه، وله أياد بيض على الحياة العلمية والفكرية في الكويت؛ فقد تتلمذ على يديه أقطاب النهضة العلمية منهم: الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، والشيخ عبدالله النوري وغيرهما ممن يشهدون بالفضل له.

في مجال الأعمال الخيرية

     كان للشيخ عبدالله بن خلف دور كبير في مناصرة المشاريع الخيرية في الكويت منها: الجمعية الخيرية 1331هـ - 1913م، وكذلك المدرسة الأحمدية داعيا إلى مناصرة مثل هذه المشاريع مبينا فضل العلم في إحياء النفوس وتنوير العقول.

في مجال الإمامة

     تولى الشيخ عبدالله بن خلف الإمامة والخطابة في مسجد البدر، وهو من المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة، وكان الناس يحرصون على الصلاة فيه خلف الشيخ عبدالله بن خلف والاستماع إلى خطبه مهما بعدت المسافة بينهم وبين المسجد.

في مجال القضاء

     يقول الشيخ يوسف بن عيسى القناعي: «تولى الشيخ عبدالله بن خلف القضاء 1348هـ، وكان مثالا للعفة والنزاهة والعدل، ولم نعرف أحداً تولى القضاء، وأدى واجبه مثله، وكان توليه للقضاء بإلزام من الشيخ أحمد الجابر> لأنه لم يوجد من يماثله في العلم والصلاح آنذاك وقد استقام في القضاء محتسبا لم يأخذ أجرة عليه، وهكذا كان الشيخ عالما ورعا زاهدا مثالا للعفة والنزاهة والعدل وقدوة في كل مجالات الخير والإحسان.

 مؤلفاته

     استحوذت مصالح الناس والسعي لقضاء حوائجهم على معظم وقته، ما حرمه من التفرغ للكتابة باستثناء بعض المؤلفات منها: (ديوان الخطب الخيرية العصرية)، ويقع في 216 صفحة، و(الفتوحات الربانية في المجالس الوعظية والمسائل الفقهية) وغير ذلك.

وفاته

     انتقل الشيخ عبدالله الخلف الدحيان قبل فجر يوم الاثنين 28 رمضان 1349هـ - 1931م عن عمر لا يتجاوز سبعة وخمسين عاما وقد فزع أهل الكويت جميعا لخبر وفاته، وخرج لتشييعه كل من يستطيع السير على قدميه من شيب وشباب حتى الصبيان، وكان مشهد وداعه مهيبا، فقد عاش الشيخ في قلوبهم، وأحست كل أسرة أنها فقدت جزءا عزيزا منها، وشعر الناس بمدى خسارتهم بفقد هذا العالم العظيم، تغمده الله -تعالى- بواسع رحمته، وجعل مثواه الجنة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك