على خلفية حكومة بوذية متطرفة: هل هناك خطر وشيك على المسلمين في جمهورية سريلانكا؟!
ظهرت صورة التعصب ضد المسلمين في أعمال وحوادث كثيرةمنها الهجوم على المساجدو المدارس الدينية و استهداف مؤسسات وشركات المسلمين التجارية
سب الدين والمس بالذات الإلهية والاستهزاء بشعائر الإسلام أصبح من المظاهر الملفته
في دولة سيرلانكا
يطالبون في نشراتهم الإعلامية إزالة المساجد ومنع تجارة المواشي من المسلمين ومنع إظهار المسلمين شعائر دينهم
جمهورية سريلانكا يقطن بها أصحاب ديانات ثلاثة: البوذية والهندوسية والإسلام، و75٪ منهم بوذيون، وتصرفات الشعب البوذي بعد انتهاء الحروب الأهلية في هذه الدولة وفي ظل الحكومة البوذية المتطرفة الحالية، تنذر بخطر قادم على مسلمي هذه الدولة على غرار ما جرى لمسلمي ميانمار في الآونة الأخيرة، وهناك علاقة بين المجرمين في ميانمار والمتطرفين في جمهورية سريلانكا من حيث كونهم أصحاب ديانة واحدة، وتوجد بين بوذيي الدولتين علاقات ثقافية وتاريخية طويلة؛ مما يعطي دافعا لهم على التصرف على غرار تصرفات إخوانهم في ميانمار، والحكومة الحالية في سريلانكا تميل بشدة إلى الحفاظ على الديانة البوذية فتبذل جهودا كبيرة في إحياء المقدسات البوذية وإظهار شعائرها في طول البلاد وعرضها مع عصبية دفينة على الأقليات في الدولة وعلى المسلمين منهم بالأخص، وهذا الجو السياسي الإيجابي للمتطرفين البوذيين كان دافعا كبيرا لإظهار مظاهر التعصب الديني على الأقلية المسلمة في هذه الدولة... والوضع العالمي الهش الذي لا قيمة للدم المسلم فيه، كان أيضا مما شجع البوذيين على توسيع حملاتهم المختلفة ضد المسلمين.
ومن أهم أسباب زيادة هذا التعصب أيضا: الإحصائيات الحديثة التي أصدرتها بعض الصحف المحلية؛ حيث أثبتت أن المسلمين أكبر أقلية في الدولة بعد أن كانوا في المرتبة الثانية بين الأقليات وتفوقوا على الهندوس الذين كانوا أكبر أقلية في الدولة في السابق.
ومما يجب الإشارة إليه هنا أنه قد حدثت تغيرات وتحولات جذرية واضحة في جمهورية سريلانكا بعد انتهاء الحروب الأهلية البشعة في عام 2008 على ثلاثة محاور، وهي:
1- طبيعة الحكومة الحالية التي قضت على حركة النمور التاميل (الهندوسية).
2- طبيعة شرائح مهمة من الشعب البوذي وهم رجال دين البوذية وبوذيو الجنوب.
3- طبيعة المعارضة الحالية في الدولة.
فالحكومة الحالية قضت على الحروب الأهلية التي دامت 30 سنة تقريبا التي أكلت الأخضر واليابس في الدولة، ومع نجاح الحكومة الحالية في حروبها ضد الهندوس زاد التعصب الديني لديها اغترارا بنجاحها- الكبير حقيقة- فعزمت على إحياء شعائر الديانة البوذية ومقدساتها ونشر تعاليمها كإعلان وعلامة لانتصار البوذيين والحكومة البوذية على أصحاب الديانة الهندوسية، لكن جهودهم هذه في إحياء البوذية كانت على حساب أقليات الدولة، فأقدموا على التضييق على أصحاب الديانات الأخرى وخاصة المسلمين منهم بشتى أشكال التضييق.
أما الشعب البوذي فقد بدأ ينظر إلى الحكومة الحالية ورئيسها نظرة إعجاب غير طبيعية حتى دعوا رئيس الدولة بـ(ملك الملوك) تعظيما لدوره في ضرب الهندوس التاميل، وانضمت شرائح مهمة من الشعب إلى الحكومة في التعصب الديني لأنهم يرون انتصار الحكومة في الحروب انتصارا للديانة البوذية على الديانة الهندوسية، ولعبت مؤسسات بوذية متطرفة في إشعال حدة هذا التعصب الديني لدى الحكومة والشعب البوذي منتهزة فرصة نجاح الدولة في النزاع مع التاميل الهندوس.
هذا ويجب الإشارة هنا إلى أن الشعب السنهالي البوذي السريلانكي كان معروفاً داخل سريلانكا بالطيب والاحترام والوفاء والعدل والإنصاف عموما، وكانوا أقرب الناس إلى المسلمين بالنسبة إلى شعوب أخرى، لكن للأسف تبدو تغيرات في مواقف شرائح مهمة منهم على أثر تغيرات حدثت في الدولة بعد الحروب بسبب نشاطات حركات متطرفة.
وأما المعارضة فالله المستعان، فلا يعرف الشعب السريلانكي معارضة كهذه في تاريخ الدولة، فقد لعبت الحكومة الحالية بالمعارضة، فصارت المعارضة رمزية وأضحوكة لا أثر لها في الدولة، وصارت الحكومة الحالية حرة بكل معنى الكلمة في كثير من تصرفاتها دون رقابة عليها.
ومجموع هذه المقومات المحلية والدولية وغيرها قد شجع بدرجة كبيرة الجماعات المتطرفة التي كانت نائمة أيام الحروب على توسيع حملاتها المتطرفة ضد المسلمين... ووجود توافق ديني متعصب بين الحكومة وبين هذه الجماعات كان سببا لولادة الكثير من النواب والوزراء من رحم هذه الجماعات المتطرفة يحملون أحقادا وضغائن في نفوسهم ضد المسلمين.
فحكومة ومؤسسات ونواب ووزراء وجماعات كلها بوذية سنهالية متطرفة، وفي ظل ذوبان وضعف المعارضة فإن هذه الظروف الرسمية التي وصفناها آنفا صارت بالنسبة إلى الأقليات ظروفا مقلقة مخيفة.
وقد ظهرت صورة التعصب ضد المسلمين في أعمال وحوادث كثيرة في الآونة الأخيرة، فمنها على سبيل المثال ما يلي:
1- هجوم على المساجد: فقد هوجم مسجدان في ظل الحكومة الحالية بقيادة رجال دين البوذية وما في منطقة Dambulla ومنطقة Anuradhapura.
2- هجوم على المدارس الدينية: هوجمت مدرسة دينية في منطقة (أنورادافورام) في هذه السنة.
3- استهداف مؤسسات وشركات المسلمين التجارية، فقد دعت القوى البوذية المتطرفة لمقاطعة منتجات شركات المسلمين علنا عن طريق نشرات وبوسترات، عددوا فيها أسماء الشركات الخاصة بالمسلمين ودعوا لمقاطعتها... فيواجه التجار المسلمون في سريلانكا تهديدات كثيرة من هؤلاء المتطرفين، وهذا موضوع كبير ومعروف داخل سريلانكا وتطبق إجراءات مدروسة من قبل الحركات البوذية من أجل هذا.
4- عمل مؤسسي غير مسبوق حيث يقدمون بحوثا عن عدد السكان المسلمين في كل منطقة ومع مقارنة مع الأعوام السابقة وتكهن عن عدد المسلمين في الدولة مستقبلا ومدى خطورته على البوذيين والبوذية، وكذلك إصدار بحوث في تاريخ المسلمين في الدولة وفي العالم في الماضي والحاضر، وحاولوا في كلها تشويه صورة الإسلام والمسلمين، ومنها كتاب: (الجهاد والقاعدة) لـ(جامبيكا راناواكا) وزير الدولة للطاقة... حاول فيه رسم صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين، وله كتب ومقالات جمة في هذا الجانب... وهي غالبا جهود لتحريض باقي الشعب البوذي الصامت للنهوض ضد المسلمين. وقبل عشر سنوات تقريبا كتب هذا الرجل مقالة عن شعار الأذان في صحيفة (ديواينا) المحلية يقول فيها: إنه - أي الأذان - إذا لم يوقفه المسلمون في مساجدهم فإن الشوكة التي كان بالإمكان خلعها بالظفر نضطر أن نخلعها بالفأس» في سياق تهديد له للمسلمين، وهو الآن وزير في الدولة.
5- سب الدين الإسلامي والسخرية منه والمس حتى بالذات الإلهية والاستهزاء بشعائر المسلمين وحجاب المرأة المسلمة, كل هذا وغيره كثير قد ظهر في الآونة الأخيرة في هذه الدولة.
ما الحل؟
دائما لا تحظى مشكلات الأقليات المسلمة في العالم لا تحظى بالقدر المفروض من الاهتمام سواء من دول أو من منظمات دولية.
ثم إن هذه الحلول يمكن أن تكون واحدة أو مختلفة... لكن النتيجة تكون واحدة من الأمور التالية في الغالب حين تطبيقها:
1- نجاح الحلول المطروحة بإذن الله.
2- عدم نجاحها، بجريان الرياح بما لا تشتهي السفن... لكن بها ينتفي واجب المسؤولين أمام أمتهم وواجب المجتمع تجاه القضية.
3- لعل أن تؤتي هذه الجهود أكلها بعد حين.
وهذه هي الثلاث نتائج التي يمكن أن تنتهي إليها جهود حل هذه القضية، وكل هذه النتائج نجاح في الحقيقة وليست بفشل ما دام أنها مقرونة بجهود وإرادة حقيقية للحل من أصحابها... لكن الفشل كل الفشل أن ينام أهلها وينام مسؤولوها أو أن يتغافل أكابرها عما يحيط بهم من كيد ومكر ولا يستيقظون إلا حينما تطرق الفتن أبوابهم.
فحل هذه القضية يتطلب من الشعب المسلم في سريلانكا الوحدة فيما بينهم وإيجاد مؤسسة لتكون مرجعهم في هذه القضية يلجئون إليها ويستمعون لها، وأن تكون هذه المؤسسة معترفة بها ومقبولة لدى جميع الجماعات الإسلامية العاملة هناك والسياسيين المسلمين الذين لهم دور حقيقي في قضايا المسلمين، وهذا يتطلب من الجماعات الإسلامية هناك أن يجلسوا على طاولة الحوار ويناقشوا الأوضاع وأن يقترحوا لأمتهم مرجعا في هذه القضية وأن يكون لهم دور في تلك المؤسسة المقترحة، ومن ثم فإن هذه المؤسسة واجباتها ستكون كثيرة وكبيرة على الصعيدين السياسي والشعبي داخل الدولة بالدرجة الأولى، وهذا ليس بموضع بيانها، هذا بالنسبة إلى الحلول المحلية.
أما بالنسبة إلى الحلول الدولية فإن أي ضغط وتحذير دولي للحكومة السريلانكية من التعصب الذميم المتنامي لدى الشعب البوذي في سريلانكا، سيكون له أثر إيجابي بلا شك ولاسيما لو كان ذلك من دول عربية؛ حيث إن موقف الدول العربية كان موقف تأييد لحكومة سريلانكا في حروبها ضد الإرهابيين التاميل كما أيدتها الدول العربية أيضا وصوتت لصالحها حينما جاءت الولايات المتحدة باستفتاء ضد سريلانكا حول جرائم الحرب في عام 2012م ولا تزال حكومة سريلانكا تثمن موقف الدول العربية وتشكرها.
ثم إن آمال الشعوب المسلمة التي تعيش بوصفها أقلية بين شعوب أخرى في العالم سواء في سريلانكا أو في غيرها من الدول كبيرة جدا من الشعوب والحكومات العربية والإسلامية؛ فهم في كثير من قضاياهم يرجون من إخوانهم في الدين في العالم وقوفهم معهم واهتمامهم بهم، فيجب أن يكون هناك مرجع دولي أو إقليمي أو ما يشبه ذلك يهتم بالشعوب الأقلية المسلمة في العالم، تمثلها حكومات أو مؤسسات عربية وإسلامية، وأن تكون هناك دراسات لطبيعة مشكلات الشعوب الأقلية المسلمة في كل دولة والتفاعل مع قضاياها في إطار القوانين الدولية والأخلاقية الإنسانية، وأن يمثل هذا المرجع صوت كل شعب مسلم يعيش بوصفه أقلية في أي دولة في العالم... فإن قضايا الأقليات المسلمة في العالم مستمرة منذ أمد بعيد، وهذه الأقليات في كثير من قضاياها مظلومة من قبل حكوماتها ومن الشعوب الأغلبية بأقصى درجات الظلم، فما دام أن هناك قضايا حقيقية مستمرة لأكثر من 35٪ من السكان المسلمين الذين يعيشون في العالم بوصفهم أقلية فمن الواجب الأخلاقي والديني والإنساني أن يكون لمن تتطلع إليهم هذه الشعوب من حكومات ومؤسسات عربية وإسلامية في العالم اهتمام بهم ومساندة جدية لهم، وذلك في إطار الإمكان والقوانين ولو كان معنويا.
أما كون العالم الإسلامي والعربي لا حركة له أمام قضايا الأقليات المسلمة فإنه لا يزيد الطين إلا بلة... ولا يكون إلا تشجيعا للمجرمين على مزيد من الإجرام والفوضى في قضايا هذه الشعوب من دون نهاية، والله المستعان.
ترجمة باختصار لإحدى النشرات للبوذيين المتطرفين:
العنوان: هذه أرض بوذية:
يجب إزالة المساجد وجميع الكنائس منها
وفي المقدمة يثني صاحب النشرة على من شاركوا في هدم مصلى للمسلمين في منطقة أنورادافورام ثم يدعو إلى مزيد من هذا النوع من الأعمال ويعددها ويكتب بينها عبارات تحريضية ضد المسلمين، وهي كما يلي:
1- يجب إيقاف تجارة المواشي (البقر) للمسلمين ومنع محلات اللحوم لهم (على أساس الرحمة بالحيوانات، وهو العجيب من هؤلاء... ينادون بالرحمة بالحيوانات ولا يعرفون الرحمة بالبشر).
2- يجب منع هؤلاء القوم (أي المسلمين) من إظهار عاداتهم وثقافاتهم وشعائر دينهم في هذه الدولة البوذية من لبس الطواقي على رؤوسهم ولبس نسائهم الحجاب وتنقلهن في الشوارع مثل العفاريت.
3- هذه ليست بدولة إسلامية ولا عربية ولا يوجد فيها حكم الشريعة الإسلامية؛ فلا ينبغي للمسلمين فيها أن يظهروا شعائرهم، وإن أبوا إلا ذلك فعليهم الرحيل من هذه الدولة.
4- انظروا إلى هؤلاء المسلمين يبنون مساجد في أرضنا البوذية من غير استحياء.
5- أنتم - أيها المسلمون - الذين قتلتم شرطيا بوذيا سنهاليا (يقصد حادثة ما).
6- «.....» المترجم: أنا أتحفظ من ترجمة هذا السطر لاستعمال صاحبه كلمات بذيئة للذات الإلهية لا تصلح للترجمة. والله المستعان.
7- أيها المسلمون! استعدوا للرحيل إلى دولكم العربية، فليس لكم ماء وطعام هذا البلد.
8- نقول للمسلمين: لا حاجة لنا في أصواتكم الانتخابية، ولا تصوتوا لنا نحن البوذيين، ولتصوتوا إلى من تشاؤون من بني إخوانكم، ولتعلموا إنكم سوف تمسحون من أرضنا هذه في حروب دينية قادمة، فلا ينفعكم تكثيركم للنسل ولا كثرة ولادتكم.
9- سوف نقوم بمقاطعة منتجاتكم ومحلاتكم التجارية تماما.
10- ندعو جميع البوذيين لإيقاف عقود الزواج مع المسلمين لأي سبب كان.
النشرة المترجمة باللغة السنهالية
هذه بعض النشرات فيها عبارات تحريضية ضد المسلمين ودعوات للشعب البوذي للمشاركة في محاضرات ومؤتمرات ضد المسلمين.
ترجمة باختصار: «إنه بسبب غفلة الشعب البوذي عن التحديات عليهم وعلى ديانتهم فإنه قد بدأ انقراض الشعب البوذي السنهالي من هذه الدولة، إن المتطرفين المسلمين قد نهبوا حقوقنا في شرق البلاد (يقصد أكثرية عدد المسلمين في شرق البلاد)، ولم يتوقفوا عند ذلك بل يبذلون قصارى جهودهم في توسيع هذه الدائرة إلى البلاد بأكملها، وليس هذا فقط بل إن هؤلاء الأشرار يستهدون تجارتنا ويسلبونها منا... هذه دعوة لكم لتجتمعوا وتشاركوا في المؤتمر... سوف نصف لكم فيه من هؤلاء الأشرار، تعالوا لنحافظ على بلدنا وشعبنا وديننا».
دعوات للمشاركة في مؤتمر ضد المسلمين
لتنزيل بعض الصور المتعلقة بالموضوع من النت:
Dambulla mosque attack
www.jaffnamuslims.com
لاتوجد تعليقات