رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: جهاد العايش 3 يناير، 2019 0 تعليق

علم الجهل والتجهيل (2)

استكمالا لما بدأنا الحديث عنه عن علم الجهل والتجهيل؛ حيث قلنا إن منهج التربية الإسلامية ينبغي أن يكون متكاملاً للفرد المسلم، فيعرف فيه معاني كلام الله -تعالى-، ومعاني حديث رسول الله[، وكذلك ينبغي أن يلم بتأريخه الإسلامي، وينبغي أن يكون واعياً لما يدبّره أعداء الإسلام من كيد للمسلمين، والذين يغفلون الجانب الأخير من جوانب التربية وهو تربية الفرد المسلم على الوعي، وعلى ضرورة تتبّع مخططات أعداء الإسلام، يخسرون كثيراً؛ لأنهم سيعيشون في زاوية مظلمة لا يشعرون بما يُحاك حولهم، وهذا المعنى مهم، ورسول الله كان حريصاً على تربية أصحابه -رضوان الله عليهم- على ذلك، وكان القرآن ينزل على رسول الله مبيناً خطط المنافقين وكيد أعداء الدين؛ من هذا المنطلق فإن هذا المقال يتناول هذا الجانب وهو بعنوان علم الجهل.

3- وأما زمن انتشار الأحاديث الموضوعة فلون من ألوان انتشار التجهيل المدروس؛ ليأكلوا به ثمنا قليلا، وليروجوا بضاعتهم على لسان النبي كذبا وزورا، كقولهم في أحاديث موضوعة: «من استعنب فليستبطخ»؛ أي من أكل العنب فليأكل البطيخ، ليستكثروا من بيع البطيخ بعد كساده، وحديث موضوع آخر مروي كذبا وزورا عن النبي يمتدح فيه العدس «عَلَيْكُمْ بِالْعَدْسِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ»، «وَعَلَيْكُمْ بِالْعَدْسِ فَإِنَّهُ قُدِّسَ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا» وحديث آخر أن النبي شكى لجبريل ضعفا به فقال له جبريل «أَيْن أَنْت عَن أَكَلَ الْهَرِيسَةَ»؟

أما في زماننا المعاصر فتعقد صفقة لا يتصورها بشر لشراء تطبيق لم يكلف مؤسسيه مليون دولار إلا أن شركة الفيس بوك تتقدم بشراء الواتس آب في 19 فبراير من العام 2014 بمبلغ 19 مليار دولار أمريكي.

ليس قيمة للتطبيق بل لما يحويه من رسائل يومية وصلت إلى 27 مليار رسالة هي بمثابة كنز معلومات خطير يحمل في طياته المعلومات المكتوبة أو المصورة والصورة المتحركة والوثائق الأخرى بأنواعها.

     فالمعرفة والمعلومة قوّة وسلاح يتنافس عليه كل من يدرك أهميته، ولا تقل أهميته عن المال والعتاد العسكري؛ ولأنها و بهذه الأهمية، هناك من يحاول الاستئثار بها لنفسه، ويقاتل دونها، وينفقون لأجل الحصول عليها ملايين الدولارات؛ فلك أن تتأمل عمل مؤسسات استطلاع الرأي بوصفها أداة مهمَّة لا يستغني عنها صنَّاع القرار للتعرف من خلال الإحصاءات والاستبانات و بأنواعها على ميول اتجاهات الرأي العام حول قضية ما، أو للتَّنبُّؤ واستشراف بعض الأحداث المستقبلية.

لهذا حرصت كل القوى والدول الواعية على تأسيس هيئات (إدارة الفهم) في الأوساط السياسية.

كل ذلك من أجل التأثير على تفكير الجمهور والحصول على نتائج يستفيد منها أصحاب المصالح من خلال:

1- التحكم في المعلومات ونوعها وحجمها.

2- التحكم في المزاج العام للشعوب والعبث بمشاعرهم وعواطفهم لتمرير سياسات وقرارات مدروسة سلفا.

3- إقناع الناس أن ما لديهم من قناعات ومعلومات تم ترسيخها هي الحقيقة المطلقة التي لا محيد عنها ليصلوا إلى مرحلة التدجين المطلق والاعتقاد بأن قناعاتهم دين قويم.

أركان علم الجهل أو كيف يمارس التجهيل

بعض الأركان تم الكتابة فيه من قبل مؤسسي العلم، وبعض الأركان الأخرى تم تلمسها من الواقع بعد التأمل واستدامة النظر وبعضها كتبها قومها وهي ما ذكرها نعومي.

1- إثارة الشكوك: ضرب مصداقية المعلومات،ويكيليكس أنموذجا.

2- التخويف والتهويل.

3- مرحلة صناعة الحيرة: ومنها بعض البرامج الحوارية المتلفزة التي لا يخرج فيها منتصر.

4- تحييد التفكير:والاكتفاء بالتلقين والتعامل مع الناس وكبار السن كأنهم أطفال.

5- صنع عداء أو أعداء وهميين أو غير متقدمين في الأولوية.

6- تقديس الأشخاص: عالم، مفكر، سياسي، ممثل، إعلامي وأنه قدوة يحتذى به.

7- صناعة القوالب حتى لا تخرج عن السياق وعدم الخروج عن رأي المذهب أو تقديس الدساتير الوضعية.

8- تفريغ المحتوى من خلال تعظيم الإنجازات والمحتوى في حقيقته فارغ.

وثيقة في غاية الخطورة

     يكشف عالم الإنسانيات والألسن المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي في مقال له بعنوان: (استراتيجيات التحكّم والتوجيه العشر) وثيقة سريّة للغاية يعود تاريخها إلى عام 1979، وتمّ العثور عليها سنة 1986 عن طريق الصدفة، و عنوانها مثير للغاية (الأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة)، وهي مذكرة صاغوها بعناية للتحكّم في البشر وتدجين المجتمعات والسيطرة على المقدّرات ليسهل عليهم قيادتها، وجاءت المذكرة بالعناصر العشرة الرئيسة التالية، ننقلها باختصار:

1- استراتيجية الإلهاء والتسلية.

2- استراتيجيّة افتعال الأزمات والمشكلات وتقديم الحلول.

3- استراتيجية التدرّج لضمان قبول ما لا يمكن قبوله.

4- استراتيجية التأجيل.

5- مخاطبة الجمهور على أنّهم قصّر أو أطفال في سنّ ما قبل البلوغ.

6- مخاطبة العاطفة وقتل ملكة النقد.

7- إغراق الجمهور في الجهل والغباء.

8- تشجيع الجمهور على استحسان الرداءة.

9- تشجيع العامّة على أن تنظر بعين الرضا إلى كونها غبيّة و مبتذلة.

10- معرفة الأفراد أكثر من معرفتهم لذواتهم.

الحل

1- التمرد على الجهل وإحياء مشروع اقرأ والمهم أن ندرك جيدا ماذا نقرأ.

2- البحث عن الدليل(الوحيين الكتاب والسنة) والحقيقة وما قاربها، لا تكن إمعة إن أحسن الناس أحسنت وإن اساؤوا أسأت، وكما يسميه علماء النفس (الجهل الجمعي).

3- محاربة البدعة ومن أحياها مثل مشروع إحياء الصوفية من جديد والفرق الباطنية الأخرى.

4- إعمال العقل فيما لا نص فيه والتسليم والإذعان فيما فيه نص.

5- عدم الاستسلام لما تطبعت عليه الجماهير والحالة العامة ليست دليلا على صحة المبدأ. قال -تعالى-: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}، وقال -تعالى-: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} (116)

6- الحذر الحذر من الإعلام وعدم تمكين عقلك وعقل من كانوا تحت ولايتك له.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك