علماء الكويت أشادوا بالأمر الملكي- خادم الحرمين الشريفين يقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء
أشاد عدد من العلماء والدعاة بالأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، مطالبين جميع ولاة المسلمين بأن يسلكوا هذا المسلك؛ حتى لا يقع المسلمون في فوضى الفتاوى. وأكد الدعاة أن قصر الإفتاء على المختصين يحفظ للعلماء مكانتهم، ويقي المسلمين من الوقوع في البلبلة والحيرة في أمور دينهم، خاصة مع الفوضى التي ظهرت عبر كثير من الفضائيات وخلقت تشويشا لدى عامة الناس، ورأوا أن الأمر الملكي خطوة مطلوبة بعد أن ظهرت فتاوى كثيرة جانبها الحق وشذت عن الصواب، مؤكدين أن قرار خادم الحرمين الشريفين سيضيق الخناق على من يبغض الدين وأهله، فإلى التفاصيل:
الداعية الشيخ ناظم المسباح أشاد بالأمر الملكي بقوله: لقد جاء في محله وتوقيته خاصة بعدما انتشرت في الآونة الأخيرة فتاوى مختلفة في أمتنا الإسلامية، واصفاً هذه الخطوة بالمباركة من خادم الحرمين الشريفين لتقنين الفتوى وعدم ترك الأمور خشية من أن يقع العامة في البلبلة والفتنة ويفتح الباب على مصراعيه ويتجرأ الآخرون على الفتوى ومقامها، مشيرا إلى أنه في أغلب كتب أصول الفقه أفرد العلماء بابا في شروط الفتوى والمفتي الذي يصدر الفتاوى وكذلك شروط المستفتى حتى لا ينفتح الباب لكل من هب ودب للفتوى وحتى لا نسمح للبعض بالتقليل من هيبة ومنزلة أهل العلم في المجتمع عندما يفتح الباب لمرضى النفوس لاتباع مثل تلك الفتاوى، وذكر المسباح أن العلماء حذروا من تتبع الرخص التي قد توقع النفس في الفتن، مبيناً أن ما قام به خادم الحرمين يعد مسلكا طيبا ينبغي أن يتقيد به المسلمون عامة.
وقال المسباح: في الماضي كان الخلاف محصورا بين أهل العلم وأهل الاختصاص، والذين يفتون في الفضائيات يتكلمون دون أن يفقهوا ما يقولون وهذا خطأ خاصة في فتوى إباحة التدخين فهذه فتوى شاذة ومخالفة للمجامع الفقهية ونحذر منها، مضيفا: أهل العلم أفردوا باباً للفتوى وبينوا شروطه وما يجب أن يتحلى به وينبغي على الدولة أن تعين أناسا مشهودا لهم بالأمانة والنزاهة والقبول، كما دعا المسلم لأن يأخذ دينه ممن يثق بعلمه وتقواه، مشيرا إلى أن المجامع الفقهية لم تتوصل إلى حسم مسألة الاختلاف حول رؤية هلال رمضان، ويوجد في وزارة الأوقاف لجنة مختصة بإصدار الفتاوى من قبل مجموعة من أهل العلم.
وشدد المسباح على ضرورة الالتزام بفتواها كما حدث في المملكة العربية السعودية في الالتزام بفتوى هيئة كبار العلماء ومحاسبة من يتجاهلها ويفتي على مزاجه.
وأضاف المسباح أن هناك فتاوى يقصد منها التشويش على الناس إضافة إلى أن ذلك يعمل على اهتزاز ثقة الناس في أهل العلم وبالتالي الوقوع في الكثير من الأمور، فبعض الناس يبحثون عن الأسهل في الفتاوى ويسلكونها، ولابد لأهل العلم من ملاحظة هذه القضية والتحذير من وقوع البعض في الآراء الشاذة تجاه هذه الفتاوى.
النجدي: شروط الاجتهاد
أما د.محمد النجدي فأوضح أنه لا شك أن الحاجة إلى العلم في كل وقت وحين أشد من حاجة الإنسان للطعام والشراب، والحاجة إلى الفتوى أيضا شديدة ولا تقل عن طلب العلم، ونفعها للأمة عظيم، وتبصيرهم بأمور دينهم، ونحن نرى الإقبال الشديد على السؤال والاستفتاء، وهذا يعكس يقظة في المجتمعات المسلمة اليوم، ومحاولة لتحري الحلال والحرام.
وتابع قوله: إنه له بعض الوقفات في ضوابط الفتوى:
- الوقفة الأولى: أن فضل الفتيا ومنزلتها في الدين عظيمة، فالفتيا أمر تولاه الله سبحانه بنفسه، كما في قوله تعالى: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن}، وقام به الأنبياء عليهم السلام، ثم العلماء من بعدهم وهي توقيع من رب العالمين، وقد مارس الصحابة رضوان الله عليهم الفتوى في حضرة النبي[ وبإذنه وعلمه، فربما أقر، وربما صحح، أو عدل.
ولاشك أن أهل الإفتاء هم صفوة الورى ومصابيح الدجى، فقد قال الشافعي: «إن لم يكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما لله ولي» والفتيا أعظم خطرا من القضاء؛ ذلك أن الفتيا تصبح شريعة عامة لدى المستفتي وغيره، بخلاف القاضي الذي يقتصر قضاؤه على محل الخصومة؛ ولذلك فقد جاء الوعيد لمن أفتى بغير علم، ولا شك أن من أفتى بخلاف الحق فالمصيبة أعظم.
- وأما الوقفة الثانية: فهي فيمن يملك حق الفتيا، وذلك أن للفتيا أثرها البالغ على الأمة؛ ولذا تقلدها العلماء والفقهاء، وهي من الأمانة العظيمة وهو بلا شك تشريف يقابله تكليف، بل جملة تكاليف، وتنشأ عنه مسؤوليات جسيمة، وأعباء ثقيلة، لا يعين عليها إلا الله عز وجل، ولا شك أن هناك شروطا يجب أن تتوافر فيمن يتصدى لهذه المهمة، وهذه الشروط هي شروط الاجتهاد لأن المفتي هو المجتهد.
شروط الاجتهاد
وتابع: إن شروط الاجتهاد هي الإحاطة بمدارك الشريعة والفهم لمقاصدها، بأن يكون المفتي على قدر كبير من العلم بالإسلام، والإحاطة بأدلة الأحكام، العلم بكتاب الله وبالسنة النبوية، وبأصول الفقه، والدراية بعلوم العربية، مع البصيرة والمعرفة بالحياة والناس، بالإضافة إلى ملكة الفقه والاستنباط.
- أما الوقفة الثالثة فهي الضوابط المتعلقة بالمفتي ومنها: النية الصالحة والبعد، عن الأغراض والمصالح الشخصية والبعد عن الأهواء والبدع والحذر من تتبع الرخص والشاذ من الأقوال والفتاوى، والفتيا المباشرة إنما تشرع بضوابطها، ويتعين على المفتي ألا يتجاوز موقعه العلمي من الفتيا، وغير ذلك مما هو مذكور في مظانه.
الحاي: قرار حكيم
وأما الشيخ حاي الحاي فشكر الأمر الملكي الذي رأى فيه قرارا حكيما يدل على حرص عظيم على نبذ كل ما يفرق وحدة المسلمين ويمزق قوتهم ويشتت أمرهم، لافتا إلى أن من أخطر الفتن انتشار الشبهات في الأمة الإسلامية؛ فإنها قد تدخل في قلب المسلم من حيث لا يشعر بسبب تزيين أهل الباطل لها.
وأضاف أنه لا يمكن للناس معرفة وإبطال هذه الشبهات إلا عن طريق العلماء الراسخين في العلم الذين ورثوا العلم عن نبينا محمد[ والذين لا يفتون الناس إلا ببعد نظر ومعرفة المصالح والمفاسد، والذين يعرفون متى يتكلمون ومتى يسكتون، قال تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}، مشيرا إلى أن من الضروري معرفة مكانة هؤلاء العلماء وحمايتهم من قبل ولاة الأمر حتى نحمي الناس من الشبهات وممن يثيرها.
الشطي: إنصاف للعلماء
وأما د.بسام الشطي فشكر أيضا هذا الأمر الملكي الذي رأى فيه إنصافا للعلماء وإعطاءهم دورهم الحقيقي ومسؤوليتهم أمام ربهم، ووقف الدخلاء ووضع حد لإعلام الإثارة ورفع اللبس على العوام في أهل الحل والعقد، وتابع أن هذا الأمر من مسؤولية الحاكم.
لاتوجد تعليقات