عقائد باطلة عند الأمم المتخلفة
ومثل ذلك قبيلة (جوييس) الأفريقية التي تجبر العروس على ثقب لسانها ليلة زفافها؛ حتى لا تكون ثرثارة ويمل منها زوجها، وبعد ثقب اللسان يتم وضع خاتم الخطبة فيه ليتدلى منه خيط طويل يمسك الزوج بطرفه، فإذا ما ثرثرت الزوجة وأزعجت زوجها يكفيه بشدة واحدة من هذا الخيط أن يضع حدا لثرثرتها وكثرة كلامها، ويعتقدون أن ذلك يقلل الطلاق وتعيش الأسرة بسببه في سعادة.
وهناك اعتقادات تقضي بتعذيب الإنسان جسمه وإذلاله مرة خلال الأسبوع حتى يعيش في سعادة، وأناس يعتقدون برفة العين اليسرى، التي بها يتوقعون خبراً سيئاً ورفة الرجل تجلب السوء، وقشر البيض يجلب النكد، ورؤية الغراب أو البومة يؤذن خبر موت أحد الأحباب.
وعند اليابانيين اعتقاد أنه إذا نام الشخص أو استرخى بعد تناول الطعام مباشرة سيتحول إلى بقرة!، وما أكثر الاعتقادات الباطلة في تاريخ الأمم.
إن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به عز وجل، والتشاؤم سببه وساوس الشيطان؛ حتى يفسد على الإنسان دينه وينكد عليه عيشه ويعيش في خوف وضيق صدر مستمر؛ فيتولد عنده الهم ويحترق قلبه حقدا وحسدا؛ ولذلك جاء في الحديث: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا».
ولو تدبر صاحب التشاؤم قول الله عز وجل: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، فإنه سيتأمل بهدوء سبب إخفاقه وسيعوض ما خسره بالتوكل والجد والنشاط، ويكون أبعد الناس عن العزلة والانطواء ولن يكون عبدا للخزعبلات والخرافات، وقد قال ابن القيم عن هذا التشاؤم: «فقد قرع باب الشرك، بل ولجه وبرئ من التوكل على الله، وفتح على نفسه باب الخوف والتعلق بغير الله؛ فهذا يفسد عليه قلبه وإيمانه».
< ولعلاج التشاؤم الذي يصيب بعض الناس لابد من اتباع الآتي:
الاعتقاد أن الخير والشر بيد الله عز وجل: {قل كل من عند الله}، والاعتقاد أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وملازمة الدعاء الآتي: «اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك»، «اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يذهب بالسيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا به».
وإغلاق باب الشر؛ لأنه باب الشيطان يخوف أولياءه ويعظم شأنه ويرسل جنوده من الإنس والجن، قال الماوردي: «ينبغي لمن مُني بالتطير أن يصرف عن نفسه دواعي الخيبة وذرائع الحرمان، ولا يجعل للشيطان سلطانا في نقض عزائمه، ومعارضة خالقه، ويعلم أن فضل تعالى عليه غالب، وأن رزقه له طالب، إلا أن الحركة سبب، فلا يثنيه عنها ما لا يضر مخلوقا ولا يدفع مقدورا، وليمض في عزائمه واثقا بالله تعالى إن أعطى وراضيا إن منع».
فليفرح المؤمن بقضاء الله وقدره، ويعلم أن الدنيا مجموعة في حديث: «من أصبح منكم معافى في جسده، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».
فلا تجعل الدنيا أكبر همك، ولا تنظر إلى من هو فوقك في أمور الدنيا، ولا تغفل عن ذكر الله تعالى.
وأختم، بما ذكره معاوية بن الحكم السلمي سائلا رسولنا [: يا رسول الله ومنا أناس يتطيرون، فقال: «ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنّه» فأخبره أن تأذيه وتشاؤمه بالتطير إنما هو في نفسه وعقيدته، لا في المتطير به؛ فوهمه وخوفه وإشراكه هو الذي يطيره ويصده، لا ما رآه وسمعه.
لاتوجد تعليقات