عدم اليأس
من ينظر إلى الواقع النازف الممزق للأشلاء والنكبات المتلاحقة والأزمات المتتالية والحروب الطاحنة والإبادات الحارقة والهجمات الغاشمة من أعداء تجمعوا من كل حدب وصوب لاستئصال شأفة أهل السنة والجماعة؛ يرى بصيص أمل ونور بعد الظلام لوعد الله -عز وجل- ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم بالعاقبة للمتقين والنصر للمؤمنين، فلما اشتدت الأزمة، وزاد الاضطهاد، وكثرت صور العذاب والبلاء سأل خباب بن الأرت النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو بالنصر فقال: «والله ليتمن الله هذا الأمر -أي الدين- حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون»، وكان ذلك في وقت تنزف جراحات الصحابة وهم مطاردون في مكة، قال تعالى: {إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنالكَ ابْتُليَ الْمُؤْمنُونَ وَزُلْزلُوا زلْزالًا شَديدًا} (الأحزاب:10-11)؛ فالتربص بهذه الأمة أمر ليس بالجديد، بل هو قديم منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فالمنافقون كانوا يمكرون في الداخل والكافرون من الخارج، ولكن حينما يصل مكرهم أعلاه يأتي أمر الله تبارك وتعالى، قال تعالى: {قُلِ اللهمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ أنك عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(آل عمران: 26).
ومعلوم أن أشد الناس بلاء الأنبياء فالأمثل فالأمثل، ويحدث ذلك ليميز الله الخبيث من الطيب، فعلينا أن نحسن الظن بالله ونكثر من الدعاء والاستغفار والعبادة، ونطهر القلوب من كل شرك ومعصية، ونبتعد عن الإحباط واليأس.
فالنصر والعز والاستخلاف والتمكين لا تتحقق إلا إذا رجعنا إلى ديننا بصدق وإخلاص، قال تعالى: {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}.
ولا شك أن العدو يتألم ويتحسر في حربه لأهل الإسلام،قال تعالى: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما}(النساء: 104)، وقال عز وجل: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس}(آل عمران: 140).
وهناك سنة التدافع بين أهل الحق وأهل الباطل، قال تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدم صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}(الحج: 40)، فمهما انتفخ الباطل وانتفش فإنه زاهق ومنزو.
فلا بد أن نكون على يقين بوعد الله لهذه الأمة بالنصر والتمكين مهما ألم بها من محن وابتلاءات.
لاتوجد تعليقات