رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 15 مايو، 2013 0 تعليق

عددهم تجاوز 12 مليوناً- المسلمون في البلقان بين آثار الماضي وتحديات المستقبل

بدعوة كريمة من لجنة أوروبا والأمريكية التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي لحضور مؤتمر ودورات وإلقاء محاضرات في بعض مساجد دول البلقان (ألبانيا، كوسوفا، مقدونيا، الجبل الأسود، صربيا، البوسنة والهرسك)، ويقدر عدد المسلمين فيها إلى 12 مليون نسمة؛ قمنا بحضور مؤتمر، وعمل محاضرات داخل المساجد والمراكز، الالتقاء بالمشايخ والعلماء وبعض السفراء.

     ففي البوسنة والهرسك300 نهر و100 بحيرة، فضلاً عن الطبيعة الخلابة، والجبال المغطاة بالثلوج، والجو الجميل الهادئ، وكذلك في كل دول البلقان، والتقيت مع سعادة السفير نجيب البدر في (تيرانا) عاصمة (ألبانيا) ومعه الشابان المتميزان علي أنور الشطي، وفيصل البكر، وهما طاقات إبداعية، وقد أثنى كثيرا على العمل الخيري الذي تقدمه جمعية إحياء التراث الإسلامي، ودورها مع ممثلها الشيخ عبدالصمد الألباني، وقد طالب سعادة السفير بإرسال مصاحف باللغة العربية وباللغة الألبانية، وإنشاء مركز لتعليم اللغة العربية مع الجامعة الألبانية بالتعاون مع وزارة الأوقاف، وإنشاء مدارس دينية، وإنشاء مساجد في القرى والأقاليم البعيدة، وليس فقط في العواصم.

     كما أن البطالة وجدتها في دول البلقان «تفوق الوصف، وهي تتراوح من50 إلى 70 بالمئة؛ وواضح الفقر الذي أصابهم بعد الحروب المدمرة، وأثر الشيوعية الإجرامية الجاثمة على صدورهم قرابة 80 سنة، التي هدمت 1700 مسجد، وقتلت العلماء، وشردت طلبة العلم، وحرقت مئات الكتب والمخطوطات، وهدمت مدارس القرآن، واستولت على عشرات الهكتارات من الأراضي، وحولتها إلى أماكن للدعاة، أو معاهد للموسيقى، أو معاهد للرقص، أو مسارح، أو بنوك ربوية، أو صالات للقمار، أو مراكز لبيع الخمر، وسامت المسلمين سوء العذاب، والعجب أن الشيوعية لم تمس كنائس الصرب الأرثوذكس، أو معابد اليهود، وطريقة التسوية كانت سيئة جداً، فمثلاً في البوسنة - وغالبية سكانها من المسلمين؛ حيث يصل عدد السكان أربعة ملايين ونصف - يعانون البطالة بنسبة 63 بالمئة، جلسنا مع رئيس المشيخة الشيخ نعيم، وقال إن وفداً رفيع المستوى برئاسة وزير التعليم في إيران طلب منه السماح له بإنشاء مدارس مقابل أن يعطي للمشيخة 20 مليون يورو، ومبالغ لشخصه إن وافق، ولكن الشيخ نعيم رفض رفضا قاطعاً هذه العروض.

     وطالب الشيخ نعيم الدول الإسلامية بدعمه؛ لإنشاء مقر دائم للمشيخة، ولبناء المدارس، والمساجد، وطباعة الكتب؛ لتوزيعها في المدارس ضمن المناهج التعليمية لجميع المراحل، ودعم رواتب الأئمة، والخطباء، وصيانة المساجد، وإرسال مصاحف باللغة العربية، واللغة الألبانية، ورعاية الأيتام، والأرامل، وإنشاء مراكز صحية للمرضى.

     طلبة العلم في أمس الحاجة إلى التواصل معهم والاهتمام بهم، من خلال  الكفالة ومشروع كيفية فتح العلاقات مع الآخرين، وإيجاد التعاون بينهم، والاستفادة من خبراتهم في الترجمة، وإرسالهم إلى مناطق لإقامة الدروس، والخطب، وبرامج تلفزية.

     الشيخ إدريس الألباني عمره زاد على الثمانين عاما،ً تعلم اللغة العربية سرا،ً أثناء الزمن الشيوعي، وسجن في دينه، إلا أنه مازال يستذكر أهمية التمسك والثبات على الدين. وكان يزوره الشيخ عبدالقادر الأراؤوط، ويقول له: أهم شيء العقيدة، والاتباع، والتزكية، والتواصل مع الناس، والإجابة عن أسئلتهم. وقال: الشيوعية هدمت أكثر من 1700 مسجد على يد المجرم أنور خوجه، وقتلت أكثر من 500 داعية، وحرقت مكتبات ودور  قرآن، وهجّرت أكثر من 3 ملايين شخص، وشرعت قوانين ضد الإسلام خلال حقبتها السيئة، وعذب المذكور أكثر من نصف مليون مسلم، وأفسد ولم يصلح ، وأساء إلى المشيخة؛ حيث أدخل مفسدين شوهوا صورة الملتزم والعالم.

- وجدت أن الأطفال الذين تجاوزوا 16 ربيعا لم (يختنوا)؛ والسبب الفقر، فحبذا لو فتح مشروع (للختان) تعاونا معهم ليكون الختان في سن مبكرة.

- ووجدت حاجتهم لتعلم اللغة العربية، وإلى تعلم القرآن العظيم، والسنة المطهرة، وإدخال المناهج في مدارسهم بدلا من عزلها، وإصدار قوانين للسماح بالحجاب الشرعي.

- وجدت أن المسلمين تأثروا في مقابرهم بالنصارى من حيث وضع الرخام، ورفع القبور، والأضرحة، ولم يعرفوا الأداب العامة في التعامل مع الأموات.

- وجدت أن الشيوعية أثرت على بعضهم؛ حيث عدم البحث عن العمل؛لأن الشيوعية تدعو إلى الكسل والبلادة، ولذلك انتشرت البطالة عندهم انتشاراً كبيراً جداً.

- أعجبني مبنى المكتبة المركزية، ولكنها بحاجة لأمهات الكتب الإسلامية، وبجوارها مبنى لكنيسة صربية، بناها الصرب أثناء الحرب في (تيرانا) عاصمة (ألبانيا)، وعندما توقفت الحرب، هربوا، وبقيت معلما في وسط المدينة، رغم أن عدد النصارى لم يتجاوز المئة، ويزيد قليلا، وقامت الدولة الأوروبية بطلب حماية المبنى وعدم التعرض له.

- والحاجة ماسة لبناء مراكز صحية؛ لرعاية الأيتام والمرضى الذين مازالوا يعانون نفسيا، وجسديا، وبعضهم من أثار الحروب بترت أطرافه، وقد أبدى وزير الصحة تعاونه مع من يريد أن يأتي من الكويت (أطباء وجراحون)، للقيام بعمليات، وهذا من باب التعاون.

- مجموعة من المشايخ الذين التقيت بهم يودون لو أن الكويت تبنت مشروع بناء مسجد الدولة الكبير في وسط عواصم دول البلقان، وهذا سيكون معلما بارزا، ولن تنسى تلك الدول الكويت وأياديها البيض في دعم العمل الخيري الإسلامي في تلك الدول.

- هناك فساد إداري ومالي كبير؛ فقد تفشت الرشوة والنصب والاحتيال بشكل ملفت للنظر، ولذلك يجب أن يتعاون الجميع مع السفارة والمحامين لضمان الحقوق.

- سياسة الكويت الخارجية كانت صاحبة الأثر الكبير في احترام المواطنين، وتسخير كافة الإمكانات من أجلهم، منذ نزولهم في المطار، والفنادق، والشوارع، وعندما يرون المواطنين يشكرونهم ويقومون بتصويرهم. حتى الطفل الصغير عندما يرى اللباس الخليجي يقول (خوجة) يعني الشيخ.

- هناك مخطوطات، ولكنها قليلة، تحتاج إلى رعاية وعناية، ولاسيما المصاحف القديمة الأثرية، لابد من العناية بدعوة المرأة المسلمة؛ لأنها عصب الحياة، وقد أوصى النبي بها خيرا؛ ففي صلاح المرأة صلاح الأسرة بكاملها. وضرورة الاهتمام بطلاب الجامعة؛ لأنهم رافد قوي للدعوة والاستقامة، ولهم أثر كبير على الأفراد، والشباب، والأجيال القادمة.

- الأيتام كثيرون، والأرامل أكثر، وهم بحاجة إلى كفالة، وعناية، ورعاية، ولذلك تذكرت الحديث: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» وأيضا: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله».

- الألبان فيهم خير ورأيت أن هناك نهضة عمرانية هائلة، وتعاوناً لإعادة بناء المساجد، والحرص على الالتزام، فأكثر دولة فيها التزام هي الجبل الأسود، رغم أن عدد السكان فيها 630 ألفا. ونسبة المسلمين حسب ما يقال 35 بالمئة، ومع ذلك نراهم قمة في الالتزام.. ونرى الدعم والتعاون في الحفاظ على الأسرة، ولملمة الفقراء والمساكين، ولكن كل حسب ا ستطاعته.

- وجدت أن هناك احتقاناً للعوائل السورية التي هجرت، وقاموا بإسكانهم بالمجاني وتوفير وجبة كل يوم رغم ظروفهم المتدنية.

- أعجبت بمنطقة الشيخ العلامة محمل ناصر الدين الألباني (اشكودرا)، ورأيت مساجد أقيمت بها، من تاجر ألباني (سعد فشطة)، ومتبرع من عائلة الزاحم، ومساجد أخرى أقيمت، وبها أول تجمع للمسلمين في المسجد الرصاصي في وسط البحر بعد سقوط الشيوعية. وقد أعطاهم الله عز وجل جمال الطبيعة من أنهار، وجو، وجبال، وتجد أن ذلك واضح على الناس. وبالمناسبة هي أكثر منطقة تستعمل الدراجات الهوائية.

- وزارة الأوقاف تستطيع أن ترسل مصاحف باللغة العربية، واللغة الألبانية وتفتح مركزا لتعليم اللغة العربية، وترسل كتباً للصغار، مثل الأذكار وتعليم اللغة العربية، وتعليم التجويد، وترسل الموسوعة الفقهية لطلبة العلم، وتتعاون في فتح حلقات تحفيظ القرآن، ودعم مشروع كفالة الدعاة؛ للقيام بواجبهم، وإنشاء مكتبات في كل مدينة كبرى.

- يتساءلون عن عدم اعتراف دول الربيع العربي بهم؟ ويشكرون دول مجلس التعاون الذين اعترفوا بهم، ووقفوا معهم، وآزروهم، وساندوهم، ورفعوا عنهم الظلم والمعاناة، ويتساءلون لماذا لم يزرهم حتى الآن مسؤول رفيع المستوى، رغم أن الدول الأوروبية لاتخلو من زيارتهم يومياً؟ ويعتقدون أن الدول التي لم تعترف  تخاف الاتحاد السوفيتي ومصالحه.

     فأول دولة اعترفت بهم الإمارات، ثم أفغانستان، ثم أمريكا، ومعظم الدول الأوروبية، وتركيا، وباكستان، ثم دول الخليج العربية، وهم بانتظار باقي الدول الإسلامية.

نسأل الله التوفيق والسداد للجميع والحمدلله رب العالمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك